"تصعيد " هجمات النظام والروس تشير إلى خيارات جديدة

آدمن الموقع
0


المصدر: نيويورك تايمز
الترجمة: الموقع الجيوستراتيجي


إن عودة الهجمات المميتة من قبل القوات الموالية للحكومة في ما يسمى مناطق تخفيف التصعيد في سوريا، بما في ذلك الضربات الجوية الثلاثية على سوق مزدحم قتل أكثر من 50 شخصا، يقوض اتفاقا صاغه مقدمو مشروع القرار خطوة حاسمة نحو انهاء الحرب الاهلية المستمرة منذ ست سنوات ونصف العام.
ويذكر ان الاتفاق الذى تم التوصل اليه هذا العام بين روسيا وايران المتحالفين مع الحكومة السورية وتركيا التى تدعم بعض الجماعات المتمردة اقام اربعة مناطق لتخفيف التوتر حيث من المفترض ان تنخفض الهجمات وتساعد فى تمهيد السبيل لايجاد تسوية سلمية.
مناطق التصعيد تشمل معظم المناطق المتبقية من سوريا التي لا تزال تحكمها جماعات المتمردين، لا تشمل الدولة الإسلامية. وبموجب الاتفاق، يتعين على المقاتلين الامتناع عن شن هجمات جديدة، باستثناء الجماعات المتشددة التى لم توقع على المعاهدة. ومن المقرر رفع الحصار الذي طال أمده للسماح بحرية حركة البضائع والأشخاص.
غير ان تكتيكات الحصار والقصف، ومعظمها من قبل الحكومة السورية ضد المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، استمرت على الرغم من اتفاق استانا في العاصمة الكازاخستانية. وقد أدى الارتفاع الأخير في الهجمات - وعدم وجود أي احتجاج من الرعاة الدوليين لاتفاق أستانا - إلى التشكيك في معارضين الحكومة السورية الذين شككوا في حسن نية الصفقة منذ البداية.
وفى هذا الشهر، اثر اجتماع عقد فى دا نانغ بفيتنام، اصدر الرئيس ترامب والرئيس الروسى فلاديمير بوتين بيانا مشتركا يؤكد "اهمية مناطق التصعيد كخطوة مؤقتة للحد من العنف فى سوريا".
لكن بعد أيام، أصابت الغارات الجوية سوقا يوم الاثنين في بلدة أتارب التي يسيطر عليها المتمردون، والتي تقع في منطقة تهدئة في محافظة حلب الشمالية السورية.
وقال علي عبيد، الشاهد الذي بث آثاره على وسائل التواصل الاجتماعي، إن السوق "دمر تماما". وأظهر شريط الفيديو الخاص به وآخرون اليأس والمعاناة والحيرة.
وفي أحدهما، توقف رجل بالقرب من شخص اعترف به على ما يبدو، وكان رأسه قد انفجر. وقال الرجل في مشهد آخر، رجل دعا للمساعدة من الأرض من متجر دمرت. كان قد فقد ساقه.
جاء الهجوم فى نفس اليوم الذى اصدرت فيه منظمة العفو الدولية تقريرا يدين انتهاكات منطقة التصعيد وما يسمى بالعقوبات الجماعية للسكان المدنيين فى المناطق التى يسيطر عليها المتمردون.
وقال راويا راجح، وهو كبير مستشاري منظمة العفو الدولية، وهو مؤلف مشارك في التقرير، في رسالة بالبريد اإللكتروني: "إن الإعتداءات في أتارب وأماكن أخرى" تسلط الضوء على المخاوف بشأن ما يسمى بالمناطق الآمنة وما إذا كانت آمنة حقا. واضاف "ان المدنيين في سوريا لا يجدون مكانا آمنا".
ومع تركيز اهتمام العالم على قضايا أخرى في الشرق الأوسط، مثل تصاعد التوترات بين المملكة العربية السعودية وإيران التي أثارت أزمة سياسية في لبنان، لم يكن هناك احتجاج رسمي يذكر حول انتهاكات مناطق التصعيد، ويتركز خصوم الرئيس بشار الأسد غير المسلحين.
ويعتبر الزعماء الدوليون أن مناطق التصعيد هي اللبنة الأساسية حيث يجري التحضير لجولة جديدة من محادثات السلام المدعومة من الأمم المتحدة في جنيف هذا الشهر بين الحكومة السورية وائتلاف المعارضة الرئيسي، ومحادثات منفصلة تدعمها روسيا بين سوريا الفصائل في مدينة سوتشي الروسية.
واستشهدت البلدان التي تستضيف ملايين اللاجئين السوريين، بما في ذلك لبنان وتركيا والأردن، بتلك المحادثات واتفاق التصعيد كأسباب للضغط من أجل عودة اللاجئين إلى ديارهم.
