تطورات جديدة في سوريا ( روسيا والكرد في سوريا، والمصالح التركية والمجموعات المسلحة السورية التابعة لها )

آدمن الموقع
0
خاص/ فريق التحليل في شبكة الجيوستراتيجي للدراسات
في خطوات متتالية للأحداث السورية، دعت الخارجية الروسية إلى ضرورة إجراء حوار جاد بين طرفي القوى " الادارة الذاتية والنظام السوري"، ومجلس سوريا الديمقراطية يؤكد استعداده لهذا الحوار وفق قاعدة الأخذ بالاعتبار تضحيات قوات سوريا الديمقراطية في مقارعة الإرهاب وحماية هذا الجزء من سوريا. 
بينما تحدثت المصادر الإعلامية عن مصادر موثوقة إن التحضيرات جارية على قدر الميساق لإعلان تحالف جديد برعاية المملكة العربية السعودية يضم طيف المعارضة السورية خارج الإئتلاف الوطني لقوى الثورة ( مجلس سوريا الديمقراطية - حزب الإرادة الشعبية- هيئة التنسيق الوطنية ).. 
هذه التحركات الروسية- الخليجية، تأتي بعد أسابيع قليلة من إجراء الانتخابات الرئاسية للنظام السوري، والتصريحات الروسية التي تحدثت عن إمكانية إعادة هذه الانتخابات إلى اتفقت المعارضة والنظام، وبالتالي إن هذه التحركات الأخيرة من الواضح إنها تجري بدعم روسي - سعودي، لإعادة العلاقات الخليجية مع النظام السوري وفق إستراتيجية وجود المعارضة الوطنية السورية المتمثلة بهذه القوى ( مجلس سوريا الديمقراطية ) المقرب من السعودية والإمارات، وحزب الارادة الشعبية ومنصة موسكو الذين يمثلان المحور الروسي في المعارضة السورية. 
ومن المؤكد سوف تنجم عن هذه العملية وجود معارضة قوية، لا سيما وإن مجلس سوريا الديمقراطية تتربع على منطقة نفوذ نفطية وتتسع لتشمل نسبة تزيد عن 27% من الأراضي السورية، ويدير عدد من السدود المائية وزراعة الحبوب إلى جانب وجود أكثر من 4 ملايين نسمة يعيشون في منطقة تملك أكثر من 100 ألف عنصر عسكري و25 ألف عنصر شرطي، والإتفاق مع هذه المنطقة بالنسبة لروسيا تساعدها في إعادة بعضاً من خسائرها في سوريا، وكذلك تمكن النظام السوري في ضخ أسواق مناطق سيطرتها بالطاقة الأحفورية. 
السهل الممتنع بالنسبة لتنازلات النظام السوري
لطالما إن الإدارة الذاتية تطرح فكرة الإدارة الموسعة، وقوات شرطية تحفظ الأمن في مناطقها، وقوة عسكرية تحمي الحدود السورية مع تركيا والعراق، فإن إمكانية القبول الروسي بالتصور التالي ممكن جداً في ظل ضمان توسع وجودها في المنطقة. ونتوقع أن يكون السيناريو الروسي هو الأكثر تقرباً من تبنيها في علاقة الإدارة الذاتية مع النظام السوري، والمبني على: 
1- يتحول قوات سوريا الديمقراطية إلى فيلق عسكري مهمته في شمال وشرقي سوريا، ويتبع لهيئة عسكرية عليا تنشأ لغرض جميع قوات النظام مع قوات سوريا الديمقراطية، وهذا يعني إن تعداد الجيش السوري سيرتفع إلى 250 ألف عسكري بين قوات النظام وقوات سوريا الديمقراطية. 
1- الأسايش " قوات الشرطة " ستكون قوات محلية تتبع للمناطق والمدن، وتنسيقها وفق هيئة عليا للداخلية، وفق معايير الادارة الموسعة، التي تتوسط بين الادارة المحلية والإدارة الذاتية. 
