تجمع المعرفيين لصون الوجود

آدمن الموقع
1


يكتبها للجيوستراتيجي 
الكاتب المعرفي ريبر هبون

يدرك المعرفيون أنهم يتمثلون بالقيم الطبيعية المستقاة من البنية الحضارية للشعوب ، ومن التأكيد على ضرورة الالتفاف حول الوجود لحمايته من خلال تجمع المعرفيين بصيغ تنسيقية وبنى تنظيمية في جميع أنحاء الوجود، ويصرون دوماً على تبني المنهج المعرفي الذي يجد في التنوع مصدراً لإنتاج وتوليد الأفكار البنَّاءة، فلا يدينون بأي نظرة تنحو منحى المغالاة نحو العلمانية الراديكالية أو الأصولية الراديكالية فكلاهما تلتقيان في سوء الممارسة ، لأن المعرفيين يجدون في إنقاذ الوجود من الخطر الذي تمثله قوى الطغيان والجشع، ضرورة وواجب معرفي وطني، مع التأكيد على حقيقة الصراع الأزلي بين قوى الهدم والبناء والتي تتجسد في المعرفة والجهالة..
لايمكن فهم مجمل الميراث الإنساني المتمثل بالحضارات والقيم حين نكون على نقيض مع الوجود كوحدة والحب الطبيعي الذي هو فلسفة الوجود والحركة ، ولابد من التحرر من فيوضات الذات واختلاطاتها ،وعبر فلسفة الحب وجود والوجود معرفة يمكننا فهم حقيقة التنوع والأفكار الجديدة النابعة عن الانفتاح، ولا بد من الإشارة إلى أن التحدي الذي يقف في طريق خصوبة الدماغ الإنساني يكمن في التعصب وتربية الجهل من خلال نشر التجهيل والتكميم، فالجهل الأعمى الذي تعانيه البقاع المحتقنة طائفياً وقومياً في رقعة الشرق الأوسط تحديداً كمثال متجلي،بات خطراً مستفحلاً , ونشر المعرفة معتمد على تنظيم الطاقات التي يمكن أن تعبر عن حقيقة الالتفاف وتوغل في غرس قيمها الطبيعية داخل كل المؤسسات والتنظيمات المهترئة، لأجل إصلاحها وتغييرها، وتخليصها من العطالة والهشاشة التي تسودها،وبشكل متدرج انتهاءاً بمرحلة الشفاء..
ومنهج المعرفيين منهج أخلاقي اجتماعي، قائم بذاته ،يختزل القيم التي نادت بها كافة العقائد والنظريات والتيارات التي كان لها الأثر في الميراث الحضاري الغني والتي تحتكم لعودة الإنسان إلى التشبث بروح الحضارة المعرفية، وقد ظل المعرفيون حاضرون وبصورة جلية في أشد المواقف صلابة وقوة وفي أحلك الظروف قتامة وقسوة، وقد دافعوا عن حقيقة الإنسان أمام من يزهقونها بأفعالهم الأنانية الجشعة، ويمضون قدماً نحو تحقيق الإزدهار والسلام، كونهم يؤمنون أن المعرفة تصالح الإنسان مع حريته,وعداوته للعبودية بأشكالها
لقد آمن ((سبارتكوس)) المعرفي بهذه الحقيقة حين جمع أشتات العبيد المقهورين من حلبات روما ومن تجارة الرق السائدة حينذاك, ليسقط البربرية والتوحش التي رافقت روما إلى جانب تفوقها العمراني ، ليغدو مثالاً حقيقياً لبسالة المعرفيين وخلود مواقفهم التي تنادي للإنصاف والارتقاء المشترك للرفاهية والحياة الآمنة في الوجود، وإيماناً حقيقياً بانتصار المعرفة الساحق على قوى الجهالة والاستعباد..
