بناء الفكر القومي الكردي والأقوام المعرّضة للإضطهاد والتهميش

komari
0
بقلم: حسن شيخو
الحاجة إلى فلاسفة ومفكرين في مجال نشر وزرع الفكر القومي لدى الشعوب التي عانت من الاضطهاد والتهميش، مثل الشعب الكردي، هو أمر بالغ الأهمية في سياق استعادة وترسيخ هويتهم الثقافية واللغوية والتاريخية. يمكننا استلهام الدروس من التاريخ الأوروبي والتجربة الإسرائيلية في هذا السياق لتحليل الدور الذي يمكن أن يلعبه الفلاسفة والمفكرين في تعزيز القومية الكردية.

أهمية الفلسفة والفكر القومي
الفلسفة تعتبر الأساس في تشكيل الأفكار والمفاهيم التي توجه الجماعات والشعوب نحو تحقيق هدف مشترك. في سياق القومية، يمكن للفلسفة أن تساهم في تعزيز الوعي الذاتي والإحساس بالانتماء والهوية بين أفراد الشعب، وكذلك في توضيح أسس التراث الثقافي واللغوي والتاريخي الذي يميز الشعب عن غيره.

التجربة الأوروبية
في أوروبا، لعبت الحركات القومية دورًا محوريًا في تشكيل الدول القومية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. فلاسفة مثل جوهان غوتفريد هيردر وجان جاك روسو طوروا مفاهيم حول الشعبية والسيادة الشعبية والهوية القومية التي ساعدت في تعزيز الوحدة والتماسك بين أفراد الأمم الأوروبية. هذه الأفكار شجعت على إعادة اكتشاف وتقدير اللغات والتقاليد والأدب الشعبي، مما أسهم في تقوية الشعور بالهوية القومية.

التجربة الإسرائيلية
إسرائيل تعد مثالًا على كيفية استخدام الفكر والفلسفة في تعزيز القومية. منذ بداية الحركة الصهيونية، ركزت على إعادة بناء الهوية اليهودية واللغة العبرية والتاريخ اليهودي كأسس لإقامة دولة قومية. مفكرون مثل ثيودور هرتزل وأحاد هعام طوروا الأفكار الفلسفية التي ساعدت في توحيد اليهود من مختلف أنحاء العالم حول الفكرة الصهيونية.

الدور المطلوب للفلاسفة الأكراد
1. **تطوير فلسفة كردية قومية**: يجب أن تركز على تعزيز الهوية الكردية، مع إعادة النظر في الثقافة والتاريخ واللغة الكردية، وتشكيل رؤية مشتركة توحد الأكراد عبر الحدود الجغرافية والسياسية المختلفة.
2. **إحياء التراث واللغة**: الفلاسفة والمفكرين الأكراد يجب أن يعملوا على إحياء اللغة الكردية وتراثها الثقافي، ليس فقط كوسيلة للتواصل، بل كرمز للهوية القومية الكردية. يمكن القيام بذلك من خلال الأدب، الفن، التعليم، ووسائل الإعلام.
3. **التعليم والبحث**: ينبغي على الفلاسفة والمفكرين التركيز على تطوير مناهج تعليمية تشمل تاريخ الأكراد وثقافتهم ولغتهم. إنشاء مؤسسات بحثية تعنى بدراسة التاريخ الكردي والحفاظ عليه ونشره على نطاق واسع.
4. **الدبلوماسية الثقافية**: استخدام الثقافة والتاريخ كوسائل للدبلوماسية لتعزيز فهم وتقدير الهوية الكردية عالميًا. هذا يشمل المشاركة في المنتديات الدولية، وإقامة المعارض الثقافية، وتبادل البرامج الأكاديمية.
5. **الوحدة والتنوع**: يجب أن تأخذ الفلسفة الكردية بعين الاعتبار التنوع داخل المجتمع الكردي، مع تعزيز الوحدة. الاعتراف بالتنوع الثقافي واللغوي والديني داخل الشعب الكردي واحتضانه كقوة.
6. **النضال من أجل الحقوق**: تشجيع الفكر القومي الذي يدافع عن حقوق الأكراد في التعبير الثقافي واللغوي والسياسي. دعم الجهود السياسية والقانونية لضمان الاعتراف بالحقوق الكردية.
7. **استخدام التكنولوجيا**: الاستفادة من التكنولوجيا ووسائل الإعلام الجديدة لنشر الفكر والثقافة الكردية. الشبكات الاجتماعية والمنصات الإلكترونية يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في توحيد الأكراد حول العالم وتعزيز الوعي بقضيتهم.
في النهاية، الحاجة إلى فلاسفة ومفكرين يعززون الفكر القومي الكردي ليست فقط ردًا على التحديات التاريخية التي واجهها الشعب الكردي، بل هي أيضًا استثمار في مستقبل يحافظ على ثقافتهم ويعزز هويتهم ويضمن لهم مكانًا متميزًا على خريطة العالم.

- رئيس حزب الوجود الكردي

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!