خاص/ فريق الجيوستراتيجي للدراسات
من المؤكد إن إنخفاض بيع النفط بسبب تدمير البنية التحتية سوف تتسبب بتدمير الدورة الإقتصادية في منطقة الإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا، وهذا يعني بالضرورة إن المنطقة مقبلة على مزيداً من الظروف الإقتصادية السيئة ومزيداً من الهجرة.
خلال الشهور الماضية لم تتوقف الهجمات التركية الجوية على منطقة الإدارة الذاتية، وتسببت ذلك بتدمير مرافق إقتصادية كبيرة كانت تعول عليها الإدارة في تطوير إقتصادها، لا سيما القطاع النفطي والغاز اللذان يشكلان الثقل الإستراتيجية في إقتصاد الإدارة ويساهمان بشكل مباشر في التنمية الإقتصادية وضمان المعيشة الجيدة مقارنة مع مناطق سيطرة النظام السوري والجيوب التي تسيطر عليها الدولة التركية التي بدوها تقود مجموعات عسكرية وسياسية للمعارضة السورية.
العناصر الثلاثة للإقتصاد في إقليم الإدارة الذاتية
تعتمد الإدارة الذاتية في إدارة الشؤون الإقتصادية على ثلاث مصادر أساسية، وأعظمها النفط والتي تباع منها في السوق الداخلية وكذلك للمناطق الأخرى (النظام والاحتلال التركي) ما يقارب مائة ألف برميل يومياً، إلى جانب الغاز والزراعة حيث تستحوذ الإدارة الذاتية على المنطقة المتعارف عليها سابقاً (سلة الغذاء السوري).
والعوامل الثلاثة ساهمت بشكل حقيقي في تحييد منطقة الإدارة الذاتية عن الكارثة الإقتصادية التي تعانيها مناطق النظام والمعارضة التابعة لتركيا. إلا أن الهجمات الاحتلال التركي من خلال الطائرات المسيرة عمليات جوية منظمة، تسببت في تدمير البنية التحتية وأخرجت الكثير من المرافق والإستثمارات خارج سباق التطور، إلى جانب إستخدام عصا التهديد والوعيد ودفع أهالي المناطق الحدودية إلى الهجرة وتفريغ المنطقة.
لماذا المنطقة الكردية حصراً؟
تقع معظم المدن والأرياف الكردية في سوريا على الحدود مع تركيا وبعمق يتراوح بين ٥٠ - ١٠٠ كلم، وبإعتبار هذه المنطقة لا سيما ضمن ٤٠ كلم تحت نيران الحرب التركية الجوية من خلال الطائرات المسيرة فإن تدمير البنية التحتية إلى جانب دفع المدنيين لتفريغ المنطقة، باتت إستراتيجية تركية واضحة للقضاء على المكون الكردي في شمال سوريا.
وينفذ الإحتلال التركي سياسة تفريغ المنطقة الكردية منذ ٢٠١٨ بعد إحتلال مقاطعة عفرين وصولاً إلى إحتلال منطقتي رأس العين / سري كانيه، وتل أبيض/ كري سبي، خلال ٢٠١٩، وأعلنت عن التحضير لعدة عمليات أخرى جبهت برفض أمريكي - روسي، فيما سمحت لها بإجراء عمليات القصف الجوي بالطائرات المسيرة، كجزء من إرضاء الأتراك مقابل وقف عمليات برية في الوقت الحالي.
إستراتيجية ضرب منطقة الإدارة الذاتية من الداخل
التحركات التركية
١- يركز على القصف الجوي المستمر، وبث الخوف على طول المنطقة الحدودية من خلال الهجمات الهمجية، لدفع المدنيين الكرد إلى ترك قراهم ومدنهم لحين تحويل المنطقة إلى ساحة حرب مفتوحة، بغية إبعاد التطور الكردي في سوريا عن الحدود مع المدن والأرياف الكردية في تركيا.
٢- التنسيق المباشر مع النظام السوري في القضايا الأمنية، بحيث يقدم النظام السوري معلومات مهمة للطرف التركي عن قوات سوريا الديمقراطية ومواقع الشخصيات البارزة .. الخ. مقابل إعطاء الطرف التركي كل ما يطلبه النظام السوري حول المجموعات المسلحة للمعارضة السورية في مناطق الإحتلال إلى جانب تشغيل النظام السوري لقادة المجموعات المرتزقة للجيش الوطني.
وظيفة النظام السوري وأدواته
١- تحريك النعرات القبلية لدى العشائر العربية ودفعها نحو الصدام مع قوات سوريا الديمقراطية من بوابة الدعم الإيراني وتدريب عناصر من القبائل وتسليحها وإطلاق يدها في دير الزور، كما يحصل حالياً مع جماعة إبراهيم الهفل الذي يتلقى الدعم والتدريب والتسليح من النظام السوري والميليشيات الإيرانية في دير الزور.
٢- التعاون الإستخباراتي مع النظام التركي من خلال تزويده بمعلومات عن شخصيات وأماكن حساسة وقواعد عسكرية ومرافق إقتصادية.
٣- تنمية العناصر البعثية والخلايا النائمة في منطقة الإدارة الذاتية سواءً داخل مؤسسات الإدارة أو تجهيزها لنقطة الصفر.
النتائج الكارثية
ما يحصل على الأرض حالياً هو الجزء الرئيسي من