أكتشاف اﻷرض العمﻻقة على بعد 39 سنة ضوئيّة تقريباً من الأرض

آدمن الموقع
0


صورة فنية للكوكب الخارجيّ GJ 1132b، الذي يدور حول قزمٍ أحمر يُسمى GJ 1132. تمكّن علماء الفلك من رصد الغلاف الجويّ لهذا الكوكب الشبيه بالأرض.

في عام 2015، اكتشف علماء الفلك كوكباً مثيراً خارج المجموعة الشمسيّة، يقع في نظامٍ نجميّ على بعد 39 سنة ضوئيّة تقريباً من الأرض. بالرغم من دوران هذا الكوكب -المعروف باسم GJ 1138b- و"الشبيه بكوكب الزهرة" على مسافةٍ قريبةٍ جداً من نجمه الأم، ولكن يبدو أنّ حرارته معتدلةٌ بما فيه الكفاية للسماح له بامتلاك غلافٍ جويّ. وبعد الاكتشاف بوقتٍ قصير، بدأ الجدال حول نوعية الغلاف الجوّي الذي يحيط بهذا الكوكب، وما إذا كان "كوكب زهرةٍ جافٍ" أم رطب.
والآن، بفضل الجهود التي بذلها فريق دوليّ من العلماء، تمّ تأكيد وجود الغلاف الجوي حول كوكب GJ 1138b. وإلى جانب حسم النقاش حول طبيعة هذا الكوكب، فإنّ هذه هي المرةُ الأولى التي يرصد فيها غلاف جوي حول كوكب أرضٍ عملاقة SUPER-EARTH ذي كتلةٍ منخفضة. وعلاوةً على ذلك، فقد أصبح كوكب GJ 1138b أبعد كوكبٍ معروفٍ شبيه بالأرض ذي غلافٍ جوي.
ضم الفريق بقيادة جون ساوثوورث John Southworth (من جامعة كيّل) ولويجي مانسيني Luigi Mancini (من جامعة روما تورفرغاتا)، أعضاءً من معهد ماكس بلانك لعلم الفلك MPIA، والمعهد الوطني للفيزياء الفلكية INAF، وجامعة كامبريدج بالإضافة إلى جامعة ستوكهولم. عُنونت الدراسة باسم "رصد الغلاف الجوّي للكوكب الخارجيّ GJ 1132b المعادل لـ 1.6 من كتلة الأرض" ونُشرت في مجلة الفيزياء الفلكيّة Astrophysical Journal.
باستخدام أداة GROND التصويرية على تلسكوب MPG/ESO الذي يتمتع بقطرٍ يساوي مترين في مرصد لاسيلا، راقب الفريق كوكب GJ 1132b في سبع حزم من أطوالٍ موجيةٍ مختلفة أثناء عبوره أمام نجمه الأم، وبالنظر إلى فترة الكوكب المدارية التي تساوي 1.6 يوم، فعادةً ما يعبر الكوكب من أمام نجمه، ما وفر للعلماء العديد من الفرص لدراسة طريقة امتصاصه لضوء النجم.
وبذلك، راقب الفريق الانخفاضات البسيطة في سطوع النجم التي يسبّبها امتصاص الغلاف الجوي لجزءٍ من ضوء النجم. وبالنظر عن كثب، وجدوا أن الكوكب يبدو أكبر حجماً في الطول الموجي للأشعة تحت الحمراء من الأطوال الموجية الأخرى. ومن هنا، استنتجوا وجود غلاف جوي غير نفوذ للأشعة تحت الحمراء (ما يجعله يبدو أكبر حجماً) حيث يسمح بمرور الضوء في الأطوال الموجيّة الأخرى جميعها.
أجرى أعضاء فريق جامعة كامبريدج ومعهد ماكس بلانك لعلم الفلك عمليات محاكاةٍ لمعرفة مكونات هذا الغلاف الجويّ. توصلوا في النهاية إلى أنّ هذا الغلاف غنيّ بالماء والميثان، حيث تناقض ذلك مع النظريات السابقة التي نصت على أن الكوكب له غلاف رقيق وواهٍ.
كما تعتبر هذه المرة الأولى التي يُرصد فيها غلاف جوّي حول كوكب ليس أكبر بالحجم والكتلة من الأرض كثيراً، ففي الماضي، استطاع علماء الفلك أن يرصدوا أغلفةً جوية حول كواكب خارجية أخرى، ولكن كانت الكواكب إما عمالق غازية أو كواكب أكبر حجماً وكتلةً من الأرض بعدة مرات (كواكب الأرض الضخمة). من جهة أخرى، تعادل كتلة GJ 1132b نحو 1.6 من كتلة الأرض، ويتمتع بنصف قطرٍ يُعادل 1.4 ضعف نصف قطر الأرض.
إلى جانب ذلك، تمثل هذه الاكتشافات خطوة مهمّة في البحث عن الحياة خارج نظامنا الشمسيّ. حالياً، يسعى علماء الفلك إلى تحديد التركيب الكيميائي للغلاف الجوي الخاص بالكواكب لمعرفة ما إذا كانت صالحةً لإيواء الحياة، حيث يمكن أن يعزى وجود التركيب الصحيح من اختلالات التوازن الكيميائيّ في الغلاف الجوي إلى وجود كائناتٍ الحيّة.
من خلال إمكانية رصد كوكب ذي غلاف جوّي وفي أسفل مقياس الكواكب الضخمة الشبيهة بالأرض، نحن إذاً على بعد خطوة من اكتشاف قابلية الكواكب الخارجية لإيواء الحياة، حيث إن رصد كوكبٍ بغلافٍ جوي حول نجمٍ من النوع M (قزم أحمر) يعدّ أيضاً خبراً جيداً بحدّ ذاته. في السنوات الأخيرة، رصد علماء الفلك عدّة كواكب صخرية تدور بالقرب من نجوم حمراء قزمة، بما في ذلك سبعة كواكب حول النجم القزم TRAPPIST-1 لوحده.
أظهرت دراسات حديثة أنّ الأقزام الحمراء ليست شائعة الوجود في الكون المرصود وحسب، ولكنها أيضاً قادرةٌ على استضافة عدد كبير من الكواكب. مع ذلك، هناك الكثير من الشكوك في ما إذا كانت الأقزام الحمراء متغيرةً وغير مستقرة بحيث لا تسمح بنشوء الحياة على الكواكب التابعة لها. فنتيجةً للقواسم المشتركة للتوهجات النجمية وتدفقات الجسيمات، سيكون من الصعب لأي كوكب يدور حول الأقزام الحمراء بأن يحافظ على غلافه الجوي.
على نحوٍ مماثل، فإن العثور على كوكبٍ مشابهٍ للأرض في الحجم وبغلافٍ جويٍ أيضاً هو أمرٌ مشجعٌ جداً. في المستقبل، من المتوقع أن يُصبح كوكب GJ 1132b هدفاً ذا أفضليةٍ كبيرةٍ ليدرسه تلسكوب هابل الفضائيّ، والتلسكوب الكبير جداً VLT في مرصد بارانال في تشيلي، بالإضافة إلى تلسكوبات الجيل القادم من مثل تلسكوب جيمس ويب الفضائيّ المُخطط إطلاقه عام 2018.

مصدر المعلومات: وكالة ناسا 

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!