الولايات المتحدة بين انتظار الهدنة وتعنت نتانياهو والانتخابات الأمريكية

komari
0
بقلم: أحمد المالكي
مازالت الولايات المتحدة تأمل في توقيع اتفاق هدنة قبل شهر رمضان مع تفاؤل بايدن بإمكانية التوصل إلى اتفاق يمكن أن يؤدي إلى حل للصراع في غزة وتبادل المحتجزين الإسرائيليين مع الأسرى الفلسطينيين وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة في ظل حصار إسرائيلي خانق على قطاع غزة وتأزم الأوضاع ووصول الأمر إلى مجاعة تضرب القطاع بأكمله وعدم وجود الأدوية التي يحتاج إليها المصابين وكبار السن والأطفال في مشهد لا انساني وهذا يشكل ضغط على الإدارة الأمريكية التي تسعى إلى حل قريب قبل دخول شهر رمضان وايضا الرئيس الأمريكي بايدن الذي على أعتاب انتخابات الرئاسة الأمريكية في ظل غضب واسع في الشارع الأمريكي من سياسات بايدن تجاه غزة ومازال مشهد الجندي الأمريكي ارون بوشنل الذي عبر عن احتجاجه بحرق نفسه أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن يطارد الإدارة الأمريكية في اقوى احتجاج على التواطؤ الأمريكي مع إسرائيل ورغم أن الولايات المتحدة تعلن أنها تبذل جهوداً حثيثة مع الحلفاء في الشرق الأوسط لإعلان إتفاق هدنة لكنها تصطدم بتعنت نتانياهو الذي يصر على استمرار الحرب واقتحام رفح رغم الخسائر التي تعرضت لها إسرائيل في هذه الحرب والذي أعلن الجيش الإسرائيلي أنهم لم يتعرضوا لهذه الخسائر منذ ٧٥عاما .
إسرائيل منقسمة حول هذه الحرب وهناك انقسام غير مسبوق داخل الشارع الإسرائيلي مابين مؤيد لاستمرار هذه الحرب ومابين معارض لكن الأغلبية داخل إسرائيل يطالبون بوقف هذه الحرب والتخلص من رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو الذي يعرض أمن إسرائيل للخطر باستمراره في هذه الحرب مع تحركات إسرائيل على كافة الجبهات ومواجهة مع حزب الله وربما حرب إسرائيلية مرتقبة على لبنان بالإضافة إلى جبهة سوريا وتوجيه إسرائيل ضربات على سوريا وفي ظل تحركات للحوثيين في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن والبحر الأحمر وتهديد أمن الملاحة ويظل نتانياهو في أزمة كبيرة مع تهديد بني غانتس عضو مجلس الحرب الإسرائيلي له وإصراره على السفر إلى الولايات المتحدة ولقاء مع بايدن يبدو أن الإدارة الأمريكية تريد أن توصل رسالة من خلال هذا اللقاء إلى نتانياهو وحكومته المتطرفة وإلى الشارع الإسرائيلي ورغم غضب نتانياهو من سفر بني غانتس وإعلانه أن إسرائيل لها رئيس وزراء واحد إلا أن غانتس أصر على موقفه بالسفر إلى الولايات المتحدة وبعدها إلى المملكة المتحدة.
بايدن اليوم في أزمة مثله مثل نتانياهو ورغم الإلتزام الأمريكي بأمن إسرائيل إلا أنه يواجه ضغوطا عديدة داخليا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية واستغلال منافسه ترامب هذه الحرب للحصول على أصوات في مواجهة بايدن خاصة بين الأوساط الأمريكية من هذه الحرب رغم موقف ترامب من إسرائيل وتقديم خدمات لها خلال فترته الرئاسية السابقة قبل بايدن إلا أن ترامب يسعى إلى كسب الاصوات الغاضبة من إدارة بايدن مستغلا أيضا انقسام الحزب الديمقراطى الذي يواجه انتقادات حادة في ظل وحدة موقف الجمهوريين من الحرب بالإضافة إلى ضغوط خارجية في ظل تحركات صينية وروسية في منطقة الشرق الأوسط وسعي امريكي للحد من المد الصيني والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أدت إلى تجمد اتفاقيات أمريكية مع دول الشرق الأوسط ومنها اتفاقية الدفاع مع المملكة العربية السعودية.
