من أمراة حرة لعائلة نموذجية نحو وطن حر

آدمن الموقع
0

بقلم/ زينب قنبر
خاص/ الجيوسترتيجي للدراسات

عندما نريد معرفة الواقع الذي كان يعيشه المجتمع السوري، إلى يومنا الراهن، علينا تحليل واقع المراة والوطن، فكلاهما المنتج المعطاء، والحامي لكل ماهو جميل.

تواجد المرأة بشكلها الطبيعي في اي مجتمع، يكون نتيجة لحياة طبيعية، مفعمة بالأخلاق المجتمعية. كلوحة فسيفسائية جميلة، تعبر عن موزييك هذا الشعب. ولكن الواقع الذي عاشته المرأة السورية وماتزال، يفرض عليها ومن خلال أحداث الحرب، التي عاشها السوريون في هذه المرحلة، والتي انعكست كمرآةٍ على المجتمع السوري، هو ان المراة كانت مسلوبة الإرادة، تعيش تحت حكم رجلٍ مستبد حاكم، ضمن مجتمعٍ مشتت، وقيم عيش متناقضة، حيث تحول فيه الحب الذي هو أسمى جوانب الحياة، لمجرد غريزة بحاجة للإشباع، بين ذكرٍ وأنثى، متناسين المعنى الحقيقي لها، وأن التكاثر والمولود الجديد يحتاجان لمقومات الحياة، وحماية النفس، ليصبح إنساناً حراَ. هذا الواقع لم يكن مفروضاً على السوريين فقط، لأن المجتمع السوري جزء من منظومة عالمية، تكون فيه المرأة إما سلعة رأسمالية في أسواق التجارة والدعاية، أو آلة للإنجاب، أمٌ خُلقت لخدمة الرجل وإسعاده، كونها أنثى، وفي نفس الوقت يتعرض الشعب للإبادة اليومية، متأثراً بحالة الإنحلال والإنصهار، التي كان يعيشها المجتمع السوري في ظل دولةٍ قومية، تحت كل تأثيرات الحداثة، وجذب الأفراد والمجتمع للعيش في المدن، متأثراَ بالثقافة المزيفة المنتشرة في المدن، كسرطانٍ ينتشر بين المجتمع، والتي كانت السبب الرئيسي في إبعاد المواطن للتفكير، بجمال الحياة وديمومتها، وإغوائه، بما هو لامعٌ وبراق، دون ان يُدرك أن هذا الواقع الذي عشناه كسوريين، كان السبب الرئيسي لأن يحترق الوطن بالقنابل والطيران والغارات، وتُسحق تحت أقدام كلِّ من له مآرب على الأرض السورية.
إلا أن حسابات كل من حاول اللعب، بإرادة الشعب السوري للنيل منه أرضاً وشعباً، بدأت تتلاشى يوماً بعد يوم أمام تجربةٍ بدأت من روج آفا، وأصبحت مثالاً لكل السوريين في لمِّ الشمل، لِلمِّ أشتات الوطن الممزق، ألا وهي التجربة الرائعة، لعلاقة المرأة بالرجل، علاقة الحب والعشق في الوطن، لتصبح ثورة المرأة نحو وطنٍ حر، علاقة مفعمة بروح المحبة ضمن أخلاق مجتمعية، تعيد الشكل الطبيعي للمرأة في المجتمع السوري، والتي بدأت تنعكس على سوريا الوطن كاملةَ، دون إنكارٍ و إقصاء لأحد، ضمن علاقاتٍ بعيدة عن أسلوب العلاقات السطحية الرخيصة، التي كانت السبب سابقاً في الإنكار والبعد الإجتماعي، الذي أوصل المجتمع السوري، لواقع مؤلم، يترتب على السوريين التفكير بحكمة وعمق، والبحث عن الأسباب لإيجاد الحلول.ألا وهي المراة، فالمرأة الحرة تعني الوطن الحر، ولا حرية لوطن مجتمعه مستعبد.
فتجربة المراة الكردية في روج افا، والتي أصبحت مثالاً لكل النساء السوريات للعمل بها وعليها، كونها حقيقة الوطن والمواطنة والوطنية، حيث ان المرأة رأت نفسها الأساس في تثوير المجتمع، نحو التغيير ضمن أخلاق لابد ان تُقاس، حتى تكون الرد على كل متآمرٍ ومحتلٍ للأرض والفكر. وإن تراءى للأذهان لِمَ المرأة؟ عليهم معرفة أن قيم الحب والجمال والحرية، لايمكن أن تُعاش في وطن، تعيش فيه المرأة في ظل العبودية، وبالتالي لايمكن أن نقول عن مجتمع أنه حر ونصفه مستعبد، هذا ومن جهة أخرى، كون المرأة هي الركيزة الأساسية في المجتمع، والمحرك الأساسي له نحو التغيير، وتحقيق الحب والحرية بأسمى أشكالها، وبذلك تكون قد خطت الخطوات الثابتة نحو العائلة النموذجية، لذا نظمت المرأة نفسها منذ بداية الأزمة، ووضعت طموحاتها وتطلعاتها بعين الإعتبار، وبدأت تبني ارتباطات قوية لتحقق ذلك، فبدأت بعلاقة العشق بين المراة والوطن، وصولاً للعائلة النموذجية، لتكون المثال لشكل المجتمع في وطنٍ حر.