ويسمح الاتفاق بالهجوم على جماعة متمردة اسلاميين متشددة، وهى لجنة تحرير الشام " جبهة النصرة  والجماعات القريبة منها" المرتبطة بتنظيم القاعدة. هي الأقوى ضمن منطقة التصعيد التي تضم أتارب ومقاطعة إدلب المجاورة، التي تسيطر على جماعات أكثر اعتدالا تطلق على نفسها اسم الجيش السوري الحر.
لكن "أتراب" ليست تحت سيطرة لجنة تحرير بلاد الشام. وتشتهر المدينة بتاريخها من المقاومة المدنية والمسلحة ضد كل من الحكومة السورية والجماعات الإسلامية المتشددة. ساعد سكانها المتمردين المحليين على طرد تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2014، وأخرجوا جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة - وهي جماعة تحولت لاحقا إلى لجنة تحرير بلاد الشام - بعد أن حاولت تولي السلطة في عام 2015.
إلا أن بعد هجوم النظام على أتارب، عزز الشعور بأن اتفاق التصعيد فشل في حمايتهم، وسلط الضوء على التفكك بين الدبلوماسية الدولية والواقع المحلي.
وقال شادي المحمود الناشط من اتارب "ان القاعدة الآن هي ان المدنيين يستهدفون في كل مكان" وان الصمت الدولي الذي يعقب هذه الفظائع اصبح معيارا كذلك.
في الأشهر الأخيرة، ضربت الغارات الجوية التي شنتها الحكومة السورية أو روسيا المدارس والمستشفيات والمنازل في إدلب وفي ضواحي دمشق من الغوطة الشرقية، وهي منطقة أخرى لتخفيف حدة التصعيد، حيث تقول الأمم المتحدة إن 400،000 من السكان محاصرين وحيث واحد من كل أربعة أطفال معرضون لخطر سوء التغذية. وقد هوجم هذا الشهر مستودع لبرنامج الأغذية العالمي في الغوطة الشرقية. أما مناطق التصعيد الأخرى فتشمل جيبا في محافظة حمص في وسط سوريا وممتد من جنوب سوريا على الحدود مع الأردن.
ومما يزيد من تعقيد الصورة استراتيجية الحكومة السورية المتمثلة في إجبار المناطق التي يسيطر عليها المتمردون على الاستيلاء على الأراضي، وإتاحة الفرصة أمام الناس لاختيار العودة إلى سيطرة الحكومة أو نقلهم إلى إدلب التي يسيطر عليها المتمردون؛ فإن حوالي 20 ألف شخص نزحوا بهذه الطريقة انتهوا في أتارب القريب.
وقالت السيدة راجح ان "عشرات الالاف من المدنيين تم تهجيرهم قسرا الى المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في الشمال في ظل صفقات محلية بعد سنوات طويلة من الحصار غير المشروع والقصف". "انهم عالقون أساسا."
وقال شهود عيان لوكالة فرانس برس ان ثلاث ضربات جوية اصابت السوق. كما قتل أيضا أفراد من قوة الشرطة المدنية التي تقوم بدوريات في المنطقة التي يسيطر عليها المتمردون في غياب سلطة القانون الحكومي.
وفي الشهر الماضي، أقامت تركيا مراكز مراقبة حول محافظة إدلب في ظل صفقة التصعيد، بما في ذلك صفقة تبعد 15 كيلومترا شمال أتارب. بيد ان تركيا لم تقدم اى بيان حول الاضراب. وقد رصدت مجموعة محلية تعقب الطائرات الحربية الروسية المجاورة وقت الهجوم، بيد ان روسيا لم تقدم اى معلومات.
وأكدت منظمة العفو الدولية في تقريرها أن اتفاق تخفيف التصعيد قد استخدم، في جوهره، من أجل "الحكومة لاستعادة السيطرة على الأراضي عن طريق التجويع أولا ثم إزالة السكان الذين رفضوا حكمها".
وقد أبدت الحكومة السورية تحفظات على فرضية اتفاق تخفيف التصعيد. وقال علي حيدر، وزير المصالحة، في مقابلة مع وسائل الإعلام السورية أن فشل الاتفاق سيضع جميع الخيارات الأخرى على الطاولة - بما في ذلك القوة العسكرية.

واضاف ان "للدولة السورية خيارا واحدا وهو القضاء على الارهاب واستعادة اي منطقة في سوريا".

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!