خاص/ الجيوستراتيجي للدراسات
في الحقيقة لم نتفاجئ من تصريح المسؤول في حركة الطالبان الأفغانية حول العلاقات التركية مع حركة الطالبان، إذ أنه كشف الأسلوب التركي في التعامل مع الحركات المتطرفة ومنها حركة الطالبان، وأستشاهده بالمعارضة السورية مثال صريح على النهاية السودوية للمعارضة السورية، وما وصلت إليه من فشل وانحطاط سياسي وعسكري.
الاستخدام التركي للمجموعات المسلحة للمعارضة السورية تسبب في تدمير الثورة السورية بالدرجة الأولى من بوابة دخول هذه المجموعات ضمن المصالح والمناقصات التركية - الروسية، وبالتالي إن الأهداف الروسية التي تمثل بإعادة نظام الأسد إلى معظم المناطق التي كانت تسيطر عليها المجموعات السورية، ودخول هذه المعارضة بشكل طبيعي في خدمة تحركات نظام الاسد من جانب، وتوجييها لتحقيق الأهداف الإيرانية الروسية عبر عملية الضغط على قوات سوريا الديمقراطية ودفعها إلى الاتفاق مع الاسد بأقل المطالب. كما ان المعارضة السورية تحورت من الأهداف التي تدعيها حول الثورة السورية إلى اليد الضاربة لحماية الأمن القومي التركي وحماية حدودها وبناء سور على حدودها مع سوريا، وذلك على حساب الأمن الوطني السوري.
ما هي مصالح الشعب السوري وثورته في التدخل بالأزمة الليبية الداخلية؟، أو الأذربيجانية - الإرمينية؟ لماذا يتدخل المجموعات المسلحة للمعارضة السورية في الأزمة الأفغانية؟. لنطرح السؤال ثانية، لماذا تعطلت فوهة بنادق المعارضة السورية إتجاه النظام السوري الذي هو العدو المفترض لهذه المعارضة وفق ادبياتها؟، وهل النظام السوري متمثل بالشعب الكردي؟ وهل كان بشار الاسد متواجداً في عفرين ورأس العين/ سري كانيه، وتل أبيض، حتى تترك المعارضة معاركها المفترضة وتتجه نحو الشعب الكردي؟.
بمجرد التعمق في تصريح مسؤول حركة الطالبان حول طريقة تعامل النظام التركي مع المعارضة السورية، ومطالبة الحركة من الأتراك بالتوقف عن هذه الذهنية في التعامل مع الاخرين، وطبعاً مثال المعارضة السورية يمكن البناء عليه في معرفة النظرة التركية للمحيط العربي والإسلامي، وبذلك يتضح لنا حقيقة الأرتزاق الذي وصلت إليه المجموعات المسلحة للمعارضة السورية والتي تتخذ من تركيا معقلاً للتدريب والتسليح والتجميع والتحرك لتحقيق المصالح الاستراتيجية للنظام التركي وحماية حدودها ومصالحها على حساب القضية السورية.
لم تكن النظرة التركية للمحيط العربي والإسلامي يوماً صحية بقدر ما حاول التوسع بشتى الوسائل على حساب دول المنطقة، والعمل على زعزعة أمن وأستقرار الدول المجاورة، والنزوح المستمر نحو توظيف الازمات، والتدخل فيها من خلال دعم المتطرفين، لا سيما في السنوات العشرة الأخيرة. ولعلَّ الاستثمار العسكري والسياسي التركي في الدول العربية وطبيعة توجهاتها في التعامل مع التطورات الناجمة عن ثورات الربيع العربي، أظهرت حقيقة هذا النظام ومخططاته الخبيثة في المنطقة. كما إن هذه التحركات ركزت على تكثيف نفوذها من خلال بعض الحركات والجماعات المتطرفة للإسلام السياسي، وذلك ضمنت لها التدخل في عدة دول ومناطق، سواءً في الخليج العربي من خلال أمراء قطر، وكذلك في مصر من خلال توظيف حركة أخوان المسلمين، كما إن إحتلال أجزاء من الشمال السوري وتكثيف قواعدها في إقليم كردستان العراق، والتدخل في الازمة الليبية وتكريس الخلافات بين طرفي الخلاف، إلى جانب التدخل في الأزمة التي أحتدمت في آذربيجان وأرمينيا، وكذلك زعزعة أمن وأستقرار شرق المتوسط، وأستخدام ملف اللاجئين السوريين في ممارسة الضغوطات على المجتمع الأوروبي. جميع هذه الخيوط تكشف مدى المخططات التي تديرها تركيا لخلق الأزمات في الشرق الأوسط وإقتطاع أجزاء من الدول العربية والتدخل في شؤونها.
تركيا اليوم تمثل مركزاً لدعم التطرف، وخلق الأزمات، والغاية الكبرى من هذه العملة واضحة، وهو إن المصلحة التركية بالنسبة لنظامها هو الأهم، وتستخدم في تحقيق ذلك جميع الحركات المتطرفة والشرائح التي تتأثر بالاسلام السياسي في المنطقة العربية.