قوات سوريا الديمقراطية بين مخالب جيفري وأنياب لافروف .. سيناريو القادم

komari
0

قراءة سياسية لـ: إبراهيم كابان 
خاص/ الجيوستراتيجي للدراسات

مع عودته إلى تركيا عائداً من مؤتمر ألمانيا للمصالحة الليبية، وبعد فشل محاولاته في غزو ليبيا بالمرتزقة من المعارضة السورية، صرح رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان إن الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين طرحا عليه أن يتفاوض مع قائد قوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم عبدي. وبالتزامن مع هذه التصريحات لأردوغان صرح الجنرال مظلوم عبدي إن قواته على استعداد تام للحوار وعملية السلام مع تركيا، وعلل ذلك بأن يتحلى الطرف التركي بمنطق السلم والحوار، وأن لا يفهم من ندائنا على إنه ناتج من منطق الضعف. وخلال ذلك صرحت جهات إعلامية مقربة من الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية إن وفد أمريكي برئاسة جيفري ووفد من الحكومة الروسي سوف يزوران مناطق الإدارة الذاتية للقاء مع قائد قوات سوريا الديمقراطية، وطبعاً كلاً على حداه. 
هذه التصريحات المتبادلة، والتطور في الخطاب بين الطرفين، والتحركات اللاحقة للأمريكيين والروس توحي بسيناريوهين منفصلين، وبوادر تغير وجهة الاحداث سواءً إيجاباً أو سلباً، أحدهما أمريكي وآخر روسي، فالأمريكيين سيحاولون من خلال التحركات الجديدة تحقيق تقارب في وجهات النظر بين كرد سوريا والأتراك، وهو ما سوف يساعد الخارجية الأمريكية في حلحلة الإشكاليات التي نشبت خلال الأعوام السبعة الماضية، وكان سبباً في دخول الوجود الأمريكي في سوريا بأخطاء كارثية، بعد أن ساعدتالولايات المتحدة في بناء قوات سوريا الديمقراطي كحليف مهم لمحاربة الإرهاب وبنفس الوقت إعطاء المجال للنظام التركي في السيطرة على مناطق حيوية من روجآفا/ شمال سوريا، لا سيما الاحتلال التركي للمنطقة بين رأس العين وتل ابيض وقطع التواصل الجغرافي بين الجزيرة وكوباني، وبذلك حققت تركيا الجزء الأكبر من أطماعه في تقطيع المنطقة الكردية في الشمال السوري إلى منطقتين تفصلهما 100 كلم، بعد نجاح أحتلاله على منطقة عفرين وقباسيين وأكثر من 700 قرية وبلدة كردية حول عفرين وأعزاز والباب وجرابلس، وتعتقد تركيا إنها بذلك قضت على الحلم الكردي في إقامة دولة وفق زعمها. بينما يحاول الروس إقناع الكرد في خوض حوار مع النظام السوري وبنفس الوقت فرض أبعاد الكرد عن المنطقة الحدود مع تركيا.

عملياً الولايات المتحدة الأمريكية لم تتقدم بأية خطوة جدية في إجراء العلاقات السياسية مع الإدارة الذاتية في شمال سوريا والكرد، بالرغم من تقديمها للمساعدة العسكرية، ونجاح الكرد وقوات سوريا الديمقراطية في القضاء على وجود دولة الداعش، والخطاب الأمريكي في هذه العملية محصور حتى اللحظة بالعلاقات العسكرية ومكافحة الإرهاب فقط، وهذا ما ظهر بشكل وضح  بعد إعطاء إدارة ترامب دون الكونغرس والبرلمان الأمريكي الضوء الأخضر للاحتلال التركي في اجتياح المنطقة الحيوية  من الشمال السوري ( رأس العين وتل ابيض )، حيث كان التواطئ الأمريكي واضح مع الطرف التركي والمجموعات المرتزقة التي أستخدمتها تركيا في عملية ما تسمى " نبع الفرات ". ومقابل ذلك لم تخرج التصرفات الروسية عن هذا السياق، حيث أقدمت روسيا على إجراء صفقات مع الطرف التركي في عدة أوجه خلال عام 2018، وكان أعظمها رفع التغطة عن منطقة عفرين وفتح المجال للأتراك في إحتلال المنطقة، وكان ذلك بوابة لتعميق العلاقات بين الطرفين.

إن النظر في أفق هذه المعطيات يظهر لنا وجهين مختلفين في النتائج التي قد تفضي إليها هذه التطورات، حيث من الممكن أن يعود السباق بين الإدارة الأمريكية والنظام الروسي في أستمالة النظام التركي على حساب فتح مجال لها مجدداً لإحتلال مناطق في الشمال السوري، وقد تكون نقطة ريف كوباني الشرقي على رأس المدفع، هذا بالنسبة للطرف الروسي الذي سوف يتحرك بأتجاه عدم خسارة علاقاتها مع تركيا إن نجحت أمريكا في إجراء حوار بين الكرد والنظام التركي في سوريا، والأمريكين سيحاولون ايجاد سبل لهذا التقارب، لاسيما وإن النظام التركي يعاني ضغوطات داخلية وخارجية شديدة كنتيجة لسياساتها الدونكيشوتية، بعد تراجع شعبية أردوغان وحزبه في الداخل، وخشيته بشكل جدي من الخسارة في الانتخابات القادمة أمام المعارضة الكردية والتركية، بعد تعرضه لهزة قوية في آخر انتخابات، وبنفس المستوى دخول العلاقات التركية مع المحيط العربي والإسلامي والأوروبي في نفق مظلم كنتيجة لدعم النظام التركي للمجموعات الإرهابية وفي مقدمتهم حركة اخوان المسلمين، والقاعدة، وزعزعة أمن وأستقرار ليبيا والخليج العربي من بوابة دعم المجموعات المتطرفة في طرابلس والنظام القطري في الخليج. وقد يكون حاجة النظام التركي للملمة جراحه من خلال إجراء حوار مع الكرد حتى يستطيع إستمالة أصوات الكرد في تركيا من طرف، وطبعاً يشكل الكرد كفة الميزان في فوز اي جهة داخل تركيا، وبنفس الوقت يتنفس النظام التركي من خلال تهدأة الأوضاع بعد إنعكاس فشله في الخارج والداخل على صيرورة حكم أردوغان وحزبه.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!