مكامن وسيناريوهات المنطقة الآمنة شرق نهر الفرات

آدمن الموقع
0


هيئة التحرير

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر التوير
سوف ندمر تركيا إقتصادياً إن تجرأت على قصف الكرد في سوريا، وسوف تكون هناك منطقة آمنة لـ 20 كلم، وعلى الكرد ان لايستفزوا الأتراك، ونسحب جنودنا إلى الوطن، وسوف نكون بالجوار للقضاء على الداعش، وإن أكبر المستفيدين من وجود الداعش في سوريا هم روسيا وإيران، وهم أعدائنا الطبيعيين، وسنحاول أن ندع نهاية للحرب.

نقطة نظام

كانت تركيا تلوح بإقامة منطقة آمنة في الحدود مع سوريا منذ إعلانها الحرب ضد وحدات حماية الشعب الكردية، ونفذت ذلك  غرب نهر الفرات بالتدخل العسكري بعد إتفاق مع منظمة " الداعش " والنظام السوري والإيرانيين برعاية روسية، بينما كانت الولايات المتحدة وحلفائها يمنعون ذلك شرق الفرات نتيجة الإعتماد على الشريك الكردي في محاربة منظمة الداعش، إلا أنه وبعد القضاء على 95% من الداعش أعلنت تركيا تحضيراتها لإحتلال شرق الفرات الحرب وأقدم معدات عسكرية ثقيلة وتحضيرات وتدريبات لعناصر الكتائب المتطرفة ماتسمى ( الجيش الوطني السوري )، بالتزامن مع الإعلان المفاجئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في سحب قواته من سوريا، وترك المنطقة للأتراك، وهو ما أثير رفضاً لحلفاء امريكا في التحالف ضد الإرهاب، إلى جانب ردات فعل رافضة للقرار داخل المؤسسة العسكرية والأمنية والسياسية والبنتاغون وإستقالة مسؤولين كبار، مما تراجع الرئيس الأمريكي عن القرار بوضع خطة جديدة وطرح حلول، وربط قضية الإنسحاب بوجود حل يحمي حلفائهم الكرد من المجازر التي سوف ترتكبها تركيا ومجموعة المرتزقة التابعة لها. لتفرض بذلك الظروف والمعطيات الجديدة نفسها نتيجة لطبيعة الصراع السوري وموازين القوى في الشرق الأوسط فرضت على الإدارة الأمريكية بإعادة إستراتيجيتها، وتتحول جميع التصريحات والتحركات الأمريكية نحو منع الأتراك في فتح جبهة مع الكرد وقوات سوريا الديمقراطية الشريك الأساسي في محاربة الإرهاب، إلا أن ذلك تسبب في أزمة بين القوى المتصارعة وخاصة الأمريكيين والأتراك، ليبدأ معه فصل جديد من التصريحات والزيارات وردات فعل من كلا الطرفين، حتى نتجت عن النقاشات والحوارات بوادر حلول قد ترضي الأطراف أو تدخلها في مواجهة القوى الكبرى، حتى كان آخر تلك التحركات إعلان الرئيس الأمريكي بخطوط عريضة لخطة منطقة آمنة، وتوجيه التهديد لكلا الطرفين الأتراك والكرد من أجل القبول المبدأي بالفكرة.

عصا أمريكا الغليظة 

التلويح بالعقوبات الإقتصادية على النظام التركي له أثر بالغ في الظروف الإقتصادية االهشة التي تمرها بها تركيا، حيث إن الأتراك لا يزالون يعانون من نتائج تغريدتين لـ ترامب في الصيف الماضي وتسبب بأنهيار نصفي لليرة التركية، وإدخالها في ظروف صعبة كادت تهتك بالإقتصاد التركي، وأثر ذلك في عدة قطاعات رئيسية تعرضت لنصف شلل إقتصادي. وإن التلويح بإستخدام الأدوات الإقتصادية في هذه الظروف سيشل الإقتصاد التركي كلياً وفق المعطيات، لا سيما وإن النظام التركي مقبل على الإنتخابات المحلية في الربيع القادم، وإن حزب العدالة والتنمية سيفقد شعبيته بشكل كبير إن تعرضت تركيا لهزة إقتصادية جديدة. وهذا يعني إن تلويح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعقوبات إقتصادية على تركيا في حال لم تتوقف عن تهديد الكرد في سوريا ستكون كفيلة بوقف هذه التهديدات، على أن تكون هناك حلول مرضية جزيئاً بإقامة منطقة آمنة ومنزوعة السلاح في الحدود بين روجآفا – شمال سوريا وتركيا، وقد حدد مسافة 20 كلم، ينسحب منها وحدات حماية الشعب الكردية.

النتاج الأول للطرح

مسافة 20 كلم كفيلة بضم معظم المدن الكردية الكبيرة في هذا المقترح ( كوباني – كري سبي – سري كانيه – درباسية – عامودا – قامشلو – تربه سبيه – كركي لكي ورميلان - ديريك )، وهي شراين الوجود الكردي في سوريا، 
وعميلاً لا توجد قوات عسكرية كردية داخل هذه المدن، ويتم إدارتها من قبل الشرطة المدنية ( الاسايش )، بينما القوات العسكرية متواجد في قواعد وجبهات خارج هذه المناطق، وهناك إدارات ذاتية لهذه المدن من قبل المدنيين وليس العسكريين، وبذلك الشق الأول من المطلب الأمريكي مطبق أساساً على الأرض.



