آفاق التدخل الأمريكي في سوريا والمسألة الكردية

komari
0



بقلم: محمد عيسى
خاص: الجيوستراتيجي للدراسات

حول المقال الذي يتناول آفاق التدخل الامريكي في سوريا، والمعد من قبل المنتدى الثقافي الوطني في حلب. لا بد من الاشارة إلى ان المقال يقدم رصدا دقيقا لا يغفل التفاصيل لجوانب هذا التدخل وذلك عبر تشخيص وتحليل يتناول جميع محطاته، وهو اذ يجمع في النهاية على عدم الوضوح في التوجهات الامريكية حول مستقبل سوريا، فإنه يخلص إلى استنتاجات بعضها يذهب بعيدا في تشاؤمه وخاصة في ما يتصل بمستقبل المسألة الكردية، حين يقطع في القول: " أنه لا أحد من الأطراف الدولية او الإقليمية يتساهل حتى من باب التوصيف مع الحقوق الكردية". وهو إذا كان قد اعتمد أي المقال في قراءته إلى خيبات متتالية في الواقع الإقليمي لنضالات الحركات الكردية وطموحاتها  في الحصول على حق تقرير المصير، أسوة  بباقي شعوب الأرض. وبالنظر لقفل دائرة العداء الجيوسياسية ضد عنق حركة التحرر الكردية من قبل دول الإقليم في كل من تركيا وإيران والعراق وسوريا، فإنه يتبنى معادلة أقرب إلى اليأس في أفق ومستقبل القضية الكردية، حين يضع  الاطراف  الدولية في صف دول الإقليم في التعامل مع المسألة.
وليس ذلك وحسب، بل ان وضع القوى الفاعلة في رسم التطورات الدولية على نفس سكة دول الإقليم في مقارنتها للمسألة الكردية لا تسنده الوقائع ولا يتفق مع الأولويات في سلم اهتمامات البشرية المتحضرة في سعيها لكبح جماح الإرهاب.هذا الإرهاب الذي بات جله ينتج في مفقسة الإقليم وتحضنه وترعاه بشكل رئيسي الدول ذات النظم الاسلاموية والقومجية آنفة الذكر، الأمر الذي يفرض بدهية مختلفة والذي بدوره  يحتم أن ينصب اهتمام الدول الكبرى باتجاه آخر، وتبني سياسات متصادمة مع هذه النظم ما قد يرقى إلى تغيير عميق في سياساتها واطقم الحكم فيها.
الانطلاقة من هذا التصور " إن الإرهاب منتوج محلي ترتبه متلازمة الأنظمة الشمولية الاستبدادية وتعبئة القوى القومية والإسلامية، فإن من المنطقي إذ ذاك ان يتجه الاهتمام وأن يجري التركيز على النقيض السياسي والفكري لهذه البضاعة من الدول والايديولوجيات". وعلى هذا النحو  تبرز أهمية القوى العلمانية والديمقراطية كعدو حيوي لمرتكزات الإرهاب وحواضنه وتاتي الحركات الكردية ذات الصلة في موقع الصدارة لتحقيق ذلك .

وهنا في محاولة التقصي الدقيق لحقيقة الموقف الدولي من هذه المسألة تبرز ظاهرتان، الأولى : تقاعس المجتمع الدولي، ما فيه إسرائيل حيال الإعتراف بنتائج إستفتاء كردستان العراق، في مؤشر على ان الدول الكبرى لم تعد تؤيد وبخلاف ما كان سائدا " فكرة الدولة القومية للكرد" إنما تتواتر زيارات الوفود البرلمانية الغربية إلى عين عيسى ويتسابق الروس والأمريكان على كسب ود فريق الإدارة الذاتية. وكما الدعوات إلى البيت الأبيض والكونغرس لالهام أحمد والقائد مظلوم كوباني ، لكونهما يرمزان إلى مشروع آخر، والثانية تأخر الروس والأمريكان في التساهل مع فكرة المنطقة الآمنة التي ما انفك اردغان يدعو إليها منذ سنوات ، والتي ربما تكون قد ارتبطت ينضج  قد يكون حصل في معادلات الصراع على سوريا.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار ان مدرستان تتنافسان على استقطاب الشارع الكردي ، الأولى كلاسيكية وصاحبة مشروع قومي وأقامت نموذجها في كردستان العراق وتتعايش مع نظم المنطقة بل تصل علاقتها مع الأتراك إلى حد الصداقة. والثانية مدرسة حداثوية ذات أجندة ديموقراطية ثورية تحمل هماً اجتماعياً ولها جذور ماركسية معدلة، نموذجها برامج من مثيل حزب اتحاد الشعوب الديمقراطية في تركيا، ونموذج مجلس سوريا الديمقراطية في سوريا. وليس خافيا ان السياسة التركية لا تتحمل حتى رئيسا لبلدية من طرازها " وتسعى مع غيرها من الدول لوأدها ".
ولأن حركات النضال الكردية هي الأكثر تمرسا والأكثر تجذرا في تبني العلمنة والديمقراطية كقضية وكنهج تسعى إلى تكريسه في حياة المجتمع، فمن الطبيعي وخاصة بعد نجاح أدائها في دحر داعش ان نتوقع أن تكون هي بالذات من سيملأ الفراغ الذي سيحدثه أفول الاسلام السياسي، بعد هزيمته الأخلاقية التي أصبحت واقعا، وهذه النقطة بالذات او عندها مربط الفرس.
وبناءً عليها يصبح سهلا ان نستنتج أن الكرد لن يسمح لهم ببناء دولة قومية في جغرافيا محددة ومعزولة. وتصبح شماعة لتبرير وجود واستمرار الدول القومجية والإسلامية المتخلفة المحيطة بها، أو تصبح كما هي إسرائيل ملهاة أخرى لمائة عام قادمة. بل الأجدر لمصلحة العالم ومصلحة شعوب المنطقة ان تكون طاقة التحرر الكردية عامل تثوير لشعوب الدول المجاورة ومن ثم تلعب او تتركز نضالاتها باتجاه تقويض نموذج الدولة المحيطة وليس تسويق نمطها، وكل ذلك عبر تبني برنامج الدولة الديمقراطية، العلمانية واللامركزية المنشغلة بهموم شعوبها الحقيقية  في تحقيق التنمية والعدالة والتحضر ....... يتبع

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!