ماذا بعد الرقة في عفرين سورياً .. وروسياً .. وأمريكياً .. وتركيا..

آدمن الموقع
0


خاص/ الجيو ستراتيجي
قراءة إستراتيجية لـ إبراهيم كابان

-    المكيدة الروسية المكشوفة
-    الخشية التركية من ردة فعل أمريكي
-    الحلول الممكنة أمام قوات سوريا الديمقراطية
-    الدعم الأمريكي بعد تحرير الرقة

الخيارات الروسية هي الأسوء حيال الوضع الكردي في سوريا، لا سيما طبيعة إتفاقياتها التكتيكية مع النظام التركي الداعم الأول للجماعات المتطرفة في المنطقة، والمحارب الأشد ضد الوجود الكردي.
بالنسبة للتحركات التركية باتت مكشوفة في نقل أزمتها الداخلية إلى دول الجوار، وبنفس الوقت محاربة أي تطور للقضية الكردية في سوريا، وفي المقابل تحاول روسيا إنهاء الجماعات المسلحة والمدفوعة تركياً بشكل كامل في سوريا، ومن هنا تطبق روسيا سياسة تقاطع المصالح مع تركيا، كلما قدمت تركيا أكثر في هذا الاتجاه اعطت روسيا ما يكفي لإرضائها في منع التطور الكردي داخل الجزء الغربي من روجآفا.
السياسة الروسية واضحة ولا يمكن فهمها إلا بهذا الشكل، وجودها الشكلي في عفرين هو فقط لإرضاء الطرف الكردي بأنها غير ضالعة مع السياسات والتحركات التركية، إلا أن الواقع العملي مختلف تماماً، حيث لم تستطع تركيا التحرك خطوة واحدة بإتجاه إحتلال جرابلس وإعزاز والباب إلا بموافقة وتغطية رسمية من الجيش الروسي، ولعل الهجمات التركية على مناطق الشهباء والتهديدات المستمرة لكانتون عفرين يوضح لنا مدى عمق تلك السياسات الروسية المصالحية في إعطاء المجال الكافي للأتراك.
 
               الخشية التركية من ردة فعل أمريكي

إدراكنا لمسألة عدم إستطاعة تركيا في الهجوم المباشر على عفرين لا يعود في ذلك السبب إلى منع روسي، وإنما الخشية التركية من الضغوطات الأمريكية التي قد تكون عنيفة بسبب إرتباطها مع المعارك الجارية في الرقة، ومن هنا نفهم إن الأمريكيين وضعوا كل ثقلهم في هذه المعركة ويراد منها دحر الداعش كلياً من المدينة التي تعتبر العاصمة الإفتراضية لدولة الداعش، فبعد تحرير الرقة سيكون التحرك التركي أعنف حيال عفرين، وربما لن يكون هناك تحرك أمريكي جدي في منع الأتراك، لأن ما يوقف الأمريكيين هذه الاثناء ويدفعهم للضغط على تركيا هو مخافتهم الجدية من سحب الإدارة الذاتية لقواتها العسكرية من معارك الرقة وهو ما يفتح المجال امام الداعش في إعادة سيطرته على المدينة، وعبد الرقة قد لا يكون هناك مفعول لسياسة الضغط على أمريكا، بالإضافة إلى قضية خسارة تركيا بالنسبة لأمريكا غير ممكنة في ظل التحرك الروسي لإستمالة تركيا كلياً لصالحها من أجل الضغط على أوروبا ومنع وصول أي خط نفطي أو الغاز إلى أوروبا بعيداً عن التأثير والهيمنة الروسية التي تزود كافة أوروبا بالغاز.

               الحلول الممكنة أمام قوات سوريا الديمقراطية

مسألة تحرير الرقة مصيرية بالنسبة لجميع الأطراف ما عدا تركيا والنظام السوري والروس بعد تهميشهم عمداً في المشاركة بالحملة، وهذا دافع فعلي لخق قلاقل من شأنها إعاقة تحرير الرقة من خلال الضغط على مقاطعة عفرين، ومحاولة زرع إنعدام الثقة بين إدارة شمال سوريا والأمريكيين الذين حتى اللحظة لم يتفاعلوا بشكل جدي مع المطالب الكردية في إجراء علاقات سياسية أمريكية مع مجلس سوريا الديمقراطي.
بعد الرقة سيكون الفرصة مؤاتية امام قوات سوريا الديمقراطية لتشكيل اكبر قوة متطوعة من جميع مناطق الشمال السوري وهو كافي لفتح جبهة كبرى في الباب وجرابلس وإعزاز لطرد الجيش الاحتلال التركي،  وذلك قبيل التحرك التركي بإتجاه مناطق الشهباء، حيث ستحاول الجماعات المسلحة التركية إجتياح مناطق الشهباء بشكل واسع إذا أنتهت تركيا من الضغوطات الأمريكية، وهذا الخيار ممكن تحقيقه بالنسبة لقوات سوريا الديمقارطي في ظل وجود الأرضية والمناخ السياسي والشعبي والعسكري في شمال سوريا.

               الدعم الأمريكي بعد تحرير الرقة

إستراتيجياً لا يمكن تخيل مغادرة القوات الأمريكية لشمال سوريا بعد تحرير الرقة أمراً ممكناً في ظل الصراع الأمريكي الروسي القائم بدرجة عالية من أجل السيطرة على اكبر قدر من النفوذ في سوريا، ستحافظ امريكا على سيرورة الحرب ضد الإرهاب في مناطق أخرى من سوريا، ومحافظة دير الزور مرشحة لذلك رغم التسابق الروسي في الاستحواذ على اكبر قدر من البادية السورية وصولاً إلى مركز المدينة، فيما لن يستسلم الداعش بسهولة في دير الزور بعد خسارته للرقة، وهو ما يسهل عملية التمسك الأمريكي بالكرد وقوات سوريا الديمقراطية التي اصبحت مقبولة من قبل المكون العربي في كافة مناطق الرقة ودير الزور، وسيزداد ذلك اكثر بعد تحرير الرقة بشكل كامل.
بهذه العوامل الجيوسياسية يمكن فهم الوجود الأمريكي في المنطقة مسألة ليست مؤقتة، لأن التنازل عن المصالح في سوريا تعني فتح المجال أمام روسيا في التسلل نحو الخليج العربي ومنابع النفط في العراق، وهو ما لا يمكن قبوله أوروبياً وأمريكياً وتعتبر خطاً أحمراً امام النفوذ الغربية على المدى الإستراتيجي البعيد، لهذا فإن الوجود الروسي والأمريكي مرهون في سوريا بإتفاقيات بينية يحافظ من خلاله الطرفين على مصالحهم المستقبلية، من هنا نفهم المخطط الأمريكي في التمدد نحو الرقة والتوجهات السابقة في تحويل وحدات حماية الشعب الكردية نحو تشكيل قوات سوريا الديمقراطية من جميع المكونات في الشمال السوري، وهذا يضمن الإعتراف الأمريكي قريباً بالمجلس المدني لسوريا الديمقراطية، وهذا يؤكد على ضم الرقة ومنبج إلى مناطق نفوذ أمريكا مستقبلاً وتكون ضمن الإدارة الفدرالية لشمال سوريا.


11.8.2017


تنويه: يمنع نقل او نسخ المادة إلا بعد ذكر المصدر / www.geo-strategic.com /

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!