الجميع راضي عن أردغان فلماذا لا يستمر لخمسة أعوام أخرى؟

komari
0
قراءة سياسية: إبراهيم كابان
البعض يعتقد إن المجتمع الدولي والإقليمي غير راضي عن السياسات التي ينتهجها النظام التركي بقيادة أردوغان. كما إن الإعلام التابع لحزب العدالة والتنمية وجماعة أخوان المسلمين في المنطقة العربية أوهم شريحة واسعة على إن المجتمع الدولي وفي مقدمتها الدول الغربية والعربية تعادي نهج أردوغان وحكمه، وتعمل على هدم نظامه وتمكين المعارضة التركية.

في الحقيقة إن الجميع راضي عن النظام التركي بقيادة أردوغان، لأنه ببساطة نفذ أردوغان كافة المشاريع التي كانت لا تمرر في الشرق الأوسط.

- خلال أكثر من عقد عمد النظام التركي بقيادة أردوغان على أسلمة الثورات الربيع العربي، فتمكنت الأنظمة العربية وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية على إفشال تلك الثورات تحت يافطة إنها ستحول البلدان التي شهدت الثورة إلى دول يقودها التنظيمات المتطرفة. وخلال النظر إلى الثورة التونسية والليبية والمصرية والسورية والعراقية واليمنية والسودانية .. الخ، سنجد إن النظام التركي تدخل في جميع الحراك في هذه البلدان، وعمد إلى تحويل وجهة الثورة نحو الإسلام السياسي والحركات المتطرفة، وإخراجها بلباس مخالف تماماً لأهداف هذه الثورات.

- خلال سبع عقود من الصراع الغربي السوفيتي، لم تستطيع روسيا كسر جدار حلف الناتو من البوابة التركية، لأن تركيا كانت تمنع ذلك كحرس حدود للولايات المتحدة الأمريكية، وخلال عهدة أردوغان كسر ذلك الجدار أمام التوسع الروسي في المتوسط وسوريا، وباتت القوات الروسية والممرات البحرية والجوية التركية مفتوحة على مصراعيها أمام التوسع الروسي.

- التضخم الذي شكله العناصر المتطرفة من الإسلام السياسي في أوروبا كان يشكل معضلة حقيقية في مستقبل الدول الأوروبية، لا سيما وإن القوانين الغربية لا تحاسب الشخص على معتقدهم وآرائهم، لذا وجدوا في الدول الغربية مناخاً للترعرع ونشر التطرف الإسلام السياسي. وفي الواقع ساعد النظام التركي على تخلص الدول الغربية من تلك العناصر والتهديدات، حيث الالاف منهم توجهوا للإنضمام إلى الداعش وبرعاية تركية ومطاراتها وفنادقها ودعمها.

- بالنسبة للمشروع الشرق الأوسط الكبير وكيفية تطبيقها، ساهم أردوغان في إيجاد العوامل الأساسية له، ومنها الداعش والفوضى التي أخلفتها لذلك، لأن المشروع يعتمد في أساسها على الفوضى الخلاقة، وكان يتطلب حاضنة إقليمية حول سوريا والعراق لذلك، فكانت تركيا علناً وإيران بشكل سري في دفع الداعش نحو خلق الفوضى، إلا أن النظامين التركي والإيراني كانت لهم مشاريع خاصة أيضاً مرروها من خلال هذه الفوضى، وهو دفع الدواعش نحو المنطقة الكردية والعربية السنية حصراً، وبذلك ساهمت تركيا بشكل مباشر في إيجاد الأرضية المناسبة للتدخل العسكري الأمريكي وإقامة قواعد له في سوريا.

- حول المشروع الإيراني التوسعي في المنطقة العربية، كان النظام الفارسي بحاجة إلى تهيئة الظروف داخل سوريا، حيث وفرت لها تركيا هذه الأجواء من خلال أسلمة الثورة السورية من طرف، وأوعظت إلى المجموعات المسلحة للمعارضة على الإستسلام للنظام والتنازل عن مناطق سيطرتها للميليشيات الإيرانية - العراقية - اللبنانية، عبر عملية التغيير الديموغرافي لسحب العرب السنة من المناطق الداخلية السورية كحمص ودمشق ودرعا ودير الزور وحماه وغيرها لصالح الميليشيات الطائفية الإيرانية، مما سيطرت هذه الميليشيات على المناطق الإستراتيجية السورية مقابل تجميع العرب السنة من قبل النظام السوري في المناطق الشمالية السورية لإقحامهم في حروب ضد الكرد وبناء حزام أمني داخل الأراضي السورية لحماية الأمن القومي التركي على حساب الأمن الوطني ووحدة الأراضي السورية، وبذلك تمكن النظام الإيراني من السيطرة على المناطق الإستراتيجية للدولة السورية.

- عطل النظام التركي سلاح المعارضة السورية التي كادت تسقط النظام بعد سيطرتها نهاية ٢٠١٥ على ٧٠% من الأراضي السورية، إلا أن الاتفاقيات الروسية - التركية عطلت جبهة الساحل وكذلك منعت من فتح الجبهات في الشمال السوري في الوقت الذي كانت تتعرض المناطق الداخلية التي كانت تسيطر عليها المعارضة إلى عمليات التصفية. هذا التعطيل إلى جانب مسار سوتشي وأسيتانا وتعطيل مسار جنيف، قضت على الثورة السورية، وحولت المجموعات الثورية السورية إلى مرتزقة تقاتل في سبيل الأمن القومي التركي، وتوجه سلاحها نحو القوى المختلفة مع النظام السوري، ومنها قوات سوريا الديمقراطية، حيث وجه نظام أردوغان سلاح المعارضة لقتال قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر على النفط والغاز والسدود المائية والقمح، بعيداً عن سيطرة النظام الذي دخل في ازمة اقتصادية نتيجة لفقدان كل الثروات، لقد جعل النظام التركي المجموعات المسلحة للمعارضة توجه سلاحها إلى قسد خدمة للأسد، وإجبار قسد على اعادة العلاقات مع النظام السوري.

- في الملف الليبي ساهم النظام التركي في تقسيم ليبيا فعلياً لصالح أجندات خارجية، وفتح قريحة التقسيمات في مناطق المغاربية ومصر. وهذا الملف سيكون له صدى مستقبلي لدفع المنطقة نحو خلافات وتقسيمات الطائفية والعرقية.

في الملف الصيني، أستطاع النظام التركي في جذب العنصر الأيغوري الصيني لإستخدامه في مشاريع خاصة بالأمن القومي التركي، مقابل تخفيف الضغط الإيغوري على الصين، وإلهاء العنصر الإيغوري بقضايا تتعلق بالأمن القومي التركي بعيداً عن النضال الإيغوري القومي ضد الصين.

- ساهم النظام التركي في تعزيز الأمن اليوناني - القبرصي، والدفع نحو الحضور الأوروبي في شرقي المتوسط، وإلهام القوى الغربية إلى ضرورة بناء قوات الدفاع الأوروبية والدفع نحو التأسيس له مع المخاطر التي تحدق بالإتحاد سواءً من البوابة الأوكرانية أو التركية.
--------------------------------------
- باحث سياسي 

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!