تقدير موقف: فريق الجيوستراتيجي للدراسات
المجتمع الدولي قد يبدو متساهلاً أو غير فعّال في محاسبة تركيا والجماعات المعارضة السورية المرتبطة بها في عفرين لعدة أسباب معقدة تتعلق بالسياسة والجغرافيا الدولية:
1. المصالح الجيوسياسية: تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتلعب دوراً استراتيجياً في المنطقة، سواء من حيث موقعها الجغرافي أو من حيث تعاونها في قضايا مثل الهجرة والإرهاب. الدول الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تسعى إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع تركيا بسبب هذا الدور، مما قد يثنيها عن انتقاد تركيا بشكل مباشر.
2. توازن القوى في سوريا: الصراع في سوريا معقد جداً ويشمل أطرافًا متعددة، بما في ذلك روسيا، إيران، الولايات المتحدة، وتركيا. كل هذه القوى لديها مصالح متداخلة، وتركيا تعتبر فاعلاً رئيسياً في الصراع السوري، مما يجعل الدول الأخرى تتردد في محاسبتها خوفاً من زعزعة التوازن الهش.
3. ضعف الآليات الدولية: الآليات الدولية التي تهدف إلى محاسبة مرتكبي الجرائم، مثل المحكمة الجنائية الدولية أو التحقيقات التابعة للأمم المتحدة، غالباً ما تكون غير فعّالة بسبب الفيتو أو عدم التعاون من الدول الكبرى. بالإضافة إلى أن بعض القوى العالمية قد تكون مترددة في تطبيق عقوبات قاسية أو فتح تحقيقات دولية ضد تركيا لأنها يمكن أن تؤدي إلى تعقيد العلاقات الدولية.
4. الإعلام والمعلومات: في بعض الأحيان، يكون هناك نقص في التغطية الإعلامية الدولية للجرائم والانتهاكات التي تحدث في مناطق مثل عفرين، أو يكون التركيز على مناطق أخرى في سوريا مثل إدلب أو دمشق. هذا يؤدي إلى عدم وجود ضغط كافٍ من الرأي العام الدولي.
5. الوضع الداخلي في تركيا: تركيا تحت قيادة أردوغان قامت ببناء خطاب قومي قوي يعتمد على محاربة الجماعات الكردية التي تعتبرها إرهابية، مثل حزب العمال الكردستاني (PKK) ووحدات حماية الشعب (YPG). هذا الموقف يجد تأييداً واسعاً في الداخل التركي، مما يقلل من احتمالية اتخاذ خطوات دولية قوية ضدها.
6. تعدد الأطراف والجماعات المسلحة: الصراع في سوريا لا يشمل فقط تركيا وجماعات المعارضة المدعومة منها، بل أيضاً عدداً كبيراً من الفصائل المسلحة والجماعات التي تدعمها قوى إقليمية ودولية. هذا التعقيد يجعل من الصعب تركيز الانتقادات على طرف واحد دون أخذ بقية الأطراف في الاعتبار.
بالمحصلة، الحسابات السياسية والمصالح الاستراتيجية غالباً ما تتغلب على الالتزام بالمحاسبة الدولية على الجرائم والانتهاكات، وهو ما ينطبق على الحالة في عفرين.