القمة العربية .. تعويم للأسد أم إبعاده عن الحضن الإيراني؟

آدمن الموقع
0
خاص/ هيئة تحرير الجيوستراتيجي للدراسات 
30 قضية في الشأن العربي ناقشتها القمة العربية في دورتها 32 والتي عقدت بمدينة جدة في المملكة العربية السعودية، وركزت عليها البيان الختامي، حيث تشهد عدد من الدول العربية تحولات دراماتيكية بين الأنظمة والحكومات مع الشعوب، وفي مقدمتها تداول الأزمة السورية من بوابة إستقبال رئيس النظام السوري بشار الاسد، والمواجهات التي تشهدها السودان، والصراع اليمني، والمعانات الصومالية المستمرة، والخلافات الليبية، وصولاً إلى الأزمة الإقتصادية اللبنانية، إلى جانب مطالبة النظام التركي بسحب قواتها فوراً من الأراضي العراقية، حيث تتواجد اكثر من 40 قاعدة عسكرية وأمنية وآلاف الجنود الأتراك، يتحكمون في مناطق واسعة من إقليم كردستان العراق ومحافظة الموصل. بالإضافة إلى كلمة الرئيس الأوكراني الذي كان ضيفاً على القمة ونقل من خلال كلمته مجريات عملية تحرير الأراضي الأوكرانية من الاحتلال الروسي، ومطالبة الدول العربية بمساعدته في قضية الأسرى الأوكران الذين خطفتهم الجيش الروسي في جزيرة قرم وغيرها، وصولاً إلى ما تشهده من تحسن في العلاقات بين المملكة العربية السعودية والدول العربية مع إيران. وتأكيداً على الإلتزام العربي بالقضية الفلسطينية وصولًا إلى قضايا البيئة والأمن السيبراني، والملفات الاقتصادية والاجتماعية.
بالإضافة إلى فهمنا لطبيعة هذه القمة وإدارتها من قبل المملكة العربية السعودية، والإحتواء الواضح للتناقضات والمفاجئات في تواجد رأس النظام السوري بشار الاسد، والرئيس الأوكراني سلنسكي، فمن الواضح هناك توجه عربي بقيادة المملكة نحو تهدأة الأزمات في الدول العربية من بوابة التقاربات مع إيران من طرف إلى إستمالة النظام السوري للحاضنة العربية، في خطوة واضحة تسعى من خلالها المملكة والمحور العربي المتمثل بجمهورية مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات والأردن، وهي إستراتيجية لإبعاد شبح سيطرة إيران على مقدرات الدولة السورية في مشهد قد يكون مكرراً لما حصل بعد عملية تحرير العراق وإسقاط الطاغية صدام حسين، حيث أستفادت إيران وسيطرت على العراق من خلال حلفائها المحليين. ولعلَّ إبعاد النظام السوري الذي يعيد سيطرته على الأراضي السورية بالإتفاق مع النظام التركي وبدعم روسي، فإن ذلك سيساعد على سيطرة إيران على سوريا كما الحال في لبنان والعراق، ويشكل بذلك هلالاً فارسياً يشكل تهديداً مباشراً على الدول العربية. حيث تنافس تركيا وإيران ضمن إتفاق واضح في تقاسم الدولة السورية والعراق، وإنهاء النفوذ العربية فيها.