فالنهضة المعرفية هي الثورة البديلة عن التصحر والجمود الذي اعترى السلطويين والفئات المحكومة بالخوف وتكميم الأفواه، لذا يعمل المعرفيون على جعل الحب فلسفة تعايش تخرج عن كونها عاطفة داخلية إلى العالم ، وتعمق في مدلولات الحياة ودفع الإنسان من خلالها للبذل من خلال اجتماع المعرفيين في أنحاء الوجود، للحوار حول مصائر الشعوب الرازحة تحت ضغط القوى المهيمنة المتمثلة بالسلطات الديكتاتورية التي قامت بالتهجير والقتل والإبادات، وكذلك التنسيق حول حماية البيئة من التلوث ومخاطر الحروب والنزاعات ووضع حلول للحد منها، وإزالة الاحتقان والعنف واجتثاث الإرهاب والتطرف،والتأكيد على أهمية التعايش السلمي،حيث أن العجز الراهن الكامن في (مجلس الأمن العالمي) دليل ضعف وترهل وإفلاس، ولابد أن يكون البديل عن الضعف هو تفعيل مجلس الأمن وإلزام الدول الكبرى على تأكيد حقيقة الوجود ومصيره الموحد والمرتبط بوقف الحروب وانتشار الأسلحة المحرمة ومكافحة الإرهاب والتعريف بالحريات وأزمة حقوق الإنسان وانتهاكاتها، وإن تحقيق السلام العالمي يعد مرتكزاً رئيسياً من مرتكزات تحقيق رسالة المعرفة..
وما يعنيه المعرفيون بوحدة الوجود على خلاف آراء المتصوفين عنها هو الوجود الذي أينع الكائنات المختلفة، حيث أدى هذا التفاعل والتمازج لحدوث ما يسمى بالتطور والتغير المستمر فيجدون أن الحب هو نتاج هذا التفاعل المستمر وهو المحرك الذي يقود الإنسان باتجاه إدراك المزيد الذي لا يتوقف عن التناسل، هذا المزيد المعرفي الغني والمتشعب والمرتبط بحركة الوجود والكائنات التي عليها، حيث نرد هذا التفاعل إلى الوجود كونه يمثل رب الطاقات بأنواعها، وقد شكل هذا التمازج نوعين من الطاقة أسماهما الإنسان المعرفي, مادة وروح, وهما إفراز عن العمليات المعقدة بين الكائنات والإنسان، والروح هي من الوجود المادي وتفاعلاته ، حيث يرى المعرفيون أن الروح احدى أكبر تجليات المادة في الوجود, وامتزاج الطاقتين الروحية والمادية والعكس، هما من ولدتا الرغبة في سبر الوجود وجماله المنظم الهندسي، وضمان لبقاء الإنسان واستمرار نسله..
والوسائل التي يعتمدها المعرفيون في نشر أفكارهم, وسائلٌ معرفية ترتقي عن أساليب الإكراه والعنف، إنما تعتمد جلَّ الاعتماد على مخزون الإدراك في تفعيل الحوار لأجل ابتكار الرؤى والأفكار الجديدة , وما المعرفة سوى أفكار, تسمو بالحب عن الأطر الإيديولوجية الهدامة، التي يسعى لنشرها دعاة الجهالة والإقصاء، فالوسائل المعرفية تعتمد على إثارة الاختلاف لبيان الأفضل وتنبذ الإقصاء، فإثارة التساؤلات والرؤى الجديدة هو جل ما يتأمله المعرفيون في مسيرة النشء الواعدة، فهم معنيون بالوجود أينما وجدوا في ظل رابطة واحدة، يتحرك فيها الزمن وفق حركتهم وتفاعلهم بالمكان، حيث لا يسلم الوطن بالتصدع، ولا يسلم بخراب وطن مجاور..
