التغيير «الديموغرافي» في عفرين.. جريمة تركية مكتملة الأركان

آدمن الموقع
0
خاص/ شبكة الجيوستراتيجي للدراسات
تتواصل الانتهاكات التركية لمنطقة عفرين الكردية - السورية، للعام الثالث على التوالي، منذ أن شرع النظام التركي في الزحف نحو المنطقة، بتاريخ 20 كانون الثاني/يناير 2018، فيما عرف بعملية غصن الزيتون، والتي تسبب بتهجير نحو 300 ألف كردي سوري.
ويقوم الاحتلال التركي حاليا، بتغيير التركيبة الديموغرافية للمنطقة، في مخطط يهدف إلى محو الهوية الكردية، وتتريك كل أوجه الحياة، تحت العلم التركي، مع التضييق على الجيوب الكردية المتبقية والتي تقاوم التهجير وعمليات الاستهداف والتهديدات والاختطاف اليومية. إن ما يحصل في منطقة عفرين تتجلى فيها كل أوجه المأساة السورية، حيث القتل على الهوية، والمستهدف الأول هو الإنسان الكردي، حيث يتعرض للجرائم اليومية التي تنفذها المجموعات المتطرفة التابعة للإحتلال التركي وتتبع لما يعرف بالإئتلاف السوري المعارض. 
لقد سعى الاحتلال التركي من خلال أدواتها المتطرفة " المجموعات التركمانية والعربية المسلحة " منذ ثلاثة أعوام، إلى تغيير هوية عفرين ومعالمها، وصبغها بالهوية التركية، وهو ما نشطت فيه الإدارة المحلية للاحتلال مؤخراً، عبر تغيير أسماء الشوارع والميادين والمرافق العامة والمستشفيات، واستبدال أسماء الشوارع والميادين، بأسماء تركية، ونموذج دوار نيروز التي تحولت إلى صلاح الدين، ساحة آزادي، ودوار نشتماني (الوطني) الى دوار 18 آذار، ودوار كاوا الحداد الى دوار غصن الزيتون، وإسقاط الاسماء التركية على عدد كبير من الشوارع والقرى والبلدات، وإستبدال الاسماء الكردية بالاسماء التركية، لا سيما المتعلقة بأبعاد سياسية، لاسيما التركمانية منها والعثمانية، ومثل هذا التغيير العلني " قرية قسطل مقداد، التي غيروها إلى سلجوق أوباسي، وقرية كوتانا إلى ظافر أوباسي، وكرزيله إلى جعفر أوباسي.
كما أصبحت صور أردوغان من الأساسيات في مقدمة القرى والبلدات وعفرين نفسها، حيث انتشار هذه الصور والاعلام التركية فوق جميع المرافق والمؤسسات ومواقع العصابات المسلحة وعلى نوافذ المحلات وغيرها. 
الإجراءات التركية الأخيرة، حاولت أنقرة تمريرها بدعوى مواجهة حزب العمال الكردستاني، والادعاء أنّ فصائل المقاومة الكردية، التي تواجه تنظيم الدولة الإسلامية، إنّما تنتمي للحزب الذي تصنفه تركيا على قوائم الإرهاب، كذريعة لمد النفوذ العسكري التركي لمسافة تصل إلى نحو 30 كيلو متراً في الأراضي السورية، تحت مسمى المنطقة الآمنة.
الاجتياح التركي، الذي واكبه قصف جوي مكثف، أحدث خراباً هائلاً في المنطقة، ما مثل عامل ضغط على السكان، أجبر بعضهم على الهجرة، قبل أنّ تتكفل عمليات السلب والنهب والاغتصاب، التي مارستها المليشيات الموالية لأنقرة، في هجرة الباقيين، ومن ثم بدأ مخطط طمس هوية عفرين.
من جانبها صرّحت منظمة العفو الدولية، أنّها جمعت أدلة “تشير إلى أنّ القوات التركية والمجموعات المسلحة المدعومة منها، أبدت تجاهلًاً مخزيًا للحياة المدنية، وارتكبت انتهاكات جسيمة وجرائم حرب، بما في ذلك القتل المتعمّد والهجمات غير القانونية، التي أدّت لقتل وجرح المدنيين”.
في المقابل تدعي أنقرة أنّ جهودها العسكرية، تهدف إلى ملاحقة عناصر قوات سوريا الديمقراطية، التي تعتبرها منظمة إرهابية، وتربطها صلات مع حزب العمال الكردستاني، رغم دورها البارز في مواجهة تنظيم داعش، ضمن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، في المنطقة الحدودية.
وتسعى أنقرة إلى إعادة توطين عدد من اللاجئين السوريين في المنطقة الآمنة المزعومة، ما يعني تقويض عناصر التركيبة العرقية في عفرين، وهو ما انتقده مراقبون، باعتبار أنّ الخطة التركية تهدف لإجراء تغيير سكاني واسع، بينما ادعت أنقرة أنّها تهدف إلى “تصحيح التركيبة السكانية”!
ويرى مصطفى عبدي، أنّ المخطط التركي بدأ مؤخراً يتحرك وفق منهاجية مدروسة، وأنّ ما بدأ بتغيير اللوحات التعريفية للمحلات والشوارع، وكتابتها بالتركية فقط، انتهى بإعادة توطين السكان، والعبث بالأماكن المقدسة، وتدمير المزارات الدينية للإيزيديين في القرى الإيزيدية، مع إرغام الأهالي على اصدار هويات تعريفية تركية للمدنيين السوريين، في المناطق المحتلة.
رافق كل هذا جرائم إنسانية، باتت ترتكب على نطاق واسع، وتزايدت وتيرتها كل يوم، خاصّة عمليات الخطف والقتل، وأغلبها كانت بهدف طلب فدية مالية، حيث باتت تجارة مربحة، تمارسها المليشيا التابعة للاحتلال، ومن ثم جرى اختطاف أكثر من (7343) مدنياً، مازال مصير نصفهم على الأقل غير معروف.
وبالنسبة لوضع المرأة، فالأمر بات كارثياً، حيث جرى مؤخراً توثيق نحو (70 ) حالة قتل، و ( 68 ) حالة اغتصاب، بالإضافة إلى حالات الانتحار المتكررة، كما يتواصل الاعتداء والانتهاك اليومي من قبل المليشيات، ما يضع المجتمع الدولي ومصداقيته على المحك، في ظل ما تمارسه تركيا من جرائم يومية.
- خبات محمد علي

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!