3- عملية الربط بين جميع الهيئات " التربية والتعليم - المواصلات - الزراعة .. الخ " ستكون وفق معيار العلاقة بين المركز والإدارة الموسعة، أي بمعنى ستتمتع منطقة الادارة الذاتية في علاقاتها مع المركز " دمشق " على مبدأ ألا مركزية.
هل هو نهاية الإئتلاف المعارضة لقوى الثورة؟
عملياً إن أستخدام النظام التركي لمجموعات المعارضة السورية ضرورة إستراتيجية في تثبيت الحضور الدائم في سوريا، لأن بوابة هذه النفوذ تكمن في هذه المعارضة التي تعمل على حماية الأمن القومي للكيان التركي على حساب وحدة ومصالح الشعب والأراضي السورية. 
ولكن السؤال المنطقي الذي يفرض نفسه، متى ستنتهي الاستخدامات التركية للجماعات السورية؟، الجواب ببساطة إن النفوذ التركية في سوريا وفق إستراتيجيتها تجد في قسم واسع من سوريا جزءاً من الأراضي العثمانية، لا سيما وإن مشروع العثمانية الجديدة يرتكز على المعاهدة المللية التي تقتضي بإلحاق أجزاء من سوريا والعراق بالدولة التركية، ولتنفيذ هذا المخطط كان يجب أستخدام أطراف حزبية وعسكرية داخل كلاً من سوريا والعراق، وهذا يتطلب بطبيعة الحال خلق فوضى في الدولتين حتى يستنى للنظام التركي امكانية التدخل وبناء أجندة لها في كلا من سوريا والعراق، حيث قام بالمرحلة الأولى في تصفية كافة الأجندات الأخرى، لا سيما المجموعات المسلحة للمعارضة السورية المرتبطة بالمملكة العربية السعودية والإمارات، لصالح المجموعات التي تتبع لحركة أخوان المسلمين التي تتلقى الدعم المالي من قطر والتدريب والأرضية والرعاية الإستخباراتية من تركيا، وبالتالي أستطاعت الاستخبارات التركية السيطرة الكاملة على المجموعات المسلحة بإتفاق مباشر مع النظام الإيراني وبرعاية روسية وموافقة النظام السوري، على تطبيق مشروع التغيير الديموغرافي بتهجير العرب السنة من دمشق وحمص وحماه ودرعا وحلب ودير الزور إلى الحدود السورية التركية من جهة الشمال الغربي، مقابل إفصالح المجال أمام النظام السوري والميليشيات الإيراني إجراء التغيير الديموغرافي وتوطين الشيعة مع تنفيذ عمليات التشييع الشاملة في صفوف العرب السنة السوريين، ليتركوا بذلك مصير المهجرين العرب السنة بيد الاستخبارات التركية التي أستخدمتهم في محاربة الوجود الكردي في سوريا لأهداف تركية خاصة تتعلق بنزعات تركية ضد الوجود الكردي وتطور وضعهم السياسي والإداري في المنطقة الكردية من سوريا.
وهذا يعني إن الحاجة التركية في إستخدام المجموعات العربية السنية والتركمانية في سوريا لا تنهي لطالما الأهداف المتعلقة بالمخططات التركية تسير وفق المرسوم له من قبل الاستخبارات التركية. 
ولكن إذا تحققت تلك الأهداف هل ستتخلى تركيا عن هذه الأدوات؟، في الواقع إن القضية الكردية في المنطقة برمتها شائكة، والمعضلة الكردية لا تحل بسرعة والسيناريو الطبيعي، لهذا فإن النظام التركي يدرك تماماً إن وجود قوى دولية متداخلة ومصالح متضاربة قد تتسبب في إفراز الكثير من المعطيات الجديدة قد تكون بعضها مساعدة لتطوير الوضع الكردي في الدول التي تتقسام كردستان، وهذا يعني إن الأدوات التركية التي تستخدمها ضد الكرد ستكون حاجة دائمة لعرقلة أي تطور كردي، وبالتالي سيستمر النظام التركي في إستخدام الشريحة العربية والتركمانية السورية لتحقيق أهدافها وحماية مصالحها وأمنها القومي.
