مانيفستو الحضارة الديمقراطية !! قراءة في كتاب عبد الله أوجالان

آدمن الموقع 3:11:00 م 3:11:35 م
للقراءة
كلمة
1 تعليق
نبذة عن المقال:
-A A +A
عندما تبلغ النظمُ الذروة تبدأ بالانهيار والتهاوي – عبد الله أوجلان –
كتابه ( مانيفستو الحضارة الديمقراطية ) المجلد الأول * العصرانية الديمقراطية وقضايا تجاوز الحداثة الرأسمالية * ( المدنية ) * عصر الآلهة المُقَنَّعة والملوك المتسترين * عام 2009 .

نبذة موجزة عن أوجلان :
ولد في 4 نيسان – أبريل – عام 1948 في منطقة أورفة , جنوب شرق تركيا .
يُعرف باسم – آيو – بين مريديه ومعناه – العم – هو قائد حركة تحررية مسلحة – حزب العمال الكردستاني – p kk - .
درس العلوم السياسية في جامعة أنقرة لكنه لم يكمل دراسته , عاد إلى مدينة ديار بكر – تأثر بالقومية الكردية , نشط في الدعوة لها وأسس في عام 1978 – حزب العمال الكردستاني , استمر قائداً له حتى الآن ..
في عام 1984 بدأ حزبه عمليات عسكرية في تركيا – العراق – إيران – بغرض إنشاء وطن قومي للأكراد ..
( لماذا لا يتم منح وطن قومي للأكراد على غرار وطن قومي لليهود بإنشاء كردستان الكبرى – العراق – سوريا – إيران – تركيا , هل يتعارض هذا الوطن مع المصالح الدولية , مجرد سؤال ؟ ومن باب حقوق الإنسان والعيش الكريم والمواطن وحريته وكذلك من باب المشروعية للملايين الكردية واعتقد بأن عدد الأكراد أكثر من عدد اليهود فلماذا لا يتم جمعهم في وطن موحد ) ؟
عدّة دول ومنظمات دولية تعتبر حزبه * إرهابياً * مجاملة لتركيا مثل أمريكا – الاتحاد الأوربي – تركيا – سوريا – إيران استراليا .
( الغريب في الأمر انه كان موجوداً في سوريا حتى عام 1998 في زمن حافظ الأسد ) .
لما تدهورت العلاقات السورية التركية في تلك الفترة هددت تركيا سوريا على الملأ بخصوص دعمها لحزب أوجلان ونتيجة لذلك أجبرت الحكومة السورية أوجلان على الرحيل من سوريا ولكنها لم تسلمه إلى السلطات التركية .
ذهب إلى روسيا ومن هناك إلى إيطاليا ثمّ اليونان وفي عام 1998 وأثناء تواجده في إيطاليا طلبت الحكومة التركية تسليم أوجلان .
في 15 فبراير 1999 تم القبض عليه في * كينيا * في عملية مشتركة بين قوات وكالة الاستخبارات المركزية CIA ووكالة الاستخبارات الوطنية التركية MIT وتم نقله بعدها جواً إلى تركيا للمحاكمة بطائرة خاصة .
وُضِعّ في الحجز الانفرادي في سجن * إمرالي * في بحر مرمرة في تركيا .
منذ أن قبض عليه وبالرغم من أنه قد حكم عليه بالإعدام في الأصل إلاّ أنّ الحكم حُوّل إلى الحبس – مدى الحياة – عندما ألغت تركيا عقوبة الإعدام .
أطلق في عام 2006 دعوة لوقف إطلاق النار في مسعى للمصالحة مع تركيا وطلب من حزبه عدم استخدام السلاح وركَّز على ضرورة إنشاء علاقات جيّدة مع الشعب والحكومة التركية ( الموسوعة ) .
من كلام أوجلان في تقديم الكتاب ( كانت جميع علاقات القرية تتبدى لي وكأنه أكل عليها الدهر وشرب وكأنها محاولات مرحلة مجهولة تحتضر , هذا واعتبر اللجوء إلى المدينة هرباً من القرية جُرماً بحد ذاته ولا يُساورني أدنى شكّ في أنّ الحياة المثلى للإنسان تتحقق في القرى الايكولوجية لا في بنى المدن السرطانية للحداثة – للمدنية برمتها – ولا يمكن السماح للمدينة أن تغدو مكاناً صالحاً للسكن إلا إذا تناغمت وانسجمت مع القرى الايكولوجية وباعتبار أن الرجعية – التقدمية ليست سوى أحكاماً أيدلوجية وأن تحليل ذهنية الحداثة الرأسمالية يعني الغوص في الأعماق الإنسانية الحقة لأنها ليست رجعية فحسب بل وهي العدو اللدود للبشرية فكُلي إيمان بأني حققت العودة العظمى إلى الحرية وبالنجاة من سعير الحداثة المؤلّفة من جشع الربح والصناعة والدولتية والقومية , غدا كل شيء مفهوماً أكثر وينم عن غنى معاني الحياة ) .
