ثانية لافروف يسكب البنزين على النار، ويثور النظامين التركي والإيراني ضد الشعب الكردي في سوريا

آدمن الموقع
0
قسم التحليل
خاص/ شبكة الجيوستراتيجي للدراسات

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم أمس الأثنين 5.10.2020 خلال مؤتمر الصحفي، في تصريح ناري جديد يراد من ورائه إثارة حفيظ الأتراك والإيرانيين ودفعهم إلى الثوران ضد الشعب الكردي والادارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية في سوريا، حيث جاء فيه: 
إن "الأمريكيين يحاولون إنشاء حكم ذاتي كردي" في شمال سوريا "سيتمتع بصلاحيات مماثلة لسلطات دولة"، وأضاف: "كما نعرف أنهم يسعون إلى إقناع الأتراك بألا يمانعوا ذلك". وتابع: "التلاعب بوحدة أراضي أي دولة انتهاك صارخ للقانون الدولي. وفي هذا الحال بالضبط هذا الأمر لا يخص سوريا فقط، إنه ينطبق على القضية الكردية التي قد تنفجر بقوة ستبدو الأوضاع الحالية مقارنة معها أقل جدية بكثير". وأوضح وزير الخارجية الروسي أن القضية الكردية تخص عددا كبيرا من دول الشرق الأوسط، محذرا: "الدعوة إلى الانفصالية بل تمريرها بشكل نشط قد تؤدي إلى تداعيات سيئة جدا. يجب الإشارة من جديد إلى أن هذا كله تقوم به دولة تقع بعيدة وراء المحيط، أما التداعيات فستتعامل معها دول المنطقة وأوروبا وكذلك نحن بأنفسنا لأننا قريبون من هذه الأرض".
إن إطلاق مثل هذه التصريحات وفي هذا التوقيت الحساس من قبل الطرف الروسي، يؤكد لنا سير مخطط أمريكي نحو تحقيق تقارب كردي – تركي، وسوف ينتج بطبيعة الحال عن تثبيت الوجود الأمريكي في المنطقة، من خلال إنهاء التوتر بين طرفي الصراع من جانب، وتثبيت قواعدها في المنطقة الكردية في سوريا وبالتنسيق مع الطرف التركي، وهذا يعني لم تعد هناك تهديدات تركية تحرج الأمريكيين وتدعهم امام خيار العلاقات إما مع الكرد أو الأتراك، وهذا ما لا تتمناه روسيا، وتحاول بشتى الوسائل إستمرار الاشكاليات بين الطرفين، لان المستفيد الأعظم من ذلك هو التوسع الروسي في المنطقة.
وبناء على ذلك يشير لافروف إلى خطر إنشاء وضع كردي في سوريا، ويحذر الدول الأخرى وهو يقصد تركيا وإيران على خطر وجود كيان كردي جديد، بعد تحقيق ذلك في العراق، وسوف يكون له تأثير مباشر على كرد تركيا وإيران ودفعهم للتوجه نحو الأهداف نفسها. وهذا يعني إن على هذه الدول منع ذلك، وكلام لافروف يأتي بقصد دغدغة مشاعر القومويين الاتراك والفرس ضد الكرد.
لماذا كل هذا العداء الروسي ضد الكرد في سوريا؟
عند التدخل الروسي في سوريا عام 2015، عقدت روسيا إتفاقاً إستراتيجياً بينها وتركيا بعد إسقاط الطائرة الروسية (التي تحول حولها الكثير من الشهبات والأقويل على إن الاستخبارات الروسية التي تخترق بعض الاطراف الجيش التركي عمدت إلى تنفيذ ذلك من أجل تضمين الرضوخ التركي لمخططاتها)، مقابل المآرب التركية في السيطرة على المعارضة السورية وتوجيهها إلى محاربة الوجود الكردي ووحدات حماية الشعب الكردية، وتعني ذلك منع تبلور اي وضع كردي خاص في سوريا، بعد التدخل الأمريكي وتقديم الدعم والتغطية الجوية لمحاربة دولة الداعش التي دفعتها تركيا لغزو المنطقة الكردية وتدميرها ( بمعنى فشل المخطط التركي في الاستيلاء على المنطقة بعد غزو الداعش وتسليم المنطقة لتركيا عبر تمثيليات التي حصلت في جرابلس وإعزاز والباب وبموجبها سلمت الداعش هذه المناطق للاحتلال التركي ومرتزقة الجيش الحر).
تسبب عدم إستجابة الادارة الأمريكية للمطالب التركية في السماح لها بغزو أجزاء من المنطقة الكردية إلى دفع النظام التركي في الاتفاق مع الطرف الروسي، وكان ذلك تحت مسمى المخطط البديل ( ب )، حيث تحدث عنها رأس النظام " رجب أردوغان " خلال السنوات الخمسة الماضية.
تم الاتفاق بين الطرفين التركي – الروسي بعد اسقاط الطائرة الروسية على الحدود مع تركيا، وبموجبها تم تقييد التحركات التركية وإجبارها على الرضوخ للطرف الروسي خلال عام 2015، وكان ذلك دافعاً لتقديم الطرف التركي للروس جميع المعارضة السورية على طبق من ذهب، وتسبب ذلك في القضاء على قوة هذه المجاميع وسحبهم إلى الحدود ومن ثم أستخدامهم ضد الشعب الكردي والادارة الذاتية، وكانت المناقصة الروسية في رفع التغطية عن إقليم عفرين التي تجاوز سكانها 650 الف نسمة من الكرد، جزء من الصفقة العملية بين روسيا والنظام التركي مقابل سحب مسلحي المعارضة من مناطق حول دمشق وكامل حلب ( حيث كانوا يسيطرون على 70% منها ) وحمص، وأجزاء من إدلب وشمال الساحل السوري، حيث تحولت المجموعات المسلحة السورية إلى مرتزقة لتغيير وجهة حربهم من تغيير النظام الاسدي إلى محارب الشعب الكردي.
لم تتوقف روسيا عند هذا الحد من إجراء الصفقات على حساب الشعب الكردي بل دفعت بتركيا لنقل حربها إلى منطقة منبج، وبدأت القوافل العسكرية التركية تتقدم نحوها من مناطق جرابلس وإعزاز والباب، وعلى ظهر الدبابات بدأت المجموعات الإرهابية التابعة للإئتلاف السوري بتهديد الكرد وقتلهم وابادتهم، حيث قدمت روسيا نفسها وقوات النظام السوري بالتدخل والانتشار في المنطقة،  على أن تتوقف تركيا عن الغزو، وبنفس الصورة انتقلت الاحداث إلى شرق الفرات، وكانت نقطة سري كانيه وتل ابيض مركزاً لإتفاق امريكي – تركي على أن تحتلمها تركيا والمجموعات المرتزقة، وطبعاً كان ذلك رداً امريكياً على الاهداف الروسية في إبعاد الاتراك عن امريكا، بحيث الهدف الرئيسي للأتراك هو محاربة الكرد، وبذلك استطاعت روسيا من الوفاء بوعودها في تسليم كافة غربي الفرات إلى تركيا والدخول في منبج.
ولم تتوقف روسيا عند ذلك فحسب بل تحركت لدفع تركيا نحو تهديد المناطق المتبقية من روجافا، وفي هذه المرحلة كانت كوباني والدرباسية وتل تمر وعين العيسى، من أجل ممارسة الضغط على قوات سوريا الديمقراطية ودفعها إلى اللجوء للنظام السوري، والقبول بعودة النظام، وبذلك يتوفر للنظام العودة إلى شرق الفرات وتساعد روسيا في التوجه نحو منابع النفط، وهذا يعني اراحة تركيا ايضاً في التخلص من الكرد والادارة الذاتية.
إلا أن الظروف لم تسير وفق المخطط الروسي، لأن الإدارة الأمريكية قررت العودة إلى هذه المنطقة وتطبيق مخطط جديد من شأنه خلق تقاربا بين الادارة الذاتية وتركيا، ومفتاح تحقيق ذلك يبدأ من الحوار الكردي – الكردي، لأن المجلس الوطني الكردي مقرب من تركيا، وتواجدهم في قيادة الادارة الذاتية والجيش سيضمن المصالح التركية في روجافا، وهذا يعني إن ثروات روجآفا ستكون مضمونة بالنسبة لتركيا والولايات المتحدة الأمريكية، وتتمنى تركيا وجود إقليم شبيه بإقليم كردستان التي تمر كل ثرواتها من تركيا، وتسيطر عليها فعلياً ويتربع العشرات من قواعدها العسكرية هناك. 
في الواقع ضرب المخطط الأمريكي الاهداف الروسية عرض الحائط، لهذا سوف تحاول روسيا من خلال اثارة النظام التركي نحو رفض اي واقع كردي في سوريا، لا سّيما وإن النظام التركي مركب من الإسلاماويين والقومويين العنصريين الذين يرفضون أي وضع كردي في المنطقة.
وهذا يعني نحن مقبلون على فصل جديد قد يدفع بالحمية الجاهلية للأتراك إلى خوض صراع جديد أو التفاعل مع المخطط الأمريكي، وفي العموم روسيا تلعب في الوقت الضائح وهي مستعدة لأن تتفق مع الأتراك لخوض اي حرب ضد الادارة الذاتية، وتصرح أثناء ذلك إن الأمريكيين تسببوا في هذه الحرب لأنهم يدعمون حكم ذاتي كردي..

تنويه: يسمح بنسخ او نشر المادة شريطة ذكر المصدر الرسمي ( شبكة الجيوستراتيجي للدراسات )

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!