إعداد المبحث: فريق الجيوستراتيجي للدراسات
يُعتبر مفهوما "المجتمع" و"الشعب" من المصطلحات الأساسية في علم الاجتماع والسياسة، لكنهما يختلفان من حيث المعنى والدلالة القانونية والسياسية. يرتبط المجتمع بالتفاعل الاجتماعي بين الأفراد ضمن إطار ثقافي أو اقتصادي مشترك، بينما يحمل مصطلح الشعب أبعادًا سياسية وقانونية واضحة، تشمل الهوية القومية وحق تقرير المصير.
بالنسبة للكورد، يُعد تصنيفهم كشعب أكثر دقة من تصنيفهم كمجتمع، خاصة في سوريا، حيث يتمتعون بجغرافيا محددة وتاريخ ممتد في مناطق معروفة، مما يمنحهم الأسس القانونية للمطالبة بحقوقهم السياسية وفقاً للقانون الدولي.
الفرق بين المجتمع والشعب
1. المجتمع: مفهومه وخصائصه
المجتمع هو مجموعة من الأفراد الذين يتفاعلون ضمن بيئة اجتماعية أو ثقافية مشتركة، بغض النظر عن الخلفية القومية أو السياسية. لا يشترط في المجتمع أن يكون له كيان سياسي مستقل، وقد يكون متعدد الأعراق واللغات.
خصائص المجتمع:
- يقوم على التفاعل الثقافي والاجتماعي بين الأفراد.
- قد يكون منتشرًا في عدة أماكن دون وجود جغرافيا محددة.
- لا يستوجب الاعتراف القانوني ككيان سياسي مستقل.
- يتطور مع الزمن تبعًا للظروف الاقتصادية والثقافية.
2. الشعب: مفهومه وخصائصه
الشعب هو مجموعة من الأفراد يشتركون في هوية قومية وإثنية وتاريخ مشترك، وغالبًا ما يكون لهم ارتباط بجغرافيا معينة، ما يمنحهم أساسًا قانونيًا للمطالبة بحق تقرير المصير أو الاستقلال.
خصائص الشعب:
- يتمتع بهوية قومية أو إثنية محددة.
- لديه تاريخ سياسي مشترك.
- يرتبط بجغرافيا محددة يمكن اعتبارها "أرضًا وطنية".
- يخضع للقانون الدولي فيما يتعلق بحقوقه السياسية والسيادية.
لماذا يُعتبر الكورد شعبًا وليس مجرد مجتمع؟
الكورد في سوريا ليسوا مجرد مجتمع يعيش ضمن دولة متعددة الإثنيات، بل هم شعبٌ يتمتع بجغرافيا محددة في شمال وشرق سوريا، حيث يشكلون غالبية سكانية في مناطق مثل الحسكة، كوباني، وعفرين. هذه الجغرافيا المحددة تمنحهم صفة الشعب وفقًا للقانون الدولي، لأن لديهم:
1. هوية قومية مستقلة: يتمتع الكورد بلغة وثقافة وتاريخ مشترك يميزهم عن باقي مكونات سوريا.
2. جغرافيا واضحة: يعيش الكورد في مناطق متصلة جغرافيًا داخل سوريا، مما يعزز مطالبتهم بحقوقهم السياسية ككيان موحد.
3. تاريخ سياسي متميز: الكورد في سوريا لديهم تاريخ طويل من النضال السياسي، خاصة في العقود الأخيرة، حيث سعوا إلى الحكم الذاتي ضمن إطار الدولة السورية.
4. مطالب سياسية: يسعى الكورد إلى الاعتراف بهم كشعب لهم حقوق قومية، وليس مجرد مجتمع يعيش داخل دولة متعددة القوميات.
القوانين الدولية التي تدعم تصنيف الكورد كشعب
يستند الاعتراف بالكورد كشعب إلى عدة نصوص في القانون الدولي، من أهمها:
1. ميثاق الأمم المتحدة (المادة 1، الفقرة 2)
يؤكد على حق الشعوب في تقرير مصيرها، وهو ما يشمل الكورد ككيان له هوية قومية وجغرافيا محددة.
2. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 1)
ينص على أن "جميع الشعوب لها الحق في تقرير مصيرها"، وهذا يشمل الشعوب التي تمتلك هوية جغرافية وقومية مثل الكورد.
3. قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 1514 (1960)
يؤكد على إنهاء الاستعمار وحق الشعوب المستعمَرة أو المضطهدة في تقرير مصيرها، ما يمكن أن يُطبق على الكورد في سياق نضالهم السياسي.
4. اتفاقية مونتيفيديو لعام 1933 بشأن حقوق وواجبات الدول
تحدد معايير الاعتراف بالكيانات السياسية، وتشير إلى أن وجود شعب داخل جغرافيا محددة يمنحه إمكانية السعي للحصول على الاعتراف الدولي.
الخلاصة: الكورد في سوريا شعب وليس مجرد مجتمع
بناءً على التحليل السابق، فإن الكورد ليسوا مجرد مجتمع ثقافي يعيش في سوريا، بل هم شعب يمتلك جغرافيا محددة، وهوية قومية، وتاريخًا سياسيًا متميزًا. وهذا يمنحهم الحق في المطالبة بحقوق سياسية، سواء كان ذلك في شكل الحكم الذاتي أو أي شكل آخر من الاعتراف القانوني ضمن الدولة السورية أو على المستوى الدولي.
القانون الدولي يدعم حق الشعوب في تقرير مصيرها، مما يجعل تصنيف الكورد كشعب وليس كمجتمع أمرًا أكثر دقة وإنصافًا من الناحية القانونية والسياسية.