إعداد التقرير التوثيقي: موقع الجيوستراتيجي للدراسات
1- عراقة الإيزيدية وقدم أنتشارها في بلاد الكرد
تعتبر الايزيدية من الديانات الكردية القديمة التي تعود أصولها إلى العصر البرونزي على أقل تقدير، ومعظم الباحثين في الميثيولوجيا والتاريخ يؤكدون على آرية هذا المعتقد، وكردية معتنقيها. بينما تدل جميع الطقوس والشعار والتراتيل المقدسة في هذه الديانة على مجموعات عادات وتقاليد تتضح إنها كردية بالكامل، وتستمد منها الديانات التي ظهرت بلاد الكرد فيما بعد، وامتزجت منها الزردشتية والمانوية والميثرائية، وقد تكون هذه الديانات أفرع منها أو أستمدت هذه من تلك، وقد كانت تمارس في بلاد الكرد والفرس بشكل شامل قبيل وصول المسيحية والإسلام إليها، وتحتفي المصادر العصور الوسطى على إن الكثير من القبائل الكردية كانت تمارس طقوس هذه الديانة الكردية رغم وصول الإسلام إلى الشرق المنطقة.
وهي عبارة عن عادات وتقاليد على شكل طقوس دينية تدل على عراقتها وقدمها رغم تقليص عدد الإيزيديين كثيراً بعد الحملات التي تعرضوا لها من قبل المسلمين.
واليوم تعتبر الديانة الثانية بعد الإسلام في عموم أجزاء كردستان، حيث لا يزال يعتنق نسبة تقاربية تتجاوز 5% من الكرد الإيزيدية، رغم تعرضهم إلى أبشع أنواع الابادة الجماعية خلال العقود الماضية.
2- الأربعاد الأحمر - رأس السنة المقدسة
عيد جارشما سور أو سري صالي، وتقع في أول أربعاء من شهر نيسان الشرقي، حيث يتم فيها حسب العقيدة الأيزيدية تسليم السلطة إلى الملك طاووس ليدير شؤون الدنيا. وهي من الاعياد المقدسة عند الكرد الايزيديين، حيث لكل بيت يزيدي من أن يقوم بذبح خروف في ليلة العيد، ويطبخ قسماً منه ويوزع القسم الآخر للفقراء والمحتاجين.
ويعد يوم جارشما سور من أقدس أيام الكرد الايزيديين، ووفق الميثولوجيا الأيزيدية يتم فيه ﻧﺰﻭﻝ برئيس ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ( ﻃﺎﻭﺱ ﻣﻠﻚ ) ﺍﻟﻰ ﺍﻻﺭﺽ ﻭﻳﻜﺘﻤﻞ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺑﺴﺤﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺟﻤﺎﻟﻬﺎ، ويغطي الورد الأحمر كافة المناطق في شهر نيسان.
ووفق المعتقدات الإيزيدية، إن الله انتهى من خلق الكون في الأربعاء الأول من نيسان، لذا يسمون " الأربعاء الأحمر" بيوم الخليقة. وأن "طاووس ملك" (رئيس الملائكة) بُعث إلى الأرض الجرداء في هذا اليوم من قبل الخالق ليبعث فيها الحياة من ماء وتراب، وتزدهر بها الألوان.
3- طقوس العيد وشعائرها المثيولوجية
يستيقظ الكرد الإيزيديين في هذا اليوم باكراً ويرتدون أجمل ما عندهم من ملابس وزينة، ويزينون منازلهم، بينما يضحي من لديه القدرة بـ أضحية، وتسمى ذلك باللغة الكردية " قربان " سواء كان شاةً أو عجلاً أو خروفاً أو جدياً وما شابه ذلك.
بينما يبدأ الرجال والنساء بعصر الزيتون في معبد لالش قبلة الإيزيديين في صباح العيد ويشعلون 365 قنديلا بعدد أيام السنة، مستخدمين زيت الزيتون النقي.
أما الشابات والشباب فيبدأون بتلوين 12 بيضة مسلوقة، وتلون كل 3 بيضات بلون فصل من فصول السنة، وتوضع في طبق في مركز المنزل، والبيضة في معتقدهم ترمز إلى كروية الأرض، وسلق البيض هو إشارة إلى تجمد الأرض، وقشرة البيضة بعد سلقها رمز إلى ذوبان طبقة الجليد عن وجه الأرض، أما ألوان البيض الزاهية فتدل على الربيع وبداية الحياة.
ويعتبر الكرد الايزيديين إن لطقوس هذا اليوم علاقة وطيدة مع الخليقة والتكوين، حيث يشكلون من خلال ممارسات الاحتفال عملية النشوء ويشبهون البيضة بالكرة الأرضية، ويتم تغلية البيض ليتجمد صفارها ويعتقدون إنها الأرض التي تجمدت وبدأت عليها الخليقة والازدهار. وهذا واضح من خلال طقس ( البيضة ـ المادة ) بعد إخضاعها للطاقة وتحويلها من سائل ( زلال البيض ـ ومن الملفت هو أنه لا يوجد سائل يتجمد بفعل الحرارة إلا زلال البيض ) والى كتلة، وكل ذلك وضع في ايطار طقس لاهوتي مراسيمي ليعبر عن عــيد ( الخليقة الأيزيدية ) الذي يقام له ذكره سنوية ( سه ري سالي ) أي رأس السنة وهو عيد يتبرك به الأيزيديين فينثرون قشور البيض في حظائر اغنامهم ومواشيهم وفوق محاصيلهم الزراعية تيمنا ببركة الخلق الأولى ولتكون محاصيلهم غزيرة كغزارة القشور تمثيلا لشظايا الانفجار الكبير التي تناثرت في الكون الواسع , بعدما يتم خلي البيض وتلوينها .
وهنا من الجدير بالذكر أن من المفترض دينيا أن يكون البيض ملون بالألوان الأربعة فقط , وكان معمولا بذلك قبل سنوات قليلة إلا أن الأغلبية من الأيزيديين لم تعد تدقق في هذه الأمر .
والألوان هي ( الأبيض ـ الأحمر ـ الأصفر ـ ) كما جاء ذكرها أعلاه ! وأيضا اللون الرابع ( الأخضر ) كما جاء في النص الديني المقدس :
" حينما نزلت لالش على الارض
نبتت جميع النباتات ( اكتست الارض باللون الاخضر)
وبه تزينت جميع جهات الارض ".
بينما في صباح الثلاثاء الذي يسبق العيد، يخرج الناس لزيارة قبور موتاهم حاملين معهم جميع أنواع الفاكهة والحلويات لتوزيعها على الأطفال والفقراء. كما تُمنع حراثة الأرض هذا اليوم، لتقوم الطبيعة بدورها في تفتح البراعم والزهور.
ويتجنب الإيزديون الزواج في هذا الشهر لأنهم يعتقدون أن ذلك سيجلب النحس إلى حياتهم، فشهر نيسان في معتقدهم هو "عروس السنة" التي لا تضاهيها العرائس
ويعتبر الكرد الايزيدين إن الأربعاء الاحمر تجمع أربعة مناسبات مقدسة:
1. انفجار الذرة البيضاء من صرخة الرب، وتكون منها التراب والماء والهواء والنار المقدسة لبدء الكون
2. غليان الأرض: التي شبه بها غليان البيضة، الأرض التي تجمدت وازدهرت واخضرت بعد الانفجار
3. عيد الخليقة: وهي مرحلة ضخ الدم في أول جسد وهو آدم ومنه بدأت الحياة
4. عيد الخصوبة: وهي خصوبة أول بيضة لإعادة تكوين أول كائن حي
فالنار عند الإيزيديين مقدسة لأنهم يحبون النور ويبتعدون عن الظلام، لذا يشعلون القناديل يوم العيد لنشر النور. وتعرضوا عبر الأزمنة إلى اتهامات بأنهم، الإيزيديين، عبّاد النار من قبل الشعوب التي عايشتها بسبب تقاليدهم في تقديس النار.
المراجع:
1- ويكيبيديا الموسوعة الحرة
2- تقرير خاص لقناة BBC البريطانية نيسان 2018
3- بحث لـ سفيان شنكالي نسيان 2014
4- المتحف التاريخي الإلكتروني الكردستاني