حسب قراءتي للكتاب فإن تحليل أوجلان للإلقاء القبض عليه وإيداعه السجن لا يكون مفهوماً إلا عن طريق تحليل ذهنية الحداثة الرأسمالية والتي يصفها :
( القوة الحقيقية والأصيلة للحداثة الرأسمالية لا تنبع من مالها أو سلاحها بل من قدرتها على خنق كافة – اليوتوبيات – بما فيها يوتوبيا – الاشتراكية الأخيرة والأقوى – وكتم أنفاسها ضمن – ليبراليتها المتنكرة بألبسة متغايرة الألوان بما يفوق قوة أمهر ساحر ) .
اليوتوبيا أو الطوباوية معناها : ما ليس في مكان أي المكان الخيالي وغير الموجود .
أول من استخدمه * توماس مور *
إذن من إمرالي البداية – السجن الذي أمضى فيه 9 سنوات ..
أول شخص استقبله في السجن كان ممثل الهيئة الرئاسية للجنة مناهضة التعذيب التابعة للمفوضية الأوربية قائلاً له ( ستبقى في هذا السجن , سنراقب وضعك , سنسعى لإيجاد بعض الحلول عبر المفوضية الأوربية ) .
سلّمته الدولة اليونانية القومية إلى مراقبة الولايات المتحدة الأمريكية واستخباراتها وذلك على أساس ( خيانة للصداقة لا مثيل لها في التاريخ ) .
يصف أوجلان كيف أصبح مقيداً إلى صخور إمرالي في عصر الملوك العراة والآلهة المُقنعة :
( حُكم عليّ بقدريّة تضاهي أسطورة بروماتوس ) ..
[ بروماتوس أو بروميثوس ( Prometheus ) : هو الإله اليوناني البعيد النظر وجالب النار – تصفه مسرحية برماتوس المقيد – وقد لَفّ في عصر الجبابرة ما يصلح للأكل من جسم الضحية في جلدها ولف عظامها بالدهن وطلب إلى زيوس أن يختار ما يفضله منها فأختار الدهن واستشاط زيوس غضباً فأمر هفستس بشد بروماتوس إلى صخرة في جبال القوقاز .. فيتحداه بروماتوس ليُعدِّ الخطوات التي نقل بها الحضارة إلى الخلائق الأولين ,, غير أن بروماتوس تمنع عنه رائحة الموت لأنه من الآلهة فيُشد مرة أخرى إلى صخرة جبلية ويرسل زيوس نسراً ينخر قلب المارد الجبار ولكن القلب ينمو بالليل بنفس السرعة التي ينخره بها النسر بالنهار وبهذه الطريقة يقاسي بروماتوس مدى ثلاثة عشر جيلاً ] ..
هل هذا التشبيه من أجلان فيه شيء من النرجسية ؟
ما أروع الأساطير كأمثال وقصص وحكايات .
ما يكتبه أوجلان هو – مرافعاته – للدفاع عن نفسه في المثول أمام المحاكم ..
هناك عدّة معادلات في نظر أوجلان حول قضيته وحول إلقاء القبض عليه ..
المعادلة الأولى – معادلة المصالح المنفعية – جمهورية تركيا – أمريكا ..
المعادلة الثانية هي المعادلة التي مهّدت لخروجه من سوريا ,, والتي يقول عنها ( أكثر لفتاً للأنظار ) , يرتكز في مضمونه إلى تصادم التناقض بين الخط الذي رسمه أوجلان للصداقة وبين سياسة إسرائيل تجاه الكرد .
يقول أوجلان بالحرف الواحد * إسرائيل المنهمكة بربُوُبيّتها للقضية الكردية وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية , أضحت بالغة الحساسية تجاهها لدرجة أنها لم تحتمل طراز الحل الكردي الثاني *
حسب رؤية أوجلان هذا الحل تزايد تأثيره ووقعه متمثلاً في شخصية أوجلان نفسها لأن طرازه في الحل لم يكن يتناسب وحسابات إسرائيل على الإطلاق , لم يكن مستعداً أو متفتحاً لا أخلاقياً ولا سياسياً .
