خاص/ هيئة تحرير الجيوستراتيجي للدراسات
أثارت تصريحات رئيس حكومة إقليم كوردستان العراق، السيد مسرور البارزاني، حول كورد روجآفا (كورد سوريا) جدلاً واسعاً، لا سيما حين أشار إلى أنهم "متشرذمون ومنقسمون"، مما يجعل موقفهم ضعيفاً ويؤدي إلى تعدد الوفود الكوردية، كما أشار إلى أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ليست الممثل الوحيد للكورد في سوريا. هذه التصريحات، التي تابعتها الملايين عبر قناة العربية، تحمل تداعيات سياسية خطيرة، إذ يمكن أن تستغلها حكومة دمشق لإضعاف الموقف الكوردي الموحد في أي مفاوضات مستقبلية.
التناقض مع المساعي الكوردية لتوحيد الصفوف
يأتي تصريح السيد مسرور البارزاني في وقت يسعى فيه كل من الرئيس مسعود البارزاني والجنرال مظلوم عبدي إلى توحيد الموقف الكوردي في سوريا وتشكيل وفد موحد يمثل تطلعات الكورد في أي حوار مع دمشق. وبالتالي، فإن تصريحات رئيس حكومة إقليم كوردستان قد تعكس صورة متناقضة عن السياسة الكوردية العامة تجاه الأزمة السورية.
إظهار الانقسام الكوردي أمام دمشق: خطأ استراتيجي
من الأخطاء الكبرى في هذه التصريحات أنها تعكس أمام دمشق صورة مشابهة للحالة الكوردية في العراق، حيث تعاني القوى الكوردية من انقسامات داخلية في تعاملها مع بغداد. هذا النهج قد يدفع دمشق إلى استغلال الخلافات الكوردية لصالحها، مما يضعف الموقف التفاوضي للكورد ويفقدهم إمكانية فرض شروطهم أو تحقيق مكاسب سياسية.
قوة "قسد" كورقة ضغط في المعادلة السورية
من أبرز العوامل التي تمنح كورد سوريا ثقلاً سياسياً في الأزمة السورية هو امتلاكهم لقوة عسكرية منظمة ممثلة بـ "قسد"، والتي لعبت دوراً رئيسياً في محاربة داعش وحماية مناطق الإدارة الذاتية. إن فقدان هذه القوة، أو التقليل من أهميتها، يعني أن أي حوار مع دمشق سيكون بدون أوراق ضغط، مما قد يؤدي إلى نتائج كارثية على مستقبل القضية الكوردية في سوريا.
ضرورة الحذر في التصريحات السياسية
من الضروري أن يتعامل قادة إقليم كوردستان بحذر مع الوضع الكوردي في سوريا، لأن أي تصريح قد يتم استغلاله من قبل الأطراف الأخرى، سواء كانت دمشق أو القوى الإقليمية التي تسعى إلى تقويض النفوذ الكوردي. يجب أن يكون الخطاب السياسي متسقاً مع الجهود المبذولة لتوحيد الصف الكوردي، لا أن يسهم في تعزيز الخلافات الداخلية أو إضعاف موقف المفاوض الكوردي.
الخاتمة
إن تصريحات السيد مسرور البارزاني بشأن كورد روجآفا قد تحمل انعكاسات سلبية على مساعي توحيد الصف الكوردي في سوريا، خاصة في ظل الظروف الحساسة التي تمر بها المنطقة. بدلاً من التركيز على نقاط الضعف الداخلية، كان الأجدر التركيز على أهمية وحدة الموقف الكوردي، ودعم جهود تشكيل وفد موحد قادر على التفاوض مع دمشق من موقع قوة، مستنداً إلى الدعم العسكري والسياسي الذي تمثله "قسد". على القيادات الكوردية في إقليم كوردستان أن تتعامل مع الملف الكوردي السوري بعقلانية وتنسيق مدروس، تجنباً لأي نتائج قد تؤدي إلى إضعاف الموقف الكوردي في المدى البعيد.