يكتبها للجيوستراتيجي: أ. بوزان كرعو
الأزمة الأوكرانية – الروسية تاريخياً : تعود تاريخ هذه الأزمة إلى 21 نوفمبر 2013 عندما أبدى الرئيس الأوكراني حينها ( فيكتور يانوكوفيتش ) استعداد حكومته لتنفيذ اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوربي .
أثار القرار احتجاجات جماهيرية من مؤيدي الاتفاقية ، و التي انقلبت عكسياً على الرئيس و نتجت عنها ثورة أطاحت بالرئيس المذكور في ( فبراير ) شباط 2014 .
أعقبت هذه الثورة اضطرابات اجتاحت المناطق الجنوبية و الشرقية في البلاد ، هذه المناطق التي يقطنها الغالبية المتحدثة باللغة الروسية و بالتحديد ( اوبلاست خاركييف ، لوهانسك و دونتيسك ) .
ثم و في آذار (مارس ) 2014 اقتطعت روسيا شبه جزيرة القرم التي كانت جزءاً من الأراضي الأوكرانية في خارطة الاتحاد السوفيتي و ضمتها إلى روسيا الاتحادية و التي رافقتها تدخل عسكري روسي في المنطقة المذكورة .
إن تدخل العسكري الروسي في شبه جزيرة القرم و ضمها لروسيا شجعت الناطقين بالروسية في مناطق لوهانسك و دونتيسك على القيام بالاضطرابات و التي أدت إلى حرب شبه وطنية منذ نيسان ( ابريل ) 2014 و التي تحولت فيما بعض إلى حركة مؤيدة لروسيا في مواجهة الحكومة الجديدة .
الحرب الروسية – الاوكرانية :
نعلم بأن لكل حرب مبرراتها و لكن هل كان بوتين ( روسيا) تملك مبررات و حجج لإعلان الحرب على كييف ؟
أولا : مشكلة القرم : منذ سيطرة روسيا على القرم وضمه في مارس/آذار 2014 و عدم اعتراف معظم دول العالم بروسية تلك المنطقة ، تؤكد كييف أنها ستستعيد شبه الجزيرة بكل الوسائل المتاحة ( بما فيها الحرب ) بالإضافة إلى تحريضها المجتمع الدولي من خلال اتهامها روسيا بعسكرة أراضي شبه جزيرة القرم، بما يهدد أمن أوكرانيا ودول الجوار الأوروبي مما دفع عدة دول إلى فرض عقوبات واسعة على موسكو، بسبب احتلاله، وانتهاك سيادة وسلامة أراضي أوكرانيا ، و اتهام موسكو كييف بقطع شريان المياه العذبة عن القرم (قناة الشمال التي تلبي نحو 85% من حاجة سكانه وأراضيه)، ما أدى إلى أزمات عدة فيه.
ثانيا : اتهام كييف موسكو بانها طرف في إقليم "دونباس" شرق اوكرانيا ، بين قواتها والانفصاليين الموالين لروسيا، ورفضها تقديم تنازلات للانفصاليين، قبل السيطرة على كامل الحدود الشرقية مع روسيا، في إطار "اتفاقيات مينسك."
ثالثا : اضطهاد الرعايا الروس حسب مزاعمها ، الذي كان ذريعة روسيا الأولى لدخول القرم ودعم الانفصاليين في دونباس، قد يكون ذريعة حرب في مناطق أوكرانية أخرى.
رابعاً : عند كل تصعيد، تحذر أوكرانيا من "نوايا روسيا التوسعية"، وتشاركها هذه التحذيرات والمخاوف دول البلطيق (إستونيا ولاتفيا وليتوانيا)، التي تخشى سعي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نحو استعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي السابق، ولا سيما أنه يعتبر انهياره "أكبر مآسي القرن الـ20".
خامساً : رغبة روسيا بالسيطرة على كامل البحر الأسود ، بحكم أنه ساحة واسعة للمناورات ، وتستطيع من خلاله قوات الناتو والقوات الأميركية المرابطة قريبا من الحدود الروسية، ولهذا يرى خبراء روس أن البحر من "أبرز نقاط ضعف روسيا " .
سادساً : الدعم الأمريكي اللامحدود لأوكرانيا حيث يرى مراقبون أن سر الاهتمام الأميركي بملف الأزمة الأوكرانية، وسر دعم كييف بمليارات الدولارات في مواجهة موسكو، يكمن في مصالح وأهداف أميركية و طعن روسيا في خاصرتها، وثنيها عن التحالف مع الصين، العدو الرئيس لواشنطن و بذلك تكون سداً منيعاً في وجه التقارب الروسي الأوروبي بعد سنوات القطيعة النسبية، وعرقلة مشروع "نورد ستريم 2" لنقل الغاز .
سابعاً : اعتبرت روسيا أن تزويد الولايات المتحدة الأمريكية أوكرانيا بصواريخ "جافلين" المضادة للدروع و شرائها طائرات "بيرقدار" المسيرة من تركيا تهدد أمنها و سلامة رعاياها .
ثامناً : إن السبب المهم لاعلان الرئيس الروسي الحرب على كييف هو مناشدة عضوية حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO)، وتقوم بخطوات عملية في هذا الاتجاه، وإن تعثرت ، لان الروس يعتبرون أوكرانيا، الحديقة الخلفية لهم ، لذلك يجب أن تبقى "الحديقة "، دولة تابعة موالية، أو محايدة رمادية على أكثر تقدير .
اعتقد ان روسيا( بوتين ) من خلال ما تقدم لم تكن تملك من الخيارات إلا إعلان الحرب و فرض شروطها مهما كان ثمنها و سوف تكون النصر حليفاً لها ، هذا الانتصار الذي قد ينظر إليه البعض بأنه انتصار بطعم الهزيمة و لكن الذي يهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هذه المرحلة هو تأمين الحديقة الخلفية لوطنه و الباقي سوف يتم إصلاحه مع مرور الزمن .
-----------
- مدير المرصد الكردي