خبراء الجيوستراتيجي يحللون: أسباب عدم اتفاق الإدارة الذاتية والمجلس الوطني الكوردي، المسببات والحلول

Site management
0
تقدير موقف: فريق الجيوستراتيجي للدراسات
تشهد الساحة الكردية السورية صراعًا مستمرًا بين الإدارة الذاتية الديمقراطية، التي يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، والمجلس الوطني الكردي (ENKS)، الذي يتبع التحالف الوطني الكردي في إطار المعارضة السورية. يعكس هذا الصراع خلافات عميقة تتجذر في المصالح السياسية، الاستراتيجيات، والأجندات الداخلية والخارجية. يطرح هذا البحث تساؤلات حول الأسباب التي تحول دون التوصل إلى اتفاق بين الطرفين، ويتناول بالتفصيل العوامل المؤثرة، سواء كانت داخلية أم خارجية، إلى جانب تقديم حلول مقترحة لتعزيز الوحدة الكردية.

أولاً: أسباب عدم الاتفاق بين الإدارة الذاتية والمجلس الوطني الكردي

1. التباين الأيديولوجي والسياسي
الإدارة الذاتية: تتبنى نموذجًا فدراليًا ديمقراطيًا يعتمد على فلسفة "الأمة الديمقراطية"، مستندة إلى فكر عبد الله أوجلان. تعمل على بناء مجتمع متعدد الإثنيات والقوميات، ما يجعلها أكثر انفتاحًا على غير الكرد.
المجلس الوطني الكردي: يتبنى رؤية قومية كردية تقليدية تُركز على تحقيق الحكم الذاتي للكرد ضمن إطار سوريا موحدة، مع التأكيد على الهوية القومية الكردية.

2. الخلاف حول الشرعية والتمثيل
ترى الإدارة الذاتية نفسها الممثل الشرعي والوحيد للكرد في سوريا، حيث قامت بإنشاء مؤسسات حكم محلية.
من جهة أخرى، يعتبر المجلس الوطني الكردي نفسه الممثل الأكثر شرعية للكرد، خاصة مع عضويته في الائتلاف الوطني السوري.

3. التنافس العسكري والأمني
تمتلك الإدارة الذاتية قوة عسكرية منظمة ممثلة بـ "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، التي تسيطر على مساحات واسعة.
يفتقر المجلس الوطني الكردي إلى قوة عسكرية مستقلة، ويعتمد جزئيًا على تحالفاته مع المعارضة السورية.

4. العلاقات مع القوى الإقليمية والدولية
الإدارة الذاتية: لديها علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة والتحالف الدولي لمحاربة داعش، وتحاول بناء توازن مع روسيا.
المجلس الوطني الكردي: يرتبط بعلاقات قوية مع تركيا والحكومة الإقليمية الكردية في إقليم كردستان العراق.

5. القمع والانتهاكات المتبادلة
يتهم المجلس الوطني الكردي الإدارة الذاتية بقمع أنشطته السياسية واعتقال أعضائه.
في المقابل، ترى الإدارة الذاتية أن المجلس يعمل على تقويض استقرار مناطقها من خلال التحالف مع تركيا، التي تعتبرها عدوًا.

ثانياً: العوامل الخارجية وتأثيرها

1. الدور التركي
تعتبر تركيا الإدارة الذاتية امتدادًا لحزب العمال الكردستاني (PKK)، الذي تصنفه كمنظمة إرهابية. لذا، تعمل على تقويض الإدارة الذاتية بأي شكل.
تدعم تركيا المجلس الوطني الكردي جزئيًا كأداة للضغط على الإدارة الذاتية.

2. إقليم كردستان العراق
يرتبط المجلس الوطني الكردي بعلاقات وثيقة مع حكومة إقليم كردستان العراق، التي تشترك مع تركيا في مخاوفها من توسع نفوذ الإدارة الذاتية.

3. الولايات المتحدة وروسيا
تدعم الولايات المتحدة الإدارة الذاتية عسكريًا وسياسيًا، لكنها لا تضغط بشكل كافٍ للتوصل إلى اتفاق كردي-كردي.
تركز روسيا على استمالة الطرفين لتحقيق نفوذ أكبر في سوريا، لكنها لا تمتلك استراتيجية واضحة للوحدة الكردية.

ثالثاً: ما الذي يمنع الاتفاق؟

1. عدم وجود إرادة سياسية صادقة: هناك غياب للرغبة الحقيقية من كلا الطرفين للجلوس إلى طاولة المفاوضات بحسن نية.
2. تضارب المصالح الخارجية: تلعب الأطراف الدولية والإقليمية دورًا في تعميق الانقسام لتحقيق أجنداتها الخاصة.
3. الغياب المؤسساتي: يفتقر الطرفان إلى آلية مؤسسية مشتركة يمكن من خلالها إدارة الخلافات بشكل بناء.

رابعاً: الحلول المقترحة

1. حوار كردي-كردي مباشر
ينبغي للطرفين بدء حوار جاد ومستدام برعاية جهة محايدة، مثل الأمم المتحدة، لإيجاد أرضية مشتركة.
2. إبعاد التدخلات الخارجية
يجب العمل على تقليل تأثير القوى الإقليمية والدولية على القرار الكردي، وتبني مواقف أكثر استقلالية.
3. إنشاء مجلس تنسيقي
يمكن إنشاء مجلس مشترك يضم ممثلين عن الطرفين لإدارة القضايا السياسية والأمنية بشكل جماعي.
4. التوافق على استراتيجية موحدة
الاتفاق على برنامج سياسي مشترك يعزز الحقوق الكردية ضمن إطار سوري جامع.
5. تطوير الثقة المتبادلة
يجب اتخاذ خطوات لبناء الثقة، مثل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ووقف حملات التشويه المتبادلة.

المحصلة:

تعد الخلافات بين الإدارة الذاتية والمجلس الوطني الكردي عقبة رئيسية أمام تحقيق وحدة الصف الكردي في سوريا، وهي نتيجة لمزيج من الأسباب الأيديولوجية، السياسية، والتدخلات الخارجية. ومع ذلك، فإن المصالح المشتركة والتحديات التي تواجه الشعب الكردي تتطلب جهودًا حقيقية للتوصل إلى حل. إن تحقيق الوحدة الكردية ليس فقط ضرورة سياسية بل أيضًا خطوة أساسية لضمان حقوق الكرد وتحقيق الاستقرار في المنطقة.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!