هيبة تركيا والحراك الكردي (قراءة إستراتيجية)

آدمن الموقع
0

قراءة إستراتيجية: إبراهيم كابان
خاص/ شبكة الجيوستراتيجي للدراسات
الظروف الموضوعية التي تدفع بالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا على حماية منطقة الادارة الذاتية من أي غزو تركي، هي إن البديل المطلوب لحماية المصالح الغربية مع المتغيرات الجيوسياسية في الشرق الأوسط يتغير بفعل المصالح، وهو ما يدفع دائماً بالبحث عن ايجاد البديل والبحث عن بديل آخر للإحتياطات القادمة. وتركيا في طور تحولات سياسية متعدد لذا الغرب يبحث عن بدائل أخرى مع العمل على عدم خسارة تركيا. فالظروف الموضوعية تتجه نحو أخذ تركيا بإتجاه صراعات داخلية لا محال، لأن التركيبة الدولتية لتركيا قابلة للإنفجار والتفتت نتيجة التعدد المكوناتي الغير متجانس بسبب السياسات العنصرية المنتهجة من قبل الانظمة التركية المتعددة.
وإذا لم تملك هذه الادارة القدرة على البقاء لما أصبحت قادرة على جذب القوى الكبرى لحمايتها من الغزو التركي. وبذلك يمكن القول: إن حجم القوى والإمكانيات كثيرة ولكن لا تحقق الأهداف، وعملية جذب القوى الكبرى إلى حمايتك، وفتح العلاقات العسكرية المباشرة مع القوى الكبرى، وهي عوامل إستراتيجية في بناء الأقاليم والدول، وتمكين البنية العسكرية..
تمكين قاعدة العلاقات الرصينة والخطر المستمر
لا بد إن التوجه نحو القوى الفاعلة الدولية يمنحنا القدرة على تبادل المصالح معها وفق قاعدة " المساعدة في تطوير عملنا وإدارتنا والحفاظ على الجوانب الأمنية وتعزيزها، يقابله فتح سوق كبيرة أمام شركات تلك القوى كي تستثمر "، لأن الهالة الإقتصادية هي الجزء الأكبر من الاستراتيجيات التي تتحرك وفقها هذه القوى بغية تأمين أسواق جديدة تمكنها من تعزيز قدراتها في الشرق الأوسط، أو قطع الطرق أمام الدول الأخرى. ومشهد الصراع الأمريكي - الصيني مثال على التوسع لإحتواء أكبر قدر من القوى والدول، إذ أن راس الحربة الصيني المتمثل بروسيا يساعد في عملية دفع المحور الأمريكي - الأوروبي في التشبث بمناطق الانتاج في الشرق الأوسط، لأن البديل الطبيعي للتراجع الغربي سيشكل خطراً على مصالحها، والتحركات الروسية المريبة في الشرق الأوسط إلى جانب التوسع الصيني في السيطرة على الاقتصادات العالمية يدق ناقوس الخطر الذي يهدد الأسواق الأمريكية الأوروبية. كيد إن الإدراك الأمريكي الأوروبي لهذه التحولات دفعهما بطبيعة الحال إلى تكريس قواعد البقاء في الشرق الأوسط من البوابة الخليجية والكردية، والوجود العسكري الأمريكي الأوروبي في العراق وسوريا تتركز على المناطق الكردية أولاً، ومع أية صراعات أو مواجهات مع القوى المتطرفة، سواءً السنية أو الشيعية، يستخدم الأمريكيين إستراتيجية جعل قواعدها في إقليم كردستان ومنطقة روجآفا كمركز،لأن التهديد الإيراني المستمر، والضبابية في السياسات التركية التي بعدت مسافات عن المصالح الغربية حتى تكون في الوسط بين الروس والأمريكيين، وأيهما يحقق مصالحها تميل لها. 
الفهم الكردي لهذه التطورات
لاسيما وإن منطقة الإدارة الذاتية/ وإقليم كردستان/ العراق لهما أهمية مميزة على المستوى الشرق الأوسط، في ظل تعرض مصالح الأمريكيين والغرب عموماً إلى تهديدات مستمرة من قبل الجماعات المتطرفة التي تتصاعد وتزداد خطورة بفعل الدول الإقليمية الراعية لها. وإذا نظرنا إلى الجماعات المتطرفة التي تنشأها بعض الدول وتوجهها لتحقيق مآرب خاصة، تنتج في الجانب الاخر مزيداً من الصراع والإشكاليات، والأجيال الجديدة من التطرف اكثر خطورة من سابقها، ولعلَّ تجربة ظهور الداعش من رحم منظمة القاعدة التي خرجت بدورها من ذهنية وفعاليات حركة أخوان المسلمين، اخلفت عنفاً مركزاً وخطراً على مجريات التطور السياسي والإجتماعي في الشرق الأوسط، والأنكى من ذلك هو لازالت قوى إقليمة بارزة تدير هذه الجماعات وتدفع لها المخططات التنفيذية التي تبرز دمويتها من خلال مراحل التطور الطبيعية لحركات التطرف والإرهاب.