وكان هذا التغيير نحو المكتسبات الإيجابية، التي نراها الآن في شمال وشرق سوريا، والتي أصبحت الخطوة الخطوة الأساسية، لبناء مجتمع أخلاقي سياسي ايكولوجي.

بروح المسؤولية انطلقت المرأة لتحيي إنانا وعشتار بروحٍ مفعمة بحب والوطن والحياة. نظمت نفسها في كافة المجالات، السياسية والعسكرية والإجتماعية ووضع الخطوات الأولى في الإقتصاد المجتمعي، على مبدأ أن المجتمع المنظم هو المجتمع الحر.
خرجت المرأة من رحم الثورة لتبشر بمخاض مجتمعٍ جديد، فوحدت آمال المكونات، لتعلن أن الحياة التشاركية التي عبرت عنها المراة، بوجودها في صنع القرار ضمن الرئاسات المشتركة، في جميع المجالات، وعلى كافة الأصعدة، ستكون المثال لحياة تشاركية في المجتمع، وأن أخوة الشعوب والأخلاق المجتمعية، هي الأساس في التعددية نحو حل الأزمة السورية، في وطنٍ ديمقراطيٍ لامركزي حر.
اعلنت المرأة وحدتها وتكاتفها ضمن المجتمع، ومن كل المكونات، وحوّلت المجتمع للوحة فسيفسائية جميلة، تعبر عن موزييك النسيج السوري المتعايش على أرضٍ واحدة، ضمن إداراتٍ مبنية على احترام الثقافات، لجميع المكونات في مجتمع كومينالي والعيش على مبدأ المساواة.
بالإدارات التشاركية وبريادة المرأة ذات الفكر الحر، أعطت المعنى للشكل الطبيعي للمجتمعات المتعايشة مع بعضها البعض. ورغم ان هذا النموذج يتعارض مع النظام السلطوي، ولكن لم يستطع أحد ان يحد من مقاومة المرأة وإصرارها. فمن مقاومة آرين ميركان في كوباني، التي أصبحت المثال والقوة، للمراة في منبج والطبقة والرقة ودير الزور، وصولاً لمقاومة العصر، التي تبدتها المرأة العفرينية، المتشبثة بالأرض والزيتون والتاريخ، أمام المحتل التركي، مقاومة أفيستا وبارين، إلى مقاومة الكرامة حيث هفرين الرمز.
والآن وبأكثر جرأة وتصميم، فالمرأة في شمال وشرق سوريا، المرأة التي تحدت العوائق، وانتصرت على الإرهاب، تُصر على تجاوز المحنة، التي تواجهها البشرية جمعاء ألا وهي كورونا. فبالتنظيم والمحبة والإصرار والمقاومة، تعمل المرأة لتثبت للعالم، أنها ستتجاوز جميع الأزمات والمحن بسلام، وستعود كل امرأة سورية إلى بيتها وموطنها، وسنُدمل جرحنا، لنبدأ حياتنا من جديد، وبإرادة المرأة الحرة، ومطلبها في العيش بكرامة سنحقق مانتمناه. حينها نثبت للعالم أجمع أن المرأة هي الوطن، الأمة، وهي الحياة، وأن من تعرف كيف تعيش وكيف تتحرر؟ جديرة بأن تعيش في وطنٍ حر، وطنِ تعددي ديمقراطيٍّ لامركزي، في مجتمع أخلاقي سياسي نحو تحقيق مشروع الأمة الديمقراطية .

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!