والحقيقة التي يتزعمها البشر نسبية إزاء سبرهم للوجود المطلق المتجلي بالمعرفة المطلقة, وكل دعاة الصراع بين الحضارات أسسوا أرضية الصراع من خلال مفاهيم مبتدعة لأغراض تتعلق بالسيطرة على الموارد النفطية ،وقد استلبت مفاهيم الصراع الأناني من جملة ظروف وتداعيات تختلف من بقعة لأخرى في الوجود,والحقيقة التي تضمن الأمن للحياة هي في تحقيق رسالة المعرفة, وبيان الغطاء الخادع لمسوغات الصراع الدموي لأجل الصراع وإفناء الوجود وتفريغ محتوى ظاهرة (الاستشهاد) واستخدامه لمآرب ونزوات الحكام والتلاعب بمعيار الشهادة , أو نقيضها الخيانة, حسب مقتضيات إيديولوجية نفعية، حيث أطلق لقب الشهيد على كل جندي خدم الدولة أو الحزب ،أو جماعة معينة تتمثل بالسلطة التي تداوم في الصراع الاقتصادي الذي يمثل جوهر كل صراع، في الآن ذاته يتم إطلاق صفة الخائن على كل من لا تتوافق انتماءاته مع الجهة التي تنتمي إليها الجماعة، وقد تم إفراغ قيمة الشهادة التي تعني الشرف من محتواها, في حين تكون الشهادة بمثابة القيمة المعرفية العليا لكل معرفي دفع حياته لأجل رقي وطنه وتحريره من ربقة الخنوع وبيان الاستشهاد كقيمة معرفية وطنية وجودية وحمايتها من أن تكون مفهوماً مسيساً بين أيدي المتلاعبين بالقيم واستخدامها خدمة للمنافع الأنانية، مثال ذلك تنظيم القاعدة وما يقومه من غسل أدمغة الشباب والإيحاء لهم بأن موتهم يعد قيمة سماوية يكافئون عليها بوعد الجنة..
حيث يرى المعرفيون الاستشهاد ظاهرة معرفية كبرى تعد أساساً عملياً لكل نهضة، تعد بمثابة البدل والثمن الذي لا بد من دفعه لدفع التخلف والاضطهاد، ويجدونها أساس تقدم الحياة ومفاهيم الرقي التي جعلت البشرية تنتقل من طور العبودية والخضوع إلى طور الحرية والمجد، حيث أن الشهادة ليست مطية بيد جماعات الموت الذين سببوا الإبادات الإنسانية إزاء المنافع الاحتكارية وحروبه التي تشن ضد الشعوب والبنى الجيولوجية للوجود, فمفهوم الاستشهاد يتجاوز فهم تصورات الأحزاب والدول والمتشدقين بها، فهي القيمة الأسمى ..
لقد أخذ اصطلاح الشهادة ماهيته من الدين , فالأديان حمت مفهوم الشهادة كقيمة مدافعة عن العقيدة من الزوال والاندثار، من ثم انتقلت إلى شتى الفئات والجماعات والأحزاب والأمم لتأخذ رمزية ترتبط بأهداف الجماعة المتواجدة على رقعة جغرافية محددة، والمدافعة عن وجودها من الاستعباد, فالمعرفي وحده الشهيد الخالد من خلال الأثر الذي يتركه في حياة أمته وما يرافقها من تأثيرات على الأمم الأخرى والعالم,فالمصباح الكهربائي ثورة معرفية تعود لمخترعها (توماس أديسون)، واكتشاف الأرض الجديدة (أمريكا) تعود لمكتشفها ((أمريكو فوسبتشي)) ووصول المسرح إلى دمشق كان إثر محاولات (أبي خليل القباني) ودفعه الثمن لإيجاد المسرح وهكذا., فالمعرفي برهن على فعل المنْجَز،بدوام فضل المنجز المبتكر في تطور الحياة، ومن خلال محو الحواجز بين المعرفيين انطلاقاً من الرقعة المحلية لتمد إشعاعها وتأثيرها نحو العالمية، فاللغة خلقت التفاعل بين المزيج في ظل الجغرافيا, وهي وسيلة تواصل وتخاطب للوصول للمدنية الطبيعية، من خلال التخلص من آليات الخطاب المبتذل الذي يحرص على التهويم والإيغال في التجهيل ،والتي كانت مطية للحروب ولبث الخواء والإيمان بالوهم الغيبي ، فاختلاف التفسير هو ما يتبع ويرادف عملية نشر الفلسفة وهنا لابد من اتيان الواضح لا الملتبس في المفهوم والاصطلاح أو الفكر كي لا تذهب لأسر التشويه والحط من قيمة الفكر المعلن، كما تعرضت الكثير من العقائد لسوء الممارسة والتصرف، كما لابد من التخلص من المفاهيم التي تحرض على الاقتتال والتنازع والتخريب الذي يمس الوجود الوجود برمته ويشوهه ، فلا يوجد عرق منتصر على عرق بقدر ما هنالك حقيقة على قوة العقل المعرفي في دخوله لحرم الإبداع والممارسة وإبداء الجهد واتحاد الذكاء النظري بالعملي,من خلال تضافر الإمكانات في ظل الوجود، وتفعيل ذلك في سبيل التمثل بالقيم الطبيعية للحياة نحو نظرة متجلية وراقية لها،نحو مبدأ جامع يحمي الوجود والكائنات من الدمار والحروب والكوراث الطبيعية.