أهداف تعويم رأس النظام السوري

وجود الأسد في القمة يشكل معضلة حقيقية للواقع الثوري السوري، حيث حالة التمعض الواسعة التي أبداها المعارضة على مشارف إختلافاتهم حيال الخطوات العربية في إحتضان الأسد دون إظهار فرض عملية الحل. 
بالرغم إن عملية تعويم الاسد تمت منذ 2017 من قبل النظام التركي الداعم الرئيسي للمجموعات المرتزقة، والإئتلاف الذي يقوده جماعة أخوان المسلمين المتطرفة والتابعين للإحتلال التركي، وذلك مع توجهها لمسار أسيتانا وسوتشي الذي دعى للتنازل عن الأرضي والمواجهة لصالح النظام، على حساب تجميد مسار جنيف الداعي إلى إنهاء الشمولية من خلال تفكيك النظام وفق مرحلة إنتقالية كما أكد عليه القرار الأممي 2254. إلا أن هذه التقاربات بين الدول العربية مع النظام السوري يبدوا لنا إستمالة له حتى لا يدخل في توافقات مع النظام التركي والإيراني، وهذا يعني وضع سوريا تحت الوصاية الإيرانية التركية الطامعتين في توسع نفوذهما على الأراضي السورية.
التقارب العربي بقيادة المملكة واضح لتقليص الدور الإيراني التركي في سوريا، إلا أن ذلك يؤثر بشكل مباشر على مسار التحول الديمقراطي الذي يدعمه مسار جنيف، بالرغم إن المعارضة السورية التي تدعمها تركيا دمرت ذلك المسار لصالح النظام السوري، وحولت المعارضة السورية إلى مجموعات مرتزقة تحارب بعضها وتهاجم على المناطق الكردية، وتعطل مواجهة الأسد، وتسليم المناطق له. 
هذه التحولات من شأنها تقوية الاسد، وإطالة عمر نظامه، وأية حلول تأتي فيما بعد لن تكون موجهة لإنهاء الشمولية في سوريا، بالرغم من العقوبات الأمريكية الغربية على منع أية حوارات مع النظام السوري، إلا أن سياسة غض النظر لدى دول المحيطة بسوريا وفي مقدمتها تركيا وإسرائيل، والتقارب الواضح بين المملكة العربية السعودية وإيران في معظم القضايا العالقة ومنها الأزمة اليمنية والسورية واللبنانية، ساهمت بشكل مباشر في تعويم الأسد.

الخطر القادم

بالرغم إن إبعاد النظام السوري عن المؤثر الإيراني - التركي مفيد لتقليص نفوذهما في سوريا، إلا أن هذه العملية تساهم أيضاً في القضاء على الثورة السورية. وبغض النظر عن ما ترتكبها المجموعات المرتزقة للمعارضة التابعة للاجندات التركية إلا أن عودة الأسد يشكل تهديداً مباشراً على الشعب السوري، لا سيما المناطق الخارجة عن سيطرة الاسد، حيث سيمارس النظام السوري سلوكيات إرهابية في التعامل مع المواطنين السوريين إذا ما ساهمت أية تحولات في عودة نظام الأسد.

ما تضمنته المسودة الختامية للقمة

أكد البيان الختامي على مركزية القضية الفلسطينية للأمة العربية جمعاء، والهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين، وحق دولة فلسطين في السيادة المطلقة على أرضها المحتلة عام 1967 كافة، بما فيها القدس الشرقية، وأهمية تفعيل «مبادرة السلام العربية».
وفي الملف اللبناني، حث البيان السلطات اللبنانية على مواصلة الجهود لانتخاب رئيس للبلاد وتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن، وإجراء إصلاحات اقتصادية للخروج من الأزمة الخانقة.
أما في الشأن السوري، فقد شددت البيان على تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها، وتكثيف الجهود لمساعدتها على الخروج من أزمتها،وإنهاء معاناة الشعب السوري.
وضمن تطورات الوضع في ليبيا، أكدت المسودة الالتزام بوحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، ورفض أنواع التدخل الخارجي كافة، والامتناع عن التصعيد.
وعن اليمن، تحدث البيان عن الالتزام بوحدة وسيادة البلاد، وتأكيد استمرار دعم الحكومة اليمنية الشرعية بقيادة مجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد محمد العليمي،وتعزيز دوره ودعمه.
ودعمًا للصومال، دعا البيان إلى دعم جهود الحكومة الصومالية في حربها الشاملة ضد الإرهاب، لا سيما حركة «الشباب»؛ بهدف القضاء عليها، والإشادة بالجيش الوطني الصومالي.
وشدد البيان أيضًا على التأكيد المطلق على سيادة دولة الإمارات على جزرهاالثلاث (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى).
وفيما يخص الملف الإيراني، رحب البيان بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين المملكة العربية السعودية وإيران في بكين، الذي يتضمن استئناف العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح بعثاتهما، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين.
أما عن تركيا، فقد أدان البيان توغل القوات التركية في الأراضي العراقية، مطالبًا الحكومة التركية بسحب قواتها دون شروط.
وفيما يخص مكافحة الإرهاب، أدان البيان كل أشكال العمليات الإجرامية التي شنتها المنظمات الإرهابية في الدول العربية والعالم، ودعت الدول العربية التي لم تصادق على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، إلى التصديق عليها.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!