الإتفاق بين الشركات النفطية الأمريكية وقوات سوريا الديمقراطية هي بداية تثبيت المصالح الأمريكية في المنطقة.

آدمن الموقع
0

خاص/ الجيوستراتيجي للدراسات

كشف السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام النقاب عن عقد إتفاق رسمي بين الجنرال مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية وشركة نفط أميركية Delta Crescent Energy LLC لتحديث حقول النفط في شمال شرق سوريا. وتأتي هذه التطورات بعد تغيير وجهة السياسات الأمريكية في المنطقة، وفقدان الطرف الكردي الثقة بالتحالف الدولي بعد العملية التركية التي نجمت عن إحتلال مناطق حيوية كردية في شمال سوريا. وكانت ذلك نقطة تحول اخلفت عن تغيير الاستراتيجية الأمريكية في سوريا، تعرضت من خلالها إدارة ترامب إلى ضغوطات وزرة الدفاع والكونغرس وبنتاغون وقوى ضاغطة داخل الحزبيين الجمهوري والديمقراطي وبرلمان الولايات، إذ أن التراجع الذي أبداه الإدارة الأمريكية خلال المراحل السابقة في شمال شرق سوريا عرضت المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط إلى خطر كبير، إبتداءً من داخل العراق وما يتعرض له القواعد الأمريكي من هجمات يومية تنفذها مجموعات مسلحة عراقية - موالية لإيران. إلى جانب العلاقات التركية الروسية التي تطورت على حساب حلف الناتو والعلاقات الأمريكي الأوروبية معها.
بمعنى هناك عدة دوافع لأن تتوجه الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا إلى دعم وجودها في المنطقة الكردية من سوريا، وهو بطبيعة الحال مطلب عربي خليجي لمنع التمدد الإيراني، وأيضاً بحكم الصراع الدائر بين السعودية والإمارات ومصر مع تركيا بعد توسع الاخيرة في الأراضي السورية والعراقية والليبية بغية احتلال اجزاء منها. أوجدت هذه التطورات منظومة وحلف شرق أوسطي وإن لم تظهر بشكل رسمي على العلن إلا أنها يتضح معالمه شيء فشيء، وعملية تبلور تحالف أوروبي عربي بالاتفاق مع قوات سوريا الديمقراطي والكرد بات ممكناً في هذه الظروف الإقليمية والدولية، والهدف قطع الطريق امام التوسع التركي والتمدد الإيراني على حساب البلدان العربية.
بهذا الصدد وللحديث عن الاتفاق الذي حصل بين الشركة الأمريكية وقوات سوريا الديمقراطية، أجرت شبكة الجيوستراتيجي للدراسات حواراً تحليلاً مع الباحث الإستراتيجي إبراهيم كابان.

س1- على أي أساس نشرت صحيفة الشرق الأوسط والإعلام الدولي إن الولايات المتحدة الأمريكية تعترف بالإدارة الذاتية؟


ج. إن عقد اتفاقيات نفطية بين الشركات الأمريكية وأية قوة أو دولة حول العالم لا تتم إلا من خلال ثلاث مسائل:
1- ضمان أستمرارية وطول مدة البقاء في المنطقة للإستثمار فيها، " وليس من المعقول أن تتفق شركة وتدفع الملايين الدولارات من أجل مشروع وقتي !! ".
2- الإعتراف بالقوة المحلية التي تتواجد في تلك المنطقة " الشركات الأمريكية لا تستطيع توقيع إتفاقيات مع أية قوة غير مشروعة وغير رسمية؟".
3- التواجد العسكري الأمريكي لحماية المنشآت الإقتصادية لشركاتها". والأمريكيين مشهورين في هذه النقطة إن تدخلوا في منطقة وبنوا فيها شركات وصرفوا الاموال فيها لا يتركونها هكذا هباءً منثوراً.
إذا نفهم من طبيعة هذا الاتفاق الذي كشف عنه الإعلام الأمريكي على السيناتور المشهور ليندسي غراهام .... إن التوجه الأمريكي إلى منطقة الإدارة الذاتية هو إقتصادي بحت كما هو عسكري لحماية الاستقرار من أجل الفائدة الاقتصادية، وعندما نقول إقتصادي إذاً نحن أمام اتفاق رسمي، وهذا يعني إن هذه المنطقة أصبحت بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية مركز عمل وإستفادة إقتصادية، ولا يمكن التخلي عنها لأية أسباب.

س2- ولكن السؤال المشروع هنا: إذا الأمريكيين عقدوا الاتفاقيات من أجل النفط من أين سوف يتم تصديره؟، وهل ثمة طريقة تجهزها أمريكا في هذا الشأن؟


ح. نعم هذه المسألة تدخل ضمن سياق المصالح الأمريكي في الشرق الأوسط، فهناك حضور أمريكي في الجارة العراق، وإقليم كردستان، ويتم تصدير نفطها من خلال ميناء العراق المطل على الخليج العربي، وكذلك هناك أنابيب كبيرة يتم تصدير النفط من خلالها إلى مصافي جيهان التركية على المتوسط، بالاضافة إلى إمكانية بناء خطوط نفط إلى الكويت من المملكة العربية السعودية، حيث إن نقطة دير الزور تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، وهناك سيطرة لقوات التحالف الدولي على اجزاء كبيرة من الحدود في الجهة الجنوبية " التنف "، ولكنني أعتقد ستكون وجهة تصدير النفط من المنطقة الكردية في سوريا من خلال تركيا، وقد تكون هناك امكانية عقد اتفاقيات بين أمريكا وتركيا وقوات سوريا الديمقراطية في هذا الصدد.

