كيف يمكن لدمشق الجديدة حل القضية الكردية في سوريا؟

Site management
0
قراءة سياسية لـ إبراهيم كابان
القضية الكردية في سوريا واحدة من أكثر القضايا تعقيداً، وتشكل تحدياً جوهرياً أمام أي سلطة تسعى لتحقيق استقرار سياسي واجتماعي شامل في البلاد. الكرد في سوريا يمثلون إحدى أكبر الأقليات القومية، وتتركز مطالبهم في نيل الحقوق الثقافية والسياسية، وتحقيق قدر من الحكم الذاتي ضمن الدولة السورية. مع التحولات الجيوسياسية والصراعات الإقليمية، ازدادت أهمية القضية الكردية، لا سيما بعد الحرب السورية التي أعادت تشكيل ديناميات القوى المحلية والدولية.

الأبعاد الأساسية للقضية الكردية

1. البعد السياسي: يطالب الكرد بحقوق سياسية تشمل الحكم الذاتي أو اللامركزية السياسية، وهو مطلب يواجه معارضة قوية من دمشق التي تسعى للحفاظ على وحدة الدولة.
2. البعد الثقافي واللغوي: يركز الكرد على الاعتراف بلغتهم وهويتهم الثقافية كجزء من النسيج الوطني السوري.
3. البعد الاقتصادي: المناطق الكردية غنية بالموارد الطبيعية، ما يجعلها محوراً اقتصادياً مهماً، ويزيد من تعقيد العلاقة بين المركز والأطراف.

التحديات التي تواجه الحل

1. انعدام الثقة: هناك تاريخ طويل من التهميش والاضطهاد ضد الكرد، مما يجعلهم يشككون في نوايا أي حكومة مركزية.
2. التدخلات الإقليمية والدولية: أطراف مثل تركيا، الولايات المتحدة، وروسيا لديها مصالح متضاربة، ما يزيد من صعوبة التوصل إلى حلول داخلية.
3. التنوع الكردي الداخلي: الكرد ليسوا كتلة واحدة، وتوجد بينهم انقسامات سياسية، ودون تحقيق الوحدة في الموقف السياسي يصعب طريقهم في الوصول إلى مطالبهم المشروعة.

رؤية دمشق الجديدة

إذا افترضنا وجود "دمشق جديدة" تسعى لحل القضية الكردية بطرق سلمية وعادلة، فإنها قد تتبنى استراتيجية تقوم على ثلاثة محاور رئيسية: الإصلاح السياسي، تعزيز الحقوق الثقافية، وتفعيل التنمية الاقتصادية.
1. الإصلاح السياسي
دمشق الجديدة يمكن أن تعتمد على نموذج من الحكم اللامركزي، يمنح المناطق الكردية صلاحيات إدارية واسعة ضمن إطار الدولة الواحدة. هذا الحل قد يطمئن الكرد بأنه يمكنهم إدارة شؤونهم بأنفسهم دون تهديد وحدة سوريا. يمكن استلهام نماذج من دول مثل العراق (إقليم كردستان) أو إسبانيا (كتالونيا والباسك).
2. الحقوق الثقافية واللغوية
الاعتراف باللغة الكردية كلغة رسمية ثانية أو إدخالها ضمن المناهج الدراسية يمثل خطوة كبيرة نحو المصالحة. يمكن كذلك تعزيز الحريات الثقافية من خلال دعم الأنشطة الثقافية والفنية التي تعبر عن الهوية الكردية.
3. التنمية الاقتصادية
تحقيق التنمية في المناطق الكردية من شأنه أن يعزز الثقة بين الدولة والمجتمع الكردي. الاستثمار في البنية التحتية، والزراعة، والموارد الطبيعية، وتوفير فرص العمل، قد يسهم في تقليل التوترات.

التحديات المتوقعة

1. رفض القوى الإقليمية: تركيا تحديداً قد تعارض أي صيغة تمنح الكرد استقلالية واسعة خوفاً من تداعيات ذلك على أكرادها.
2. عدم قبول المعارضة السورية: بعض أطياف المعارضة قد ترى أن أي تنازل الكرد هو تهديد لوحدة سوريا.
3. المخاوف الشعبية: قد تواجه دمشق الجديدة تحديات في إقناع غالبية الشعب السوري بقبول نموذج حكم جديد.

المحصلة

حل القضية الكردية في سوريا يتطلب رؤية شاملة وإرادة سياسية حقيقية. أي حل مستدام يجب أن يكون قائماً على الحوار والمشاركة، بعيداً عن الإقصاء أو الحلول الأمنية. دمشق الجديدة، إذا أرادت تحقيق سلام دائم، يجب أن تنظر إلى الكرد كشركاء في الوطن لا كخصوم، وأن توازن بين حقوقهم القومية ومتطلبات الوحدة الوطنية.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!