شكل العلاقة بين حزب العمال الكردستاني وسوريا كان يغلب عليه الطابع التكتيكي .
من وجهة نظر أوجلان – رئاسة حافظ الأسد تحققت اعتماداً على صراع الهيمنة بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي – ( لذلك سوف تبقى روسيا هي الحليف الأقوى لسوريا والمواقف الأخيرة تدعم صحة هذا الرأي ) .
ولكن مع انهيار السوفيت خرجت العلاقة من طابعها التكتيكي , سابقاً كان حافظ الأسد يحقق التوازن مع تركيا من خلال أوجلان وكان الرئيس السوري يبحث عن ردّ إزاء التهديدات التركية لسوريا والتي بدأت منذ عام 1958 وحزب العمال هو الأداة المناسبة .
يُريد أوجلان أن يوصل رسالة مفادها ( إسرائيل هي القوة الأساسية التي أخرجتني من سوريا ) هذا هو نص كلامه ..
مع إسرائيل كانت ضغوطات الولايات المتحدة وتركيا عوامل لعبت دورها أيضاً ولا ننسى أنّ إسرائيل كانت ضمن معاهدات سرية مع تركيا منذ خمسينات القرن الماضي .
اكتمل التحالف الثلاثي – أمريكا – إسرائيل – تركيا بعد إضافة المعاهدة المسماة * مكافحة الإرهاب عام 1996 *
كذلك يُضيف أوجلان عامل مهم على هذا التحالف هو أتفاق تركيا مع – المجلس الكردي الفيدرالي المتكون في عام 1992 – إدارة هذا المجلس على علاقة وثيقة مع أمريكا وإسرائيل .
لماذا تأخر مكوثه في سوريا , مع العلم أنه كان منتبهاً لذلك ؟
الإجابة :
أولاً : جاذبية النهج السياسي المتنامي لأجل كردستان .
ثانياً : الصداقة بين الشعوب التي طالما سعى إليها أوجلان .
سوريا كانت تعتبر الأمر الثاني خطيراً ولكنه كان يدافع عن أهمية وحياتية الصداقة الإستراتيجية بين الشعوب .
مفهوم الصداقة هو الذي جعله يتجه إلى اليونان لتطوير العلاقة مع الشعب وليس مع الحكومة للتواصل مع ثقافتهم الكلاسيكية وتاريخهم المأساوي الذي يقول عنه بأنه كان مهماً وضرورة للصداقة .
لماذا لم يلجأ إلى جبال كردستان ؟
كانوا يلقبونه – مجنون البراري – أو مجنون الجبال – بالرغم من ذلك تغافل عن الجبال :
سوف تتعرض المنطقة للغارات والقصف بكافة الأسلحة مما يلحق أضراراً جسيمة والسبب الثاني قلّة التدريب لدى رفاقه .
لدى تركيا مزاعم بأن حزب العمال الكردستاني قد حاصرهم , من وجهة نظر أوجلان هذه المقولة لا تعكس الحقيقة بل هناك محاولات لا تزال قائمة في سياسة التضييق على العراق وإيران والتي أدت إلى بروز عقيدة عمياء حسب وصف مجنون البراري بدلاً من إعطاء النتيجة المتوخاة , في الجهة المقابلة العلاقات بين سوريا وإيران حاملة بنتائج لا يمكن التكهن بها في ذلك الوقت ( لقد كان تحليله صائباً والمواقف الحالية تؤيد هذا التحليل ) .
هذه العلاقة تعتبر وسيلة لسياسة تحتضن في ثناياها الكثير من الأمور .
إذن هناك ثنائية :
إما العلاقة مع أمريكا – الاتحاد الأوربي – إسرائيل ؟
أو : إيران – روسيا – الصين ؟
السؤال المهم هل حكومات تركيا مستعدة لتحمل النتائج الناجمة عن ذلك ؟
هناك دروس مستخلصة من مغامرة أوجلان من خلال الأشهر الثلاثة على خط أثينا – موسكو – روما ذات قيمة تاريخية ثمينة ( وهذا هو بيت القصيد ) قدرة أوجلان على التعرف على * الحداثة الرأسمالية * المتحصنة بألف درع وقناع .
( هذه هي مرافعة أوجلان الأولية ) .
بعكس ذلك وحسب تحليل ورؤية أوجلان فإنه سوف يتعلق – بالدولتية القومية كقوموي بدائي أو كان سينهي مصيره كحركة يسارية كلاسيكية مثل مئات الأمثلة حتى لدى موسّسي الدول .
