أربيل / قامشلو: شبكة الجيوستراتيجي للدراسات
تنفذ الطائرات التركية بين فينة وأخرى عمليات جوية ضد المواقع الكردية وأكثرها مدنية في إقليم كردستان العراق وإقليم شمال وشرق سوريا/ كردستان سوريا، وهذه العمليات وفق ما تصرح به وزارة الدفاع التركية إنها إنتقامية لما تقوم به قوات حزب العمال الكردستاني التي تنفذ عمليات قوية داخل المنطقة الكردية في تركيا ضد المواقع العسكرية التركية. بعكس ما تنفذه الطائرات التركية المسيرة حيث تقصف المواقع المدنية.
ومع هذه الإعتداءات المستمرة للدولة التركية على جارتها العراق، تبدي معظم القوى السياسية العراقية موقفها الرافض لهذه العمليات إلا أن هناك فصيل سياسي مدعوم من تركيا ولديه برلمانيين داخل المجلس النواب العراقي وهو ( الجبهة التركمانية ) التي تبارك مثل هذه الإعتداءات على الأراضي العراقية، وتسميها وفق ما جاء في بيانها على حسابه الرسمي: ( العرق التركي ..ليس هناك حداد، هناك إنتقام، لن يبقى حجر على حجر ولا رأس على الكتف ) وهي دعوة واضحة لتدمير الشمال العراقي وخاصة إقليم كردستان إلى جانب الدعوة لقتل المدنيين.
لقراءة البيان على الصفحة الرسمية للجبهة يمكن الضغط على الصورة
لم تكتفي الجبهة ببيان رسمي وإنما بادر متزعمها أرشد الصالحي إلى نشر بيان جديد على صفحته الرسمية مباركاً فيها العمليات التركية الأخيرة على كردستان العراق، ودعى فيها إن الجنود الأتراك الذين لقوا حتفهم على يد قوات حزب العمال الكردستاني في تركيا بأبطال وشهداء .لقيت تصريحات ارشاك حالة أستهجان لدى العراقيين بكافة أطيافهم، وطالب البعض من المواطنين العراقيين بمحاسبة أرشاك وتقديمه للمحاكمة وتفكيك جبهته.
مع إن الجبهة التركمانية لم تشكل سوى نسبة قليلة في الإنتخابات الأخيرة بمدينة كركوك وحصلت على مقعدين فقط في مجلس المدينة من أصل ١٥، إلا أن الجانب العربي الذي حصل على ٦ مقاعد مقابل ٧ مقاعد للكرد غيرت المعادلة تماماً بحيث تحولت الجبهة إلى بيضة القبان إذا ما اتفقت مع إحد الطرفين ( الكرد أو العرب ).
يذكر إن معظم العرب والتركمان في مدينة كركوك تم أستطيانهم خلال فتة السبعينيات والثمانينيات القرن العشرين بعد تنفيذ مشروع التغيير الديموغرافي على يد النظام العراقي بحق السكان الكرد. وتلعب الجبهة التركمانية سياسة الولاء المطلقة للدولة التركية، مما يسأل الشعب العراقي: ما علاقة هذه الجبهة بالدولة العراقية إذا كانت جزء من الدولة والسياسات التركية؟.
مؤيدات من الجبهة التركمانية يلوحون بأياديهم شعارات الذئاب الرمادية
تأسست الجبهة التركمانية في إقليم كردستان سنة ١٩٩٧ بدعم وتمويل تركيا، وبعد عام ٢٠٠٣ انتقل مقرها إلى مدينة كركوك كجزء من الإستراتيجية التركية لجعل كركوك مقراً للتركمان والتي تذكرها دائماً على إنها مدينة تركية كما الموصل العراقي وحلب السورية. وبالرغم من الدعم والإمكانيات المقدمة من النظام والإستخبارات التركية لهذه الجبهة لم تستطع بناء قوة سياسية تمثل كل التركمان في العراق.