مناطق الآمنة السابقة في سوريا

يتواجد في سوريا تجربتين للمنطقة الآمنة أو المنزوعة السلاح في الحدود مع إسرائيل وتركيا، وطبعاً المنطقة الأولى تمت وفق تفاهمات دولية، وتستمر برعاية دولية، بينما المنطقة الثانية تعتبر متحركة لأنها تمت بموجب إتفاقية مؤقتة بين روسيا والأتراك، ولا تعتبر لها طابع دولي، وكان الغرض منه حماية تركيا للجماعات المتطرفة التي تخدم مصالحها الأمنية، وجمع أكبر قدر من العناصر المسلحة لإستخدامهم في المعارض ضد الوجود الكردي.
التجربة الأولى: مطبقة منذ عقود حيث مساحة 10 كلم بين إنتشار الجيش السوري وإسرائيل عند نقطة الجولان، ويمنع أي تواجد عسكري سوري في هذه المنطقة، ويمنع دخول قوات إسرائيلية إليها، ويتولى مهام حماية هذه المنطقة قوات حفظ السلام الدولية.



التجربة الثانية: في محافظة إدلب وأجزاء صغيرة من محافظتي حلب وحماه، حيث تسيطر عليها منظمة الجبهة الشامية (جبهة النصرة) التي تدعمها تركيا، ونتيجة لتفاهمات تركية روسيا أصبحت هذه المنطقة ضمن تفاهمات مؤقتة، ولمساحة 10-15 كلم تنتشر القوات الروسية والتركية على طرفي سيطرة النظام السوري وجبهة النصرة، لتصبح هذه المنطقة منزوعة السلاح وآمنة، وعلى طول الخط تنتشر نقاط المراقبة للقوات الضامنة لفض الاشتباك.


بين التجربتين السابقتين هل سوف يكون هناك سيناريو جديد لتطبيقه في شرق نهر الفرات؟ وهل ستكون منطقة منزوعة السلاح بالنسبة للقوات الكردية مقابل إنتشار لقوات حفظ النظام الدولية برعاية التحالف الدولي ضد الإرهاب؟ وهل ستكون لتركيا أي تدخل في هذه المنطقة أو أي تأثير كما دخلت لنفس المسافة في عفرين وجرابلس وإعزاز والباب؟
وفق المعطيات تدرك امريكا إن الكرد وقوات سوريا الديمقراطية لا تقبل بأي تدخل تركي إلى هذه المنطقة، لذا على الأغلب سوف تكون منطقة خالية من القوات العسكرية الكردية، وتدار من قبل المدنيين وشرطة محلية، وهي موجودة بالفعل على الأرض، وسوف تنشر قوات التحالف الدولي على الحدود وتقيم نقاط مراقبة، وقد باشرت بذلك منذ ثلاث شهور، وطبعاً تركيا لن تقبل بهذا الشكل دون أن يتدخل عناصر حليفة لها، ومن الممكن أن يتم إشراك مجموعة كردية وعشائرية عربية في العميلة لتركيا، لإقامة إدارة مشتركة بينها وبين الأطراف الكردية الأخرى، وبذلك تضمن تركيا لها نفوذ في هذه المنطقة. 
بالإضافة إلى هذه التصورات يمكن أن يقيم التحالف الدولي حظراً للطيران إذا حصلت تفاهمات بين الأطراف، وقد تجلس الإدارة الذاتية والأتراك على طاولة تفاهمات برعاية أمريكية.

عجز النظام السوري 

تقييد النظام بالمصالح الروسية وتفاهماتها مع التحالف الدولي وتركيا أصبح واضحاً لا يمكن التغاضي عنه، والتأثير الإيراني في ان يتحرك نحو شرق الفرات أمر غير ممكن إطلاقاً، وما يحصل من تفاهمات بين الأمريكيين والروس هو الغالب على جميع القوى المحلية السورية والإقليمية. وإذا لم تسمح روسيا للنظام بإجراء أي إتفاق مع الكرد والإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية فإنها لن تفعل ذلك، وهو ما نشاهده في عملية التباطئ لخطوات النظام السوري حيال طلب الإدارة الذاتية لإجراء حوار وتفاهمات جدية.
وفي حال تجد روسيا إن الاتفاقيات التي تجري بين الأمريكيين مع الاتراك والكرد تضر بمصالح روسيا ووجودها فإنها ستحرك النظام السوري والإيرانيين نحو التفاهم مع الكرد، وحتى ذاك الحين يبقى ملف الحوار الجدي بين النظام والكرد رهن تلك المصالح الروسية، ولدينا تجربة منبج ورغم التفاهمات الكردية مع الحكومة السورية إلا أن الروس لم يتحركوا بشكل جدي خشية الوجود الأمريكي في المنطقة.

14.01.2019

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!