س3- ولكن هل النظام السوري وحليفتها روسيا والإيرانيين سوف يقبلون بهذه المسألة؟


ج. عملياً لم يعد لوجود النظام السوري شيء، والنظام أصبح ضعيفاً جداً، كما المجموعات المعارضة التي تستخدمها تركيا، ومسألة التواجد الأمريكي والتحالف الدولي في سوريا بات أمر واقع على روسيا، لأن روسيا بدورها أيضاً استولت على المجال البحري السوري، وهناك ثروات هائلة في تلك المنطقة لا سيما الغاز، وهناك أتفاقيات تصل إلى 50 سنة بين النظام السوري والروس بهذا الصدد، لهذا أعتقد كل قوة دولية اخذت حصتها من الكعكة السورية، ولا يمكن لروسيا التدخل في مجال التواجد الأمريكي الأوروبي.

س4- هل هناك توجه عربي لدعم التواجد الأمريكي في المنطقة؟


ج. هذا مؤكد، لأن لصراع العربي الإيراني والصراع العربي التركي يتركز في نقطة المنطقة الكردية من سوريا والعراق، حيث إن منع التوسع التركي والإيراني في المنطقة العربية يبدأ من الخط الأول، ألا وهي القوة الكردية المتواجدة على طول الحدود مع تركيا وأمام إيران، وإذا كسرت الخطوط الأمامية فإن التوغل التركي الإيراني سيشكل خطراً كبيراً على الدول العربية، ومن مصلحة هذه الدول دعم الكرد وتقديم ما يلزم لإستمرارية مقاومتهم للاطماع التركية الإيرانية. من هنا ندرك تماماً مدى حاجة الدول العربية إلى الخط الأمامي وضرورة دعمها ليس فقط عسكرياً وإنما سياسياً وإدارياً ودولياً.

س5- لا يمكن الاستهانة بتركيا التي لها دور محوري مهم في المنطقة، هل ستقبل بكل هذه التطورات. 


ح. الحاضنة الدولية التي تحصل عليها تركيا، تحصل عليها أيضاً بعض الدول العربية، بل وأكثر، والتوسع التركي الإيراني في الشرق الأوسط تهدد المصالح الغربية بالدرجة الأولى، وليس من مصلحة الغرب القبول بالتوسع التركي على حساب مصالح الدول الأوروبية والأمريكيين وحفائهم في المنطقة. لهذا فإن عملية التوازن التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية بين حلفائها " العرب – الأتراك - الكُرد " إنما للإستفادة من الجميع، وبنفس الوقت عدم السمح لهم بخلق الازمات، والدور التركي في شمال سوريا شارف على النهاية بعد أن احتلت مناطق حيوية من المنطقة الكردية، تسيطر تركيا على غربي نهر الفرات إلى البحر المتوسط، وهذه المنطقة تعتبر هي الاهم كردياً بحكم إن التواجد السكاني في هذه المنطقة كبير جداً وتفوق عدد المليون إذا ما حسبنا إقليم عفرين والقرى والبلدات الكردية بين جرابلس وإعزاز والباب وصولاً إلى جبل الأكراد المطل على البحر المتوسط. وأيضاً تحتل تركيا منطقة حيوية أخرى شرقي نهر الفرات واتي تمتد من تل أبيض إلى رأس العين " سري كانيه "، وفي كل المناطق الاحتلال تم تهجير الكرد منها كلياً، وأستوطنت تركيا فيها مجموعات تركمانية من خارج سوريا كذلك عوائل المجموعات المتطرفة إلى جانب العرب السنة الموالين لتركيا وحركة أخوان المسلمين الإرهابية، وتعتبر في لغة التوازنات إن تركيا أحتلت المناطق الحيوية التي تربط روجآفا ببعضها، وهذا يعني عملياً لا حاجة لها بغزو جديد، في ظل رفض امريكي أوروبي وروسي أيضاً، وخاصة في هذا التوقيت.


س 4- نريد منك أن توضح أكثر: هل يمكن أن نفهم إن عقد اتفاقيات نفطية بين شركات أمريكية وقوات سوريا الديمقراطية هو إعتراف رسمي بالإدارة الذاتية؟


ح. الاعتراف الرسمي بالادارة الذاتية غير موجود عملياً، وإنما الاتفاقيات السابقة بين التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وقوات سوريا الديمقراطية موجود، والاتفاق النفطي برأي هو بداية الاعتراف بالحالة الكردية الموجودة في شمال وشرق سوريا.
------------------------------------------
أجرت الحوار/ دلشا متيني 

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!