لقد انطلق المعرفي من إيمانه بذاته وإخلاصاً لمدركاته في الوجود، فلا تعارض بين المفاهيم الذاتية والموضوعية ، إنهما صلتا وصل طبيعية لسبر الحقيقة المعرفية المطلقة المتمثلة بوحدة الوجود..
وحدة الوجود الذي ندركه ونستشفه في الواقع المتكامل سياسياً واقتصادياً وثقافياً واستراتيجياً، ومدى تأثير الظواهر على الكوكب وما تطرأ عليه من تطورات تبدأ من بقعة لتنتشر إلى بقاع أخرى ، وتعدد الظواهر دليل وحدة الوجود فحين تتأثر بقعة ما في الوجود يبدأ التأثير للجوار المحيط وتتسع حسب شدة عمق الأزمة لتنتقل تدريجياً ، لذا يدرك المعرفيون حقيقة الوجود من خلال إدراكه كوحدة كلية شاملة ، فهم يؤمنون بالروح كعنصر وليد عن الحركة المادية المعقدة بين الإنسان والمحيط الوجودي المتفاعل برمته، فتطور المجتمع البشري ناشئ عن هذه التناقضات ، وليس المعرفيون في خضم هذا حزباً او تياراً أو أصحاب معتقد صوفي ، إنهم من آمن باستقلالية المعرفة عن كافة التصورات العدائية الضيقة التي أهانت قدسية الوجود، والمؤمنون بمكافحة التطرف والاحتكار وعنف السلطة من خلال نشر ثقافة الاختلاف المبنية على قاعدة الحب..
والوجود في رحلة الصراع الطويلة لأجل انتزاع حقوق الإنسان من تقرير مصير وكينونة وبحث عن الحرية الكامنة بممارسة حرية الإرادة والانعتاق من أسر الإقصائيين هو صراع كل المعرفيين لأجل تقرير مصائر الشعوب وضمان تماسكها من خلال حريتها واستقلالية مشروعها.
ولابد من تكريس مفاهيم خارجة عن الأطر الكلاسيكية التي غيبت دور ومنطق العقل الناقد وكبلته طويلاً ، وهذه المفاهيم ينبغي أن تنبع من الإرادة المجتمعية في ظل مجتمع يؤمن أفراده بالتنوع الذي هو عليه ويؤمن بضرورة إزالة الحواجز بين الدول والأقاليم من خلال التجانس والبعد عن الإقصاء والشوفينية، حيث تسعد المجتمعات المعرفية من خلال ممارسة الاختلاف عبر طرح مشاريع اقتصادية تنموية وتبادل ثقافي، تسهم به الشعوب لتبني وجودها وليس لأجل إقامة مصالح اقتصادية أنانية احتكارية تقام وتشيد على حساب تصفية الشعوب وهنا يكمن دور المعرفيين بأن يكونوا نواة حقيقية لمجتمع معرفي يؤمن بممارسة الحياة العصرية.