لماذا تركيا لا تريد حلاً للأزمة السورية؟
بعكس التوقعات إن النظام التركي اكثر الخاسرين في حال وجدت الأزمة السورية طريقها للحل، لأن الحل سيحتاج إلى التوافق بين الأطراف السورية، وهذا يعني إن القضية الكردية ستجد لها حلول وفق معايير وجود دولة سورية لا مركزية، وهذا بحد ذاته أكبر تهديد على وجود دولة قومومية مثل تركيا في الجوار، وسوف تخسر تركيا في خضم هذه التطورات أجندتها الخاصة داخل سوريا، لا سيما العسكرية منها، حيث سيتم إنهاء أية نزاعات بين الكرد وتلك المجموعات العربي - التركمانية السورية، وذلك يشكل تطوراً شاملاً للقضية الكردية في الشرق الوسط على غرار التطورات المحققة في إقليم كردستان العراق. 
بناءاً على هذه القاعدة يتمترس النظام التركي خلف ستار تعميق الخلافات السورية - السورية، وتكريس قبضتها حول المعارضة السورية وجناحها المسلح. 
لماذا روسيا تسر على كردية الإدارة الذاتية؟
التوافق الروسي المستمر بين العلاقة مع تركيا التي تعتبرها روسيا الصمام الأمان للحركات المتطرفة في القوقاز وسوريا وأفغانستان وغيرها، ورعاية النظام السوري وتمكين انتشار قواتها في مناطق سيطرة الاسد، هذه الإستراتيجية أنتجت لروسيا إمكانية تعميق العلاقات مع تركيا لإبعادها جزئياً عن معتكر حلف الناتو، وبنفس الوقت المساعدة على تمكين المصالح الروسية في الشرق الأوسط، وبإعتبار إن الدول الغربية تبقي على تركيا ضمن سياقات وتحركات محددة لا يجب ان تتضارب مع المصالح الغربية، فإن العلاقات مع روسيا توفر لها ممارسة الضغوطات على الدول الغربية في مسألة توسعة المصالح التركية في الشرق الأوسط، وهذا ما حصل بعد 2015 حينما دخلت تركيا وروسيا في علاقات عسكرية وإقتصادية، لتبدأت بعدها تركيا التحرك بإتجاه ليبيا وأذربيجان والتوسع في سوريا والعراق، ومحاولة تشكيل التهديد في الشرق المتوسط. كل ذلك كان مفرز طبيعي للعلاقات التركية - الروسية، وبذلك أخرجت روسيا الأتراك من عنق الزجاجة إلى التوسع الذي يستفيد منه روسيا بالدرجة الأولى.
مثال التدخل التركي في النزاع بين آذربيجان وأرمينيا، كان الهدف الرئيسي من ذلك مساعدة روسيا في الحضور إلى منطقة حساسة لم تكن تستطيع موسكو الوصل إليه بين آذربيجان وارمينيا، بالاضافة إلى خلق حاجة أرمينيا الدائم إلى الوجود الروسي، بأعتبار إن التوجه السياسي قريب من الأهواء الغربية، وبالتالي أستطاع النظام الروسي بمساعدة تركية في الحضور المباشر والتمكن من السيطرة على حبول الربط والحل والحرب في تلك النقطة الحساسة من تخوم بحر قزوين ومنابع الغاز.
مقابل ذلك تدرك روسيا أهمية التحركات التركية حيال الوضع الكردي في سوريا، وهذا يعني إن الحديث الروسي حول الحوار بين النظام السوري والكرد إنما الهدف منه ممارسة الضغوطات على النظام التركي من طرف، لغاية أهداف تكتيكية، وقد تكون لها علاقات برعاية النظام التركي للمجموعات القوقازية المتطرفة في إدلب وباقي المناطق التي تيسيطر عليها المجموعات المسلحة للمعارضة السورية برعاية ودعم وحضور تركي مباشر.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!