هكذا أفهم رؤية الدكتور محمد شحرور حول الاسلام - بعد عام على رحيله

آدمن الموقع 12:56:00 م 11:13:36 ص
للقراءة
كلمة
0 تعليق
نبذة عن المقال:
-A A +A
إبراهيم م. كابان
لابد إن الرؤية الجديدة لفهم الاسلام، وما يوافق بين ما وصل إليه تطور الانسان على كافة الاصعدة، والدين الاسلامي، تطلب جهداً مضنياً وفهماً عميقاً، وشخصيات تستطيع ان تفك الكثير من الأحجية التي تراكمت على ظهر الاسلام كدين، وشعائره ونصوصه، المقدس منه أو الذي تم إسقاطه عليه عبر أزمنة متعددة.
جميع المدارس المذهبية في الإسلام أنتجت كم كبير من المعلومات والعادات والتقاليد المجتمعية بشقيها " التأثير الثقافي للشعوب وموروثاتها الاجتماعية "، ولا بد إن الاسلام الذي نراه اليوم كمنظومة شعائر وممارسات وأفكار تأثرت بطبيعتها في الكثير من هذه الثقافات وتطوراتها المتعددة، مما أنتج عن اسلام متنوع، ومذاهب مختلفة، وصراعات جانبية أمتدت لقرون طويلة، ولا زالت تجري فحواها إلى اليوم.
إلا ان فك الإسلام كدين عن تلك الاسقاطات والمؤثرات، ومن ثم إبعاده عن الخزعبلات والعادات المجتمعية التي ليست لها علاقة بالاسلام، تطلب مفكرين وشخصيات واعية تدرك اهمية الدين الاسلامي ومنطقه في النظر إلى جميع القضايا منذ بعثته إلى المستقبل، وهو الشيء الذي تميز به الدكتور محمد شحرور عن غيره. فكل الكم الهائل من العادات والتقاليد التي تم إسقاطه على الاسلام، أستطاع دكتور شحرور إزالته من خلال طرح أفكار وتفسيرات تنطلق من عمق القرآن الكريم الذي هو المصدر الاول للدين، وتقديمه بشكل ممتع إلى متناول الناس، ليتممَ بذلك قدسية هذا الدين بعيداً عن الخرافة.
أما عن الهجمات والهرج والمرج الكثير ضد الدكتور الشحرور، فهي حالة طبيعية، لأن عملية إزالة الخشاوة والاسقاطات عن جوهر الاسلام فضح المتشبثون بضرورة وجود تلك الاضافات التاريخية على الاسلام.
- النص المقدس في القرآن هو البنية الاساسية لبناء المفاهيم، وإذا تخالف وتناقض معه الحديث، تطلب التخلي عن الحديث لصالح النص القرآني المقدس. وهذا النص تطلب التفكير فيه وبمعانيه وتفسيره وفق ما هو منزل، وليس التأويل والتوجيه ليتطابق مع الحديث. 
وهذا يعني إن الافعال والاقوال والموروثات الاجتماعية والثقافية التي تكونت منها الاحاديث تم اسقطاها على القرآن، وأصبحت مقدسة مثلها، وتوجيه الفهم نحو تكريس مقدس إضافي " دون ذلك لا يمكن فهم القرآن". وهذا ما يجعل طروحات الدكتور شحرور مختلفاً مع منتقديه ومهاجميه. فهم يريدون تقديم القرآن مع التفسيرات والاحاديث على إنه جزء مقدس لا يمكن دونه فهم القرآن الكريم، وبالتالي تم إسقاط نتائج الحياة الاجتماعية والثقافية للمجتمعات التي اندمجت في الاسلام ومرت بمراحل عديدة ومتغيرات حتى يواكبه النص القرآني وليس العكس. وسنجد ذلك واضحاً من خلال رؤية الدكتور شحرور حول الاحاديث التي نصبوها للنبي محمد (ص)، أو شكل الاسلام الذي يتداوله الناس وهويتها الأموية أو العباسية، أو صفوية أو عثمانية. 
التفسير الذي تنقل خلال قرون طويلة هو كالإنسان الذي عاش بعد عام 70 للهجرة، وبقيا يكررها إلى عام 1430 للهجرة، دون مراعات الظروف والتطورات والاسقاطات والاختلافات التي تمت حولها، ويراد من متنقليه أن يكون جزءً مقدساً من النص الذي يفترض أن يكون وحده مقدساً، فهل فقدنا القرآن الكريم حتى نتخذ بمقدسات جانبية أسقطت بعضها على القرآن الكريم؟، أليس بين يدينا القرآن الكريم اليوم، الا يتطلب آياته منها أن نتدبره ونفكر فيه ونفسره وفق ما هي؟، هل يتطلب فهم القرآن أن يفكر الانسان في عام 2020م مثل الانسان الذي عاش عام 600م، مع وجود فرق كبير في السرعات. 
وأدرك الدكتور شحرور إن تقديم النص المقدس مع الإسقاطات من الاحاديث والأقوال والافعال التي تخص أزمنة وظروف سابقة، على الوضع الحالي، ينتج بطبيعة الحال عن فقدان مسألة إن القرآن لكل زمان ومكان، وحتى يكون فهمنا للمسألة بعمق اكثر علينا ان نقدم الصورة الصحيحة للقرآن الكريم، وبالتالي التفسير المناسب لذلك ينطلق من فهمنا للقرآن الكريم بعيداً عن الإسقاطات.
فالذي فسر آيات القرآن الكريم في زمن تنقل الناس بين الاقطار على ظهر الخيل، لا يمكن ان يقدم الصورة الحديثة لتنقل الناس بالطائرة، لأن الوسيلة تغيرت، وفهم الانسان للاحداث تغير تماما، والانتاج المعرفي السريع للإنسان قابله فهم أسرع لمجريات التاريخ ونتائجه العلمية والثقافية والاجتماعية، وبالتالي التفسير الذي قدمه العلماء والمفسرين قبل 1000 سنة تأثر بطبيعة الحال مع الظروف الآنية، ولا يمكن إتخاذ نفس التفسيرات للقرآن الكريم على إنها كلية، وعملياً الاجتهاد الذي ينطلق بناءً على فهم النص وقدسيته ينتج عن فهم النص، أما إلزام النص المقدس بالإسقاطات والموروثات الاجتماعية التي تخص فترة زمنية، لا يمكن إتخاذه كجزء من النص. لهذا كان الاختلاف واضحاً بين رؤية الدكتور محمد شحرور والغالبية العظمى من الشيوخ والعلماء المسلمين.

- مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات

شارك المقال لتنفع به غيرك

آدمن الموقع

الكاتب آدمن الموقع

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

0 تعليقات

3113545162143489144
https://www.geo-strategic.com/