روسيا دخلت على الخط ودعت الفصائل الفلسطينية لحوار حول وحدة الفصائل وضرورة أن يكون هناك وحدة فلسطينية لإدارة المشهد في قطاع غزة مع تأكيد فلسطيني بأن الفصائل الفلسطينية بمافيها حماس سوف تندرج تحت كيان منظمة التحرير الفلسطينية وتأكيد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي بأن حماس لن تكون موجودة في الحكومة لأن وجود حماس سوف يتم مقاطعة الحكومة دوليا وحماس تدرك هذا الأمر وأن فلسطين بحاجة إلى حكومة تكنوقراط أكثر من أي وقت مضى ورغم المسعى الروسي وعدم لقاء بوتين مع الفصائل الفلسطينية بسبب انشغال جدول أعمال الرئيس الروسي هناك اخبار نشرتها صحيفة الشرق الأوسط حول محاولات إسرائيل لإبعاد حماس من المشهد في قطاع غزة والاتفاق مع عشائر عربية مسلحة في غزة ورغم عدم موافقة العشائر إلا أن هناك بعض العشائر قد تبدي موافقتها وهذا مشهد جديد وسيناريو تسعى به إسرائيل لتعميق الانقسام الفلسطيني بعد التحركات الروسية ودعوة الفصائل الفلسطينية للوحدة وهذا أكبر دليل على أن إسرائيل لاتريد أن تفلت غزة منها حتى بعد الحرب وهذا قد ينذر بإطالة أمد الصراع في غزة ولذلك المشهد الفلسطيني بحاجة إلى حلحلة حقيقية والعمل على إعلان الدولة الفلسطينية وهذا ما تسعى إليه مصر ودول عربية والضغط على الولايات المتحدة ودول عربية للاعتراف بإعلان الدولة الفلسطينية وهذا أعلنته الولايات المتحدة وايضا بريطانيا وايضا دول غربية أخرى مثل اسبانيا.
تعنت نتانياهو يحرج كثيراً إدارة الرئيس الأمريكي بايدن الذي يعمل ايضا على تغيير المشهد السياسي في إسرائيل مع العجرفة لحكومة الإحتلال الإسرائيلي والتصريحات المستفزة التي تخرج على لسان بن غفير وسموتريتش والمتطرفين الصهاينة حول إعلانهم الصريح بضرورة إبادة سكان غزة واستخدام السلاح النووي ضد أهل غزة للقضاء عليهم وهذا يغضب الرئاسة الفلسطينية والخارجية الفلسطينية من هذه التصريحات الإرهابية والعنصرية في ظل صمت دولي واعتبار سكان غزة كما قال وزير الخارجية الفلسطيني أقل من أي إنسان في أي مكان في العالم لكنه أكد على ضرورة تجاهل تصريحات هؤلاء لأن الكيان الصهيوني وضعه غير قانوني وهو كيان احتلال وأنه لم يعد يلتفت لتصريحاتهم ويتجاهلهم.
مصر وقطر يبذلون جهوداً من أجل التوصل إلى اتفاق هدنة قوي يضمن هدنة حقيقية وادخال مساعدات إنسانية كبيرة إلى قطاع غزة خلال الهدنة رغم أن مصر ضربت أروع الأمثلة في إدخال اكبر مساعدات إنسانية في التاريخ ومازالت مصر تعمل مع الإمارات والأردن والبحرين وفرنسا وعدد من الدول لإنزال مساعدات إنسانية بالمظلات على سكان القطاع خاصة في المناطق التي تعاني مع الحصار الإسرائيلي رغم ارتفاع التكلفة لكن مصر تريد مساعدة أهالي القطاع والتخفيف من معاناتهم وهناك ضغط مصري لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة برا وبحراً وجوا وهذه هي مصر لا تتأخر على أشقائها ابدا .
وختاماً حل القضية الفلسطينية لن ينجح بدون نية أمريكية حقيقية بالضغط على نتانياهو وحكومته وايضا الضغط على الشارع الإسرائيلي بإبعاد نتانياهو والمتطرفين من المشهد وانسحاب الإسرائيليين من قطاع غزة والعمل على حل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية مع جهود عربية للعمل على إنهاء الإحتلال والضغط على الغرب بضرورة الإعتراف بالدولة الفلسطينية لأن ذلك سوف يعود إيجاباً على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والسلام العالمي وبايدن مطالب من أي وقت مضى بإنهاء الحرب في أسرع وقت وإلا أنه سوف يواصل خسارته في الشارع الأمريكي قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة هذا العام .

رئيس مركز شئون دولية باللغة العربية للدراسات السياسية و الإعلامية

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!