إن تنبه الدول واحتجاحها على استخدام الأسلحة المحرمة من خلال شن الهجوم على مستخدميها واجب معرفي يقع على عاتق الدول الكبرى لمنع تخريب الوجود برمته ، لأن الجزء يتأثر بالكل والعكس، والحضارة ظهرت على يد الإنسان المعرفي المقتدر، ولكن دوماً يرافق الإنجاز دوماً أيدي خفية تحتكر هذا المنجز وتسخره كوسيلة لإبادة شعب أو حضارة ما كما فعل الأمريكان في إبادة حضارتي المايا والإنكا متمثلة بنسل الهنود الحمر ، فالسلطة اداة هدم في كثير من الأحيان ولكن الأفكار الخيرة الكامنة في فطرية المجتمعات هي من تفعل وتنتصر،وبطبيعة الفعل المعرفي فإن المعرفيين يطمحون لسلطة تمثل المجتمع وتنسجم مع منافعه وقيمه وتؤهل في الإنسان الفاشل قيمة التفوق والنجاح وتدعمه ، سلطة تجسد جدة الأفكار ، وتنسجم مع التطلعات الراقية لشعوبها لدوام الارتقاء المادي الروحي المرتبطين ببلوغ المعرفة التي يعنى المعرفيون بنشرها والتماهي بها من خلال الوجود .
فالشرق الذي يمثل الأصل في دوام الرسالة الحضارية وانتقالها للغرب ، والذي أضحى يعاني التخلف, لم يكن تخلفه إلا نتيجة عن فساد السلطات السياسية وإفراطها في قمع وتجهيل المجتمع ، وقد أستخدمت من خلال ديمومتها, الأديان والعقائد والنظريات التي وجدوها ستاراً جميلاً لأجل بقائها وتدعيم مصالحها، فما يعانيه الشرق الأوسط هو نتاج عن عمليات ممنهجة لترسيخ الجهل باسم الاحتقان الطائفي والقومي والديني، لجعلها أكبر مستعمرة تدر البترول للخارج وتحْكم قبضتها على مفاصل الحياة الاجتماعية من خلال الإعلام المرتكز على التزييف والتحلل، فلابد إذاً من بيان عيوب السلطة القامعة وعقلية التوريث في الحكم عموماً
فالأديان والنظريات من إفرازات المعرفيين في تهذيب ومتابعة السلوك البشري وتحسين القدرة التكييفية للتعايش دون ارتكاب العنف الذي يرتكبه الذين يعانون من نقص فائض العاطفة والتوازن الداخلي فأي نظام يحمل صبغة دينية أو قومية إنما يحمل في محتواه الإقصاء، ويناقض التنوع المجتمعي الأثني والديني والقومي فمن الرديئ تعميم نظام معين ذو صفة شمولية على مجتمع متنوع وغني الإمكانات،لأنه يؤجج النعرات بين المجتمع ويؤلبه على بعضه، ونستطيع القول أن الممارسات السلطوية المفرطة في العنف والتكميم ممارسات فردانية تمارس خارج الرقابة المجتمعية ، تتمادى بالتقصير في وظيفتها الأخلاقية وتروج للإرهاب الدولي الذي له نتائج خطيرة على تماسك المجتمع وتفتت نسيجه.
لذلك أمكن للمعرفيين تأسيس أنظمة تعددية ديمقراطية للحكم من خلال إحداث دمج كافة المؤسسات السياسية والثقافية والاجتماعية وإشراكهم في تداول الإدراة والانفتاح الاقتصادي وفتح المجال للاستثمارات الإنمائية لتحقيق الرفاهية والأفضل للمجتمعات كافة والحد من الفقر والبطالة ما أمكن، وإشراك الإمكانات والطاقات في تدعيم المؤسسة الاقتصادية..
