الوحدة الكردية تهديد أم وعد؟

آدمن الموقع
0

ﻻشك بان اتفاق الحركات والاحزاب الكردية الرئيسية في سوريا، على مهام مشتركة تخص المسالة الكردية بشكل اولي ومن ثم تتصل بشكل كبير بالوضع السوري وماﻻته اللاحقة، يعد محطة مفصلية بالغة الأهمية فيما تحمله من معاني وفيما تصنعه من معادﻻت مستجدة ستترك اثرا على مستقبل الاكراد ومستقبل السوريين بل وشعوب المنطقة قاطبة. واذا كان هذا الحدث قد احيط بسيل من الشكوك والمخاوف عند نفر مهم من انتلجنييا النسيج السوري متعدد الاطياف والاعراق، فلأن هذه الفئات والنخب مسكونة في وعيها الجمعي بمفاعيل قيم قومية مريضة، وأخرى أيديولوجية اشد اعتدالاً. فمصيبة حركة التحرر الكردية بشقها القومي وببعدها الاجتماعي، انها قد فرض عليها واقعا جيوسياسيا فائق السوء على طالعها. اﻻول والاخطر هو اﻻسلام الذي فرض عليها اوتحت يافطته تقديم تنازﻻت واهدار حقوق عديدة. والثاني التهامها كقطعة الجبن من قبل اكلة قومجيين على ضفافها.
ومن هذا المنظور فسيكون بديهياً أن تتخوف الاطراف القومية في نطاق الجغرافيا السورية وكذلك حملة المشاريع الاسلامية مما يخبئه لها هذا التطور من تحديات وهواجس وربما كوابيس، وهذا نفسه مايحصل مع القاتل او السارق او المتجني حين تصحو ضحيته. 
ووفقا لهذا اﻻعتبار فلا بد إن الوحدة الكرديّة ستندرج ضمن قائمة التهديدات لقوى الاستلاب العرقي والفكري ثم الطبقي الاجتماعي في بلادنا، ثم في عموم الدول المجاورة. لكن كل ذلك ﻻ يشكل الاعتبار الوحيد والفكرة الواحدة، التي يمكن ان تنتج عن تداعيات هذا الحدث، وثمة بشائر خير عديدة للقوى النهضوية وقوى التحرر والثورة والحالمين بغد جميل تبرز فيه مجتمعات او تنتصر فيه مجتمات جديدة تتحقق فيها العدالة وينتصر فيها الحق والسلام والتحضر، وتنعتق المرأة. نعم انها بشائر تكمن في مندرجات ميثاق التفاهم الكردي - الكردي. ولما كانت المخاوف والهواجس تقوم على مبررات ومرتكزات منطقية، فما من شك بان البشائر وعوامل التفاؤل ترتكز هي اﻻخرى الى مصوغات وعناصر موضوعية في رأسها ان التاريخ الكردي لم يسجل اي خصومة مع قوى التحرر لشعوب المنطقة. فمثلاً لم يحصل اي أعتداء عبر التاريخ كله من قبل الكرد على العرب، بالمقارنة مع ما حبل به التاريخ من تعديات اﻻتراك او الفرس على المصالح الشعبية العربية. ولم يدخل الكرد باية احلاف ضد حركات الاستقلال في المنطقة العربية. بينما نشهد ان الاخرين كانوا ضالعين في التحلاف التي ناصبت العرب العداء، بدءاً بحلف بغداد وانتهاء بالتحالف الامبريالي التركي الأطلسي مع إسرائيل. وﻻ يجب ان ننسى قصة لواء اﻻسكندرون، ومثل تلك الوقائع كانت قد تكررت مع الجارة الشرقية ايران. 
ثمة نقطة جوهرية ﻻيجوز ان تغيب عن بال اي دارس لمعضلات المنطقة التي تكتوي بجائحة اﻻرهاب الاسلاماوي الداعشي، إن حركات النضال الكردي بجميع أطيافها تقريبا تتبنى في مشاريعها لمستقبل المجتمع بناء فوقيا مدنيا علمانيا، فسيكون في ذلك نقطة حسم لصالح القوى الثورية الديمقراطية العلمانية الناهضة في الاقليم برمته.
وإذا اضفنا الى كل ماتقدم فهمنا لثوابت الفلسفة اﻻوجلانية كمشروع للتاريخ والمجتمع وكرافعة أيديولوجية عالمية لقضايا المقهورين والمهمشين وعلى راسهم المرأة، وكمشروع يعنى بملامسة هموم الشعوب بطريقة مبتكرة، وعبر شعار اخوة الشعوب الحرة، فسنكون واقعين ضمن خانة الاستبشار واﻻمل وليس العكس .
--------------------------------------------------------------------
  • محمد عيسى
  • كاتب من الساحل السوري

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!