وحدة الكُرد نحو حل القضية الكُردية والأزمة السورية

آدمن الموقع
0


الكاتبة: زينب قنبر 
خاص: الجيوستراتيجي للدراسات 


تمر الشعوب والأمم بمنعطفات تاريخية تغير معها مسار حركتها، وتضعها على أعتاب مرحلة جديدة من التطور والنهوض، بعد مكابدتها آلام مخاضات ولادة عسيرة، تصنع معها عناصر قوتها ومناعتها، وتضعها في مصاف الأمم والشعوب الساعية للوصول إلى حريتها. 
الشعب الكردي، وطيلة تاريخه الطويل، عانى من الكوارث والويلات – ومازال – لعوامل خارجية وذاتية، كان لها الأثر البالغ في عدم الوصول إلى حريته أسوة بشعوب العالم. 
لقد كان لتقسيم الوطن الكردي بين أربعة دول، السبب الرئيسي في تأخر الكرد عن ركب الحضارة العالمية، فضلاً عن المؤامرات التي حيكت من قبل الدول الإقليمية والعظمى، والتي حدت دون وصول الكرد إلى حريتهم. 
إلا أن عامل التقسيم والشرذمة التي يعيشها الكرد داخلياً، والتي هي بشكل أو بآخر انعكاس للعامل الخارجي، ساهم إلى حد بعيد في عدم تحقيق الكرد أمانيهم ومطالبهم في الحرية والاستقلال على حد سواء. فالتصدعات التي تشهدها الساحة السياسية الكردية، والانقسام في الولاءات ببين عدة أطراف كردستانية، وجدت مرتسماتها على الأرض في خلق شروخات مجتمعية، بات معها من الصعب بمكانه لملمة أطرافها وتجاوزها. 
مع انطلاق ثورة روج آفا، وتحقيقها المكاسب الوطنية، وإعلان الإدارة الذاتية الديمقراطية، واستتباب الأمن والاستقرار في كل مناطق روج آفا، بات من الضروري تجاوز حالة الانقسام في البيت الكردي والوصول إلى حالة من وحدة الموقف والخطاب، لما تتعرض له منطقتنا من تحديات مصيرية، لا يمكن مجابهتها إلا بهكذا مواقف وحدوية. 
في هذا الإطار كانت مبادرة القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم عبدي في إطلاق دعوة لجميع الأحزاب والقوى السياسية الكردية بضرورة توحيد الصف الكردي، كانت رداً واقعياً على الأسئلة التي يطرحها الشارع السياسي الكردي بكل أطيافه وألوانه، ولاقت استحساناً وقبولاً من قبل معظم الأطراف، التي كانت حتى الأمس القريب تتهرب من استحقاقات الوحدة الكردية وتضع العصي في عجلاتها. 
دعوة الجنرال عبدي في إطارها السياسي العام، لا تنم عن ضعف أو استجداء لطرف كردستاني، ففي مسائل الوحدة والتلاقي بين أطراف سياسية، لا يمكن النظر إليها إلا من زاوية الحرص على مصير شعب بأكمله واقع بين فكي كماشة الإبادة أو الوصول إلى حريته، كما أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال وضع اشتراطات على هذه الدعوة "المفتوحة"، كونها تهم الجميع ولا تستثني أحداً. 
التجاوب مع المبادرة من قبل أطراف كردستانية فاعلة ولها حضورها القوي على الساحة السياسية الكردستانية، يمكن فهمه من زاوية التقاء وجهات النظر حول إعادة الثقة بين القوى السياسية في روج آفا، والبدء بمشروع حقيقي لوحدة الصف وتوحيد الخطاب السياسي، لتعقبه دعوة للجلوس حول طاولة واحدة، يكاشف فيه كل طرف الآخر، ويضعون برنامجاً "وطنياً" إستراتيجياً، يضمن الخطوط العامة والرئيسية لحل القضية الكردية في سوريا، وتكون رافعة وطنية يُبنى عليها لحلها في الأجزاء الأخرى أيضاً. 
إن سياسة المحاور التي قسّمتِ الحركة السياسية الكردية في روج آفا أكثر ما جمعتها، وبات من الضروري، وبعد إطلاق دعوة الجنرال عبدي، أن تلتقي القوى الكردية في روج آفا حول ما يهم الساحة الكردية في روج آفا، دون التخلي عن التزاماتها الوطنية الكردستانية العامة، على العكس تماماً، كرد روج آفا اليوم بأمس الحاجة إلى وقفة أشقائهم في الأجزاء الأخرى للوقوف إلى جانبهم، ومدهم بكل أسباب القوى التي تجعلهم يصلون إلى الحفاظ على مكتسباتهم الوطنية وتجاوز حالة الانقسام التي يعيشونها. وفي هذا الإطار تتجه الأنظار إلى كل من قنديل وهولير، حيث لهما دور بالغ في تقريب وجهات النظر بين القوى الكردية في روج آفا، والأصوات الصادرة من كلا الطرفين تبشر بتفهم الدور التاريخي لهما، وكل الاعتقاد أن الأيام القادمة ستشهد حراكاً سياسياً كردياً فاعلاً في هذا الاتجاه. 
كما أن المبادرة في إطارها الوطني السوري، تشكل بوابة للولوج إلى حل للأزمة السورية، ليقين الحركة السياسية الكردية أنه لا حل للأزمة السورية بمعزل عن الكرد، وأن الحضور السياسي الكردي لن يكون فاعلاً وبالمستوى المطلوب دون وحدة الخطاب والمشروع الكردي في روج آفا وسوريا، وعليه فإن المبادرة تنطوي على استحقاقات وطنية سورية، تساهم في الدفع نحو إيجاد حل سياسي للأزمة، دون التغاضي عن أن الكرد يملكون مشروعاً سياسياً رائداً يمكن التعويل عليه في حل الأزمة، وهو ما طرحه مجلس سوريا الديمقراطية من خلال سوريا لا مركزية، تتشارك فيها كل المكونات في صناعة القرارات. 
لكن لا يمكن للكرد تثبيت حضورهم في معادلة الحل السورية دون تحقيق وحدة الصف، وغياب الموقف الكردي الموحد كان السبب في إبعادهم عن كل المؤتمرات والاجتماعات الدولية بشأن حل الأزمة السورية.


إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!