وقد دفع المعرفيون البدل الأكبر في سبيل خلاص مجتمعاتهم من كافة صنوف القهر، إن في السلطة أو الإعلام أو الرياضة والاقتصاد، والثقافة، أو الشؤون العسكرية والاستخباراتية, حيث يتجلى تأثيرهم في كل مؤسسات وسلطات الأمم عبر التاريخ، وقد دفعوا ثمن مواقفهم الفكرية والفلسفية من خلال التصفية أو النفي أو التشهير بالخيانة، نذكر الفيلسوف المعرفي (ماني) الذي عانى شتى أنواع التنكيل والتعذيب على يد الإمبراطور الساساني (شاهبور الثاني)ونذكر أيضاً (منصور الحلاج)شهيد المتصوفة الذي يعتبر رمزاً معرفياً عن الحب حيث قضى نحبه بأبشع صورة حيث كانت سلطات محكمة التفتيش الإسلامية له بالمرصاد ، كما نذكر المعرفي (سانت باول) الذي كان لرائعته أعمال الرسل دوراً كبيراً ومهماً في حياة المسيحية حينذاك، ونذكر أيضاً المعرفي الإيطالي (غيار دانو برونو) الذي اتهم بالهرطقة سنة 1600م، بعد أن شكل فكره منعطفاً مهماً في عصره، والأسطورة البطل الصيني(بروس لي) الذي نقل بكل إصرار معرفي أسرار لعبة (الكونغ فو)من دائرة الحضارة الصينية المنغلقة حينذاك إلى العالم، مما حورب من قبل المتزمتين الصينيين فاستطاع بذلك أن يسجل موقفاً معرفياً والأمثلة لا تحصى عن عظمة وإصرار المعرفيين على وحدة واستقلال شعوبهم وتأثيرهم على الوجود بأسره من المحلية إلى العالمية.
وقد شكل المعرفيون في شتى أنحاء الوجود سياجهم المتين لمحاربة قوى الجهالة المسماة بمحاكم التفتيش التي قتلت أعداداً هائلة من الذين رسموا النهج السليم من خلال أفكارهم ومواقفهم، الطريق أمام الأجيال القادمة، فالوجود يتقدم ويزدهي بمعرفييه ، يتلاشى وينعدم بانانييه، حيث أن هذا الصراع لا ينتهي ، وهو متوجه ضد الإقصاء والاحتكار والسلطات الدوغمائية الديماغوجية، التي تستمر في إفسادها للعقول والأمزجة ، لتمجد القوالب الجامدة والمسرطنة لتصدع القيم الطبيعية متقنعة بشعارات الحرية والسلام، ، ومن الأهمية التعريف بجهود البنَّاءين الذي كان لهم دور في إيلاء الإنسان بكل ماهو نبيل وقيم من خلال ربط الأخلاق بالإبداع والنظام، والتشبث بالمضامين الجوهرية للحياة ..
والمعرفيون يؤمنون بالفلسفة المعرفية المنبثقة عن وحدة الوجود وهم يجدون في ذواتهم رموزاً حية عن الإنسان الجديد الذي برهن دوماً على حقيقة القيم, وقدرته على تطوير الوطن من خلال استثماره لأدواته وتفعيل إمكاناته ، إنها نظرية ترتقي عن كونها جملة تصورات مثالية، لتصبح أسساً عملية سلوكية يعتمدها المعرفيون لتفادي الحروب وأنموذجات السلطة المتعفنة التي قوضت الإرادة المعرفية وجرَّت البشرية لويلات الحروب والمجاعات وإنشاء ترسانات الاسلحة البيولوجية ، ولأجل إحداث إدارات معرفية حقيقية تعبر عن جوهر المجتمع وقيمه، تجد في قراءة أسس بناء الحضارات سبيلاً لإحداث أنظمة حقيقية طبيعية تؤمن بوجود طبيعي متين عماده التشارك والاتحاد بين كافة المجتمعات متجاوزة البعد المحلي والاقليمي والدولي وتعميم أنظمة أكثر اتساعاً وشمولاً وغنى اقتصادياً وسياسياً وثقافياً ..



إرسال تعليق

1تعليقات

  1. المقال عنوانه تجمع المعرفيين لصون الوجود
    المقال الذي لا يروق لك بإمكانك عدم نشره، أما التصرف فيه دون إذن، فغير مقبول
    يرجى التعديل أو إزالة المقال

    ردحذف
إرسال تعليق

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!