وعوضاً عن توحيد الخطاب القومي التركماني في عموم العراق، شجعت الجبهة التركمانية وبصورة غير مباشرة مبدأ التفرقة ما بين تركمان المناطق المختلفة في العراق، فمنذ عام 2003، تولى رئاسة الجبهة التركمانية أشخاص من تركمان كركوك فقط. كما أن مدينة تلعفر التي يسكن فيها ما يقارب 350 ألف تركماني، لم تُمثل في الجبهة التركمانية بالشكل الذي تستحقه. وتعتبر تلعفر من أكثر المدن التركمانية العراقية التي تضررت جراء الحرب والصراع المذهبي. ولكن مع هذا، لم تستطيع الجبهة التركمانية توحيد التركمان تحت مظلتها لتبعدها عن الصراع الطائفي، وهو ما دفع العديد من التركمان السنة للانخراط في صفوف تنظيم القاعدة وداعش. وخير مثال على ذلك هو أبو مسلم التركماني الذي كان أحد مساعدي أبو بكر البغدادي، هو تركماني سني من مدينة تلعفر.
منذ تأسيس الجبهة وحتى الأن لم تستطيع الجبهة التركمانية تكوين قيادة تركمانية جامعة وقادرة على تمثيل المكون التركماني في العراق. بل على العكس من ذلك كلما تغير رئيس الجبهة انسحب من الجبهة أما مؤسسا حزبا مستقلا عن الجبهة أو انسحب بالكامل من الحياة السياسية أو اتهم بالخيانة من قبل قيادة الجبهة التي تأتى بعده.
الصراع التركي - الكردي
وينفذ حزب العمال الكردستاني عمليات عسكرية مستمرة ضد القواعد والجنود الأتراك وهو قوة عسكرية وسياسية كردية تشكلة نهاية السبيعيات وتعمل على إقام حكم ذاتي كردي في تركيا، ولها معسكرات داخل المناطق الكردية في تركيا وكذلك في سلسلة الجبال الوعرة بين العراق وتركيا وإيران، وتحاول تركيا منذ ما يقارب أربعين سنة في القضاء على هذه القوة الكردية، إلا أن الوقائع على الأرض ووفق المعطيات الجيوسياسية والعسكرية تطور هذا الحزب ليشكل قوة عسكرية وسياسية ضخمة في الشرق الأوسط وداخل الأقاليم الكردية في تركيا والعراق وإيران وسوريا.
الحرب المفتوحة ضد الكرد في سوريا
الحرب التركية ضد إقليم شمال وشرق سوريا/ كردستان سوريا، لم تتوقف بالرغم من كافة الطرق التي أتخذتها قوات سوريا الديمقراطية مع حلفائها الأمريكيين والتحالف الدولي وروسيا، حيث تنفذ الطائرات المسيرة التركية يومياً عمليات جوية على مواقع أكثرها مدنية في المدن والقرى الكردية السورية.
وقد أعلن رأس النظام التركي رجب طيب أردوغان عن عن قتل 12 من عناصر حزب العمال الكردستاني في شمال سوريا والعراق ردا على مقتل 12 جنديا تركيا شمال العراق. وقال خلال فعالية في إسطنبول اليوم السبت- إن دماء الجنود لم تذهب سدى، مؤكدا استمرار قوات بلاده في الرد بالمثل على ما وصفه بالتنظيم الانفصالي.
من جهتها، قالت وزارة الدفاع التركية -في بيان- إن "قواتها قتلت 5 عناصر من حزب العمال كانوا يعدون لتنفيذ هجوم على منطقة عملية درع الفرات شمالي سوريا"، مؤكدة أن القوات المسلحة التركية ستواصل عملياتها ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني وقوات "قوات سوريا الديمقراطية".
وكانت وزارة الدفاع التركية قد أعلنت السبت عن مقتل 12 جنود أتراك وإصابة آخر في هجوم استهدف قاعدة عسكرية تركية في شمال العراق.
وأكدت الوزارة أن القاعدة العسكرية التركية -الواقعة بالقرب من هاكورك في شمال العراق- تعرضت مساء الجمعة لهجوم شنه أعضاء حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون بأنه "منظمة إرهابية". وردا على الهجوم، أعلنت السلطات تنفيذ عملية عسكرية في المنطقة.