عودة أمريكا.. أم تحجيم الدور الإيراني - التركي في الشرق الأوسط؟

komari
1
خاص/ هيئة التحرير الجيوستراتيجي للدراسات
خلال الشهور الماضية زاد الإهتمام الأمريكي السياسي ( وقد يكون العسكري أيضاً ) في الشرق الأوسط، لا سيما التركيز الواضح على تواجد قواتها في سوريا والمناطق المحاذية لها داخل العراق، والأردن، بعد زيارة رئيس أركانها إلى القواعد العسكرية الأمريكية في مناطق الإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا. 
مقابل ذلك هناك إستبعاد وعدم إهتمام واضح لأي تواجد عسكري أمريكي في تركيا، لطالما الأخيرة كانت تشكل مركزاً إستراتيجياً لحلف الناتو، وأي تحرك عسكري أمريكي في الشرق الأوسط خلال العقود الماضية، عندما كانت تركيا تقوم بوظيفة ( شرطي حدود الناتو ) لحماية المصالح الغربية أمام أي تمدد سوفيتي مفترض. إلا أن التطورات السياسية وبوادر الخلافات الأمريكية - التركية على بعض التفاصيل والمصالح، والسير التركي نحو تعميق العلاقات مع المحور الروسي، وتسبب ذلك في اتساع رقعة النفوذ الروسية في شرق المتوسط من البوابة التركية على الحساب الهيمنة الأمريكية، كل ذلك يبعث بتوجه امريكي جديد نحو تمكين وجودها العسكري خارج تركيا، وفي مناطق إستراتيجية كسوريا والأردن واليونان وإقليم كردستان.
لا سيما النفذ الإيراني المطل على النظام السوري من بوابة الحوض الجنوبي لنهر الفرات عند نقطة بادية دير الزور. حيث تركز التنقلات الإيرانية على هذه المناطق لإستمرار تواصلها البري مع النظام السوري الذي يسيطر على تلك المناطق برعاية روسية ودعم الميليشيات الإيرانية. وهو ما ينذر بتعميق الخلافات بين الطرفين إذا ما أستمرت تركيا بمسار التقارب من روسيا على حساب علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.

الصراع على شرق سوريا

السعي الإيراني في الحضور الكثيف داخل سوريا والسيطرة على منافذ التواصل بين الأراضي العراقية - السورية، يستمر تحت مظلة التوافق الروسي الأمريكي في شرق سوريا، لذا المحاولات الإيرانية تركز على تمكين وجودها داخل سوريا انطلاقاً من الأراضي العراقية. بعد أن مكن التدخل العسكري الأمريكي في تحرير العراق النفوذ الإيرانية، واستيلاء حلفائها على السلطة. وبإعتبار إن سياسة التوسع الإيرانية لم تتوقف على حساب الدول العربية فإن الإستراتيجية الإيرانية تركز على سوريا لجعها جزء من النفوذ الإيرانية في الشرق الأوسط، بإعتبار إن المشهد الدولي يتكرر في سوريا، وإن النظام القائم حليف إستراتيجي لإيران، فإن تبعية الجزء الذي يسيطر عليه النظام السوري بات جزءاً من المصالح الإيرانية.
التوسع الإيراني حصل بدعم روسي-وعدم جدية الولايات المتحدة الأمريكية في إسقاط النظام السوري، وتركه يتأرجح بين النفوذ الإيرانية الروسية.

التحولات الدراماتيكية

التواجد الأمريكي في المنطقة واضح المعالم، ويلقى الدعم المباشر من الدول الخليجية التي تدعم الجهود الأمريكية في منع التوسع الإيراني. إلا أن الضربات الإسرائيلية المستمرة على المواقع الإيرانية في سوريا، والتحولات العسكرية الأمريكية الجديدة التي بدأت بتكثيف تواجدها في عدة نقاط إستراتيجية في الشرق الأوسط، إبتداءً من تمكين قواعدها في اليونان المحيطة بتركيا، وصولاً إلى شرق سوريا حيث المناطق الإدارة الذاتية، والأردن والخليج العربي، والبحر المتوسط، بالتزامن مع التحركات الإسرائيلية - العربية ضد التواجد الإيراني في سوريا. جميع هذه التحولات تثير الكثير من التساؤلات، وهو ما يدفعنا بطبيعة الحال إلى استشراف الأحداث من خلال التطورات العسكرية في أوكرانيا من جانب، وصولاً إلى قرب الانتخابات التركية وحالة الاحتقان التي تشهدها الشارع التركي، والصراع الداخلي الإيراني المحتدم، مع إٍستمرار الانتفاضة الإيرانية.
والسؤال المنطقي هنا: هل سوف توجه القوى الغربية ضربات جوية على إيران ؟، لا سيما بعد مساعدة التطورات الداخلية الإيرانية مثل هذا المسار.
أو لربما تحاول الولايات المتحدة الأمريكية تعزيز تواجدها في الشرق الأوسط بعد عقد من الاخفاقات التي ساهمت بفقدان ثقة حلفائها بها، وبالتالي يمكن من خلال هذا الحضور تثبيت استراتيجيتها في مواجهة التوسع الروسي - الصيني، وأدواتها في الشرق الأوسط، وهذا يتطلب بطبيعة الحال تشكيل حلف عسكري وسياسي من الدول العربية وإسرائيل والمجموعات العسكرية والسياسية المعارضة للنظام الإيراني.
يمكن أيضاً فهم التحركات الأمريكية من قبيل التوقعات بتطور محتمل في تركيا، لا سيما وإن طبيعة النظام التركي الحالي والمركب من الإسلام السياسي والحركة القومية المتطرفة لن يتنازلوا عن الحكم في الانتخابات القادمة التي سوف تنعقد بتاريخ ١٥ مايو ٢٠٢٣، وقد تفوز فيها المعارضة التركية، وتنجم عن ذلك رفض النظام، وتقع نوع من الاشكاليات داخل تركيا. إلى جانب عملية عسكرية تركية محتملة على المناطق الكردية في سوريا.
في الواقع تشهد المنطقة تطورات ملحوظة، تنصب في أرجحية إتخاذ السياسات الأمريكية مسارات جديدة، وعودة الشرق الأوسط للإهتمام الأمريكي، وهو ما يثير الكثير من التساؤلات المنطقية، لسوف تكشف عنها الأحداث خلال الشهور القادمة.

إرسال تعليق

1تعليقات

  1. فلتكن جميع قنوات الاتصال متاحة ومع جميع الأطراف ،،،لأن الكل يتربص ويحاول إيجاد الفرصة المناسبة لتحجيم تقويض دور الإدارة الذاتية في شرقي الفرات

    ردحذف
إرسال تعليق

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!