وبالعودة إلى – الحداثة الرأسمالية – وإذا لم يُحلل موضوع خنقها لكافة اليوتوبيات الإنسانية في بوتقة ليبراليتها فإن أعظم تيار فكري واثق من نفسه لن يتخلص من التحول إلى خادم مطيع لها في أحسن الأحوال .
ما منْ أحد حلّل الرأسمال بقدر ماركس وقِلّة نادرة تعمقت في موضوع الدولة والثورة بقدر لينين ( ولكن من وجهة نظر أوجلان ) : أنّ التقاليد الماركسية – اللينينية قد أهدت كَمّاً لا يُستهان به من المواد والمعاني إلى الرأسمالية ( حتى لو بدت مضادة لها ) .
يستنبط أوجلان من ذلك : ضرورة التركيز بعمق أكثر على يوتوبيا الحرية .
( إذا لم نحلل الفرد والمجتمع اللذين تُحرّضهما الليبرالية ولم نوجّه الإنسان إلى مساره الطبيعي فلن تكون النتيجة أبعد من الموت بالسرطان الاجتماعي ) .
ونحنُ سوف نسأل : هل ستتحقق أمنيات الثائر أوجلان , هل سوف تتقاطع هذه الأمنيات مع المصالح العليا , قتلى وأمراض وفقر ومجاعات , هل هذه هي الطبيعة المتوحشة في الإنسان والكامنة في دواخله بالرغم من إدعاءه التحضر والحرية والحقوق لجميع بني البشر , صراعات أثنية ودينية وعرقية وطائفية شوهت البشرية والمعاني الصافية لمعنى الإنسانية الحقيقية ؟
لا أدري قد يأتي يوم على البشرية وتعود للنبع الصافي هذا إذا كان هناك نبع صافي ؟
لا يستطيع أوجلان تحليل مصيره إلاّ بتحليل الحداثة الرأسمالية نتيجة معاناته ومغامراته وحسب قراءتي لأفكاره .
يصفه أوجلان : هو النظام الساحر المتستر وراء تلك السيدّة ذات السبعين من العمر ممثلة المفوضية الأوربية التي تفضلت به إلى السجن .
في نظره هذه المرحلة قد ابتّدعت من بدايتها إلى نهايتها على يد كل من إسرائيل - أمريكا والاتحاد الأوربي بمعيّة روسيا السوفيتية المنهارة .
دور سوريا – تركيا – اليونان لم يتجاوز أبعد من الخدمات البيروقراطية لمرحلة إلقاء القبض على أوجلان وإيداعه السجن .
لقد شرح أوجلان طريقة إلقاء القبض عليه وذكر ذلك في التحقيق وقال بأنه لا معنى للفرح باعتقاله قال ذلك علناً للمسؤولين الأتراك ( استخبارات هيئة الأركان العامة , منظمة الاستخبارات القومية MTT , مديرية الأمن العام , المخابرات العسكرية أي الجند رمة ) .
ماذا قال : ( استغلال علاقات الصداقة بهذه الدناءة والغدر التعسفي والتحامل ورميه في الطائرة بمؤامرة فريدة من نوعها – ليس بطراز شهم في الحرب - ) .
إذن هذا هو المثال الضارب في الإشارة إلى ماهية – ليبرالية الحداثة الرأسمالية – التي هي شكل نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية ( غنها النظام الذي لا يعرف حدود القمع والاستغلال حسب تعبيره ) .
بغض النظر عن نضال أوجلان وموقفه من القضية الكردية فإن أكثر شيء ترك في نفسه أثراً ويغتاظ منه ( العجز عن وضع حدّ للحماقة الفكرية والأيدلوجية بأي شكل من الأشكال , إنه نظام يزعم أنّ ما يسمى بحقوق الإنسان تكاد لا تتسع لها الأرض ولا السماء بينما الحقيقة هي – نسبة الاستغلال والحروب التي خصصتها حفنة من الأناس لتُسلّطها على بني جلدتها بل وعلى البشرية جمعاء بنحو لا مثيل له في نظام أيّ من الكائنات الحية وهي لا تكتفي بذلك بل وتُسمّم البيئة برمتها بما فيها سطحها وباطنها ومن ثمّ تمنحها للبشرية ) .

شارك المقال لتنفع به غيرك

آدمن الموقع

الكاتب آدمن الموقع

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

1 تعليقات

  1. مع الأسف كل هؤلاء الشهداء ذهب دمهم سدى. الاخ اوجلان ضحى بشعبه و قضيته لأجل افكاره.

    ردحذف

3113545162143489144
https://www.geo-strategic.com/