تحليل عقلية إدارة ترامب وتكتيكات أردوغان عشية زيارته للولايات المتحدة الأمريكية " والمتوقع منها "

komari
0


قراءة سياسية لـ: إبراهيم كابان 

التوبيخ سيكون سيد الموقف بالنسبة للخطاب الأمريكي في وجه أردوغان حينما يحضر اللقاء مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكلاهما يمران بأزمة داخلية بعد تدهور السياسات الخارجية الأمريكية في ظل إدارة ترامب، ودخول تركيا في النفق المظلم "إقتصادياً" جراء سياسات أردوغان الخارجية التي تنعكس سلباً على الداخل، والعزلة التركية في المحيط ومع المجتمع الدولي باتت واضحة نتيجة للسلوكيات الخاطئة التي يمارسها فريق أردوغان الخارجي، لا سيما القضايا الأمنية وإدخال تركيا في حروب ونزاعات مع المحيط العربي والأوروبي والأمريكي. ويمكن أن نسمي هذا اللقاء " لقاء الإدارتين المتأزمتين " بعد الهوجة العنيفة التي تتعرض لها إدارة ترامب، وإتحاد تيارات الصقور داخل المؤسسات العسكرية والسياسية الأمريكية والحزبيين الجمهوري الديمقراطي ضد قرار الرئيس ترامب في الإنسحاب من سوريا، وإعطاء المجال للأتراك في تنفيذ الغزو للشمال السوري، ومحاربة الحليف المحلي للولايات المتحدة الأمريكية "الكرد وقوات سوريا الديمقراطية"، وقد تعصف الازمة في كلا البلدين إلى إجراءات كبيرة ضد الإداراتين، إذا ما لم يكن ترامب خشناً في مطالبه من رأس النظام التركي، بعد أن حول أردوغان تركيا إلى مستنقع دكتاتوري يمارس فيها عربدته الإقتصادية وبلوغ كافة الفواحش الأمنية ضد المعارضين والمجتمع، ولن يكون ذلك بمعزل ملف الجرائم التي يرتكبه الجيش التركي والمجموعات المرتزقة أثناء غزوهم لشرق الفرات، وكذلك ملف الإرهاب والمجموعات التي ترعاها تركيا.
موضوعياً تحقق ما أتفق عليه ترامب مع أردوغان في السكوت عن التدخل العسكري التركي إلى بعض المناطق في شرق الفرات، وإحتلال نقاط محددة لأغراض تهدئة الأتراك على حساب الحلفاء المحليين لأمريكا في سوريا، وبنفس الوقت تفاجئ الطرفان برفض دولي كامل للغزو التركي، وشكلت ذلك ضغطاً إضافياً على كلا الإداراتين، وخاصة داخل المؤسسة السياسية والعسكرية الأمريكية، الذين يقودون سياسة حرب الاستنزاف مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد فتح باب المحكمة العلنية عليه، لعدة قضايا أستراتيجية تتعلق بالفساد والسياسات الخاطئة داخلياً وخارجياً، وإلحاق الأذى بالمصالح الأمريكية في الخارج لا سيما مع الحلفاء الأوروبيين وفي الشرق الأوسط، حيث يقود الاتحاد بين تيارات واسعة داخل الحزبين الجمهوري والديمقراطي الأمريكيتين في البرلمان والكونغرس إجراءات متواصلة ضد قرار الانسحاب من سوريا.
إلى ذلك تسببت سياسات ترامب في خلق شرخ عميق بين دول حلف الناتو، وإن لم يظهر ذلك على العلن، لدرجة تحدث الرئيس الفرنسي قبل يومين عن " الموت السريري لحلف الناتو " بسبب السياسات الأمريكية الخاطئة، والخروقات التركية الكبيرة لسياسات الحلف. وألتحقت بدروها الخارجية الألمانية في ركب المنتقدين للسياسات الأمريكية وحلف الناتو، واكدت على ضرورة إجراء مراجعة حقيقية وواسعة لحلف الناتو، وإن كانت اللهجة الألمانية جاءت ضمن نسق خفيف، إلا أنها جاءت لتستكمل الاستنكار الأوروبي العام حيال تصرفات إدارة ترامب والتصرعات التركية ومخالفاتها.
الرأي العام التركي قلق حيال زيارة أردوغان لتركيا وإن كانت المعارضة التركية تتمنى أن يتلقى أردوغان توبيخاً شديد اللهجة من الإدارة الأمريكية بعد أن تحدث زعيم الحزب الجمهوري التركي قبل أسابيع قليلة عن فضح أردوغان لشخصية الدولة التركية وهيبتها امام العالم بعد التوبيخ الذي تلقاه أردوغان  عبر رسالة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عشية الغزو التركي للشمال السوري، بالإضافة إلى الفائدة التي سوف تتلقاها المعارضة التركية إذا ضعف نظام أردوغان في الداخل والخارج، وذلك سوف يفتح الطريق أمام الحزب الجمهوري في الاستحواذ على الشارع التركي خلال الفترة القادمة، لا سيما على حساب حزب العدالة والتنمية " الإسلام السياسي " الذي يترأسه أردوغان.
لن يكون الخطاب الأمريكي في وجه أردوغان بمعزل عن الضغوطات الأوروبية على الإدارة الأمريكية، إلى جانب الضغوطات الداخلية الأمريكية على إدارة ترامب، وسينجم بطبيعة الحال عن خطاب ربما يكون قاسياً ضد سياسات أردوغان، إلا أن أردوغان لم يكن يستطيع التحرك نحو الغزو بدون موافقة ترامب، وبذلك لن يهتم كثيراً لخطاب ترامب، خاصة بعد التعويض على طبيعته في التعبير، أي لن يكون التوبيخ مهماً لأردوغان أمام أي مكسب آخر يحصل عليه في الحفاظ على ما حققه من احتلال في الشمال السوري خلال الغزو الاخير.
سيحاول أردوغان تقديم نفسه كمحارب ضد الإرهاب، وسوف يكون خطابه مركزاً على تطبيق الاتفاق بوقف إطلاق النار رغم إنه لم يلتزم بذلك مطلقاً، وإدارة ترامب تدرك تماماً إنه يكذب علناً، إلا أن خفض شحنات الغضب لدى الشارع الأمريكي من خلال إطلاق تصريحات مناوئة لسياسات أردوغان، ستكون إحدى التكتيكات التي سوف يستخدمها ترامب وفريق عمله مع إستقبال أردوغان. وبطبيعة الحال سوف يهاجم الإعلام الأمريكي هذه الزيارة إلى جانب تنفيذ بعض المنظمات الأمريكية لبعض المظاهرات الكبيرة ضد زيارة أردوغان، وسيشكل ذلك عاملاً إضافياً للضغط على إدارة ترامب، ويدب الخوف في شخص أردوغان الذي يخشى أن يتلقى توبيخاً كبيراً يهز شخصيته ويؤثر في شعبيته داخل تركيا.
سوف يركز أردوغان وفريق عمله على أستراتيجية جذب الطرف الأمريكي على أساس إنه حليف تاريخي للولايات المتحدة ، وتقديم نفسه منفذاً لسياساتها وبوابة تواجدها في الشرق الأوسط، كما سيحاول تقديم عدد من الاسماء القادة والعناصر الداعش الذين أستخدمهم أردوغان في مشاريعه داخ سوريا والعراق للإدارة الأمريكية على إنهم إرهابي الداعش وإن تركيا القت القبض عليهم، وسيحاول عرض بعض الصفقات التجارية السمينة، إلى جانب ترميم المستنقعات التي أنتجهُ نظام أردوغان بعد التقارب مع روسيا، وسوف يكون ترامب وإدراته شديدة اللهجة إن لم يقدم أردوغان لهم أموال وصفقات، وأردوغان يدرك ذلك تماماً، ولعله يقدم عروض جديدة، قد تكون النفط القادم من العراق والذي يتحكم به نظام أردوغان، أو الذهب والأموال التي سرقها نظام أردوغان من ليبيا بالتعاون مع المجموعات المتطرفة التي تحكم طرابلس، أو ربما عروض قطرية لإنقاذ حليفها أردوغان من خلال تقديم المال" شيك كاش "، ومحاولته إعطاء تصور جديد عن العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية على حساب التراجع في العلاقات مع الروس.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!