إن فهمنا ككرد لما يجري حولنا من تحولات ومتغيرات جيوسياسية " محلية وإقليمية"، كفيلة بمنحنا فهم أوسع لمجريات السياسة الدولية التي تسيّر كل هذه الهالة في الشرق الأوسط، لأن عدم تفاعلنا وتواصلنا مع المجتمع الدولي في جزئية هذه التطورات، سوف يفقدنا قدرة إيجاد السبل المناسبة لبقائنا كحالة سياسية وعسكرية كردية في سوريا. وتعاملنا المباشر مع الأمريكيين والفرنسيين وعموم الخيار الغربي.
لعلَّ هذا القرن الواحد والعشرين فتح لنا بجهود شعبنا النضالية والثورية وبتفاعل حركته التحررية، وتلك التحولات في المصالح الدولية، الفرصة في إثبات وجودنا كقوة، وبالتالي فهم منطق فوهة البندقية وضرورته وتمكينه أكثر، والاستعداد لأسوء السيناريوهات، يجب أن يكون جزء من إستراتيجيتنا المستقبلية، لأن الدول أو الأقاليم التي تملك نوع من قوات الردع، تحافط على سيرورته ووجوده كقوة مؤثر في المنطقة..
إننا ككل، المجتمع وفعاليته الشعبية والمدنية، والقوى السياسية، والثقافية، مطالبون اليوم بتمكين تجربة الإدارة الذاتية من كافة النواحي، وتعزيزها بالقدرة والقوة المطلوبة، وخلق مزيداً من فرص العلاقات الدولية والدبلوماسية، لأنها الضامن في التكامل والتفاعل في سير تطور ما نسعى إليه، وتقاطع مصالحنا مع الدول الكبرى التي تقودها القوى الدولية في منطقتنا.
الفرز والاصطفافات الفعلية 
كلما ارتكب النظام التركي حماقات سياسية إتجاه أمريكا وأوروبا، دفعت بتلك الدول إلى البحث عن البديل في الشرق الأوسط، على الأقل بناء إحتياط إستراتيجية للمراحل القادمة. لا سيما وإن النظام التركي لم يعد يستطيع التراجع عن علاقاته مع المحور الروسي في الشرق الأوسط، وبالتالي العملية التكتيكية التي يستخدمها أردوغان في التساوي بين الأمريكيين والروس، لن تنجح بفعل الظروف الموضوعية التي ينبغي على أية قوة في المنطقة الاختيار بين القوى الفاعلة الدولية، والتراجع عن العلاقة مع الروس قد يسبب الكثير من الإرهاق السياسي والأمني والإقتصادي بالنسبة لتركيا، لأن الموقف الأوروبي لن يبقى ضمن سياق التفاهم الدائم للمخاوف التركية في المنطقة، وخاصة بعد عود الولايات المتحدة إلى الحاضنة الأوروبية، من باب عودة السياسات الأمريكية إلى السير نحو تمكين الحلف الغربي أمام التطورات الاقتصادية الصينية، والاطماع التركية التوسعية في الشرق الأوسط على حساب حلف الناتو بعد النزوح التركي إلى الحضن الروسي جزئياً. 
المشهد التركي - الأوروبي
الخلافات الأوروبية التركية تركز على العزوف التركي عن الركب القوانين الغربية، المتعلقة بحقوق الإنسان، أو القيام بدور الشرطي لحماية مصالح حلف الناتو، وعدم تشكيل أية تهديد على المصالح الغربية في المتوسط، والابتعاد عن الخطوط الحمر التي تشكلها المصالح الغربية والتي يقوم فيه النظم التركية خلال العقود الماضية بدور حماية المعبر الروسي إلى الدول العربية. 
إن فهم سعي النظام التركي في البحث عن علاقات دولية جديدة أكثر دينمايكية لتخفيف إلتزامها بالقوانين الأوروبية، توفر لها التصرف بلا قيود في الملفات الداخلية، ولعلَّ التقلبات السياسية الداخلية والتحول من نظام شبه ديمقراطي يسعى إلى مواكبة ركب الدول الأوروبية، ومن ثم التوجه نحو ديكتاتورية مقيتة تتخذ من القوانين الاستبدادية كآلية لإعادة إنتاج نظام قوموي بنهكة الإسلام السياسي، تسبب طبيعته في إظهار تقلبات جيوسياسية تخرجها من حوكمتها الطبيعية والمتزنة بعض الشيء في بناء العلاقات مع الغرب.
بحيث تشهد تركيا تقلبات ومتغيرات جيوسياسية تخرجها من حوكمتها المتزنة في العلاقة مع الغرب والقيام بدور بدور المنوط به.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!