الضبابية في الموقف اﻷمريكي الروسي حيال التحركات التركية ضد روجآفا

آدمن الموقع
0


إستراتيجياً أكبر خطأ سيرتكبه القوى الموالية لحزب العمال الكردستاني إذا فكرت بالإنسحاب من شنكال، ﻷن البديل الذي سيحكم تلك المنطقة هو أداة بيد العدوان التركي.
في تلك المنطقة من كردستان هناك خليط من الميليشيات التركمانية والعربية والكردية تعمل تحت أمرة اﻹستخبارات التركية بشكل مباشر، بعد تلقيها التدريب والتسليح، وهذا يعني إذا ترك حزب العمال شنكال ستكون هذه المنطقة لقمة صائغة في فم تلك الميليشيات التي لن تتوقف عند حدود شنكال، وإنما ستكمل طريقها إلى خلق أزمات لروجآفا من الجهة الشرقية، وأعتقد إن اﻷتراك يفكرون بهذه الطريقة ومن خﻻل تحركاتهم الواضحة للضغط على الكرد  ودفعهم للإنسحاب من شنكال ومن ثم إستحﻻل المنطقة من خﻻل هيمنة التركمان الموجودين في تل عفر حيث التغطية والهيمنة التركية والقرار الواضح في حماية التركمان هناك.
 إن خلق أزمة خارج الحدود التركية هي إحدى الوسائل التي يستخدمها سلطة العدالة والتنمية وحلفائهم القومويين في هذه المرحلة الجديدة بعد هيمنتهم على السلطة والجيش وجهاز اﻻستخبارات، وهي ستكون بحجم تطور عمليات وتحركات وإنتشار حزب العمال الكردستاني في المنطقة، ﻻ سيما بعد حالة صدام ناعمة مع اﻻتحاد الأوروبي ومحاولة خلق أزمة مع اﻷمريكيين من البوابة الروسية التي هي بدورها تحتاج لتركيا في تكريس وجودها داخل سوريا وعلى منطقة شرق البحر المتوسط، في الوقت الذي فقد الأمريكيين البوصلة في تحركاتهم داخل العراق وسوريا، بعد أن أعاد الأمريكيين تشغيل خط التعاون مع تركيا وبنفس الوقت التحالف مع الكرد في سوريا لمحاربة اﻹرهاب، أصبح الموقف اﻷمريكي ضبابياً في ظل التطور التركي الجديد وتنفيذها عمليات عسكرية جوية داخل مناطق سيطرة حلفاء أمريكا في سوريا والعراق.
ثمة شيء ما يدور خلف الستار بين الأتراك واﻷمريكيين والروس، بعد أن كانت تركيا معزولة لشهور، وتم إجبارها على وقف عملياتها داخل سوريا، ظهر اﻷتراك بقوة معلنة إنها تنفذ عمليات بعلم اﻷمريكيين والروس وشركائهم في أربيل- حزب الديمقراطي الكردستاني، لتأتي أمريكا على لسان خارجيتها تؤكد : إن اﻷتراك لم ينسقوا مع التحالف الدولي، حول ضرباتها الجوية على ريف ديريك في روجآفا- شمال سوريا، ومناطق شنكال، إﻻ أن العمليات الدقيقة التي نفذهتا الطيران التركي الحربي وبهذه الكثافة التي شاهدناها تؤكد في ظل الوجود العسكري اﻷمريكي على طول المنطقة الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، توضح لنا وجود علم أمريكي مسبق بما حدث، وهذا ينطبق على الوضع في مقاطعة عفرين وريف الشهباء – شمال حلب، حيث القصف التركي المستمر على هذه المنطقة رغم إن الروس تحدثوا عن بناء قاعدة عسكرية لهم وحصلت زيارات إلى عفرين وريفها من قبل ضباط وخبراء روس، ومع ذلك ﻻ تتحرك القوات الروسية وطائراتها في الدفاع عن هذه المناطق التي تحاول تركيا خلق بؤرة توتر وصدام فيها لتكون بوابة من اجل التدخل.

خيارات التركية الحالية لكسر عزلتها

المجتمع الدولي بطبيعته مركب وفق المصالح اﻹقتصادية لدول الكبرى، وهي التي تسير اﻷوضاع في الشرق اﻷوسط وفق المعايير المخصصة لتطوير هيمنتها وتكريس مصالحها، وهذا يعني وجود تركيا على البحر اﻻسود والمتوسط وتأثيرها على الدول الذات التوجه اﻹسﻻمي يعتبر بوابة للهيمنة الروسية، إذا ما تم إستغﻻلها من خﻻل إعطاء بعض المجال للاتراك في التحرك لتأمين أمنها القومي، ولعل السياسة الروسية خﻻل العامين الذين تواجدت فيها قواتها على اﻷراضي السورية، والخشية اﻷمريكية أيضاً كانت لها الدور ﻹستقطاب حليفتها السابقة تركيا، حتى ﻻ تكون لقمة صائغة في فم الروس، وهذا يعني على اﻷمريكيين التغاضي عن بعض التجاوزات التركية سواء تدخلها المباشر على اﻷرض في جرابلس والباب وصوﻻً إلى قصف مواقع وحدات حماية الشعب الكردية التي تدعي واشنطن إنهم حلفائها.
ضمن هذا المنظور يحاول اﻷتراك إعادة صياغة مصالحهم، وإجراء تجارب عملية في قصف مواقع الوحدات الكردية كضربات إستباقية وإجراء عملية جص نبض للوعود اﻷمريكية، ولعل اﻷمريكيين غضوا النظر عنما حصل وهي ستغض أيضاً في المراحل القادمة على أن تخلق نوع من التقارب بين الأتراك  والكرد، وهو ما ﻻ يمكن تحقيقه في ظل التعنت التركي بعد إستحﻻل أردوغان وحزبه للسلطة والتقرب من التيار القوموي الذي بدوره يرفض مطلقاً إيجاد حلول مع الكرد ﻹنهاء الحرب القائمة.

عودة سياسة جعل تركيا شرطياً للمصالح اﻷمريكية

المواقف الروسية لم تكن سيئة خﻻل اﻻزمة السورية حيال الوضع الكردي المتطور في سوريا، والطرح الروسي لدستور يعترف ضمنه النظام السوري بالحكم الذاتي كان دليﻻً على النواية الروسية في إحتواء الكرد لمحورها، إﻻ أن التقارب اﻷمريكي مع الكرد وظهور تحالف عسكري وتواجد أمريكي على الأرض خلق نوع من التراجع الروسي حيال الكرد، ومسألة التقرب الروسي من اﻷتراك كان واضحاً الهدف منه إعطاء مجال للاتراك في التوغل داخل المنطقة الكردية وفي المقابل تسليم حلب للنظام، وهو ما حصل بالضبط إﻻ أن الخيار التركي اتجه للأمريكيين مؤخراً بعد تبين إدارة الملف الكردي في سورياً من قبل اﻷمريكيين ، ومعركة تحرير الرقة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للنظرة التركية حول التحرك الأمريكي لبناء وضع كردي خاص في سوريا على غرار إقليم كردستان العراق، لهذا فإن اﻷتراك سيحاولون تقديم الكثير من المصالح للأمريكيين وخاصة المصالح الإقتصادية التي يتعطش لها الإدارة الأمريكية الجديدة، إلى جانب العودة إلى الحضن اﻷمريكي وجعل تركيا شرطياً للمصالح اﻷمريكية كما كانت كمحاولة تركية ﻹعادة العﻻقات والمصالح ودفع اﻷمريكيين إلى التراجع عن دعم الكرد، ونجاح ذلك يتوقف على الدور اﻷمريكي وسياساتها وتحركاتها وطبيعة تركيبة الإدارة الجديدة ومصالحها وخططها، في ظل إثبات الكرد عسكرياً وجودهم وجدواهم في محاربة الإرهاب، على عكس الأتراك الذين ثبتت الأحداث شراكتهم مع الجماعات المتطرفة وعلى رأسها الداعش.


تحليل...  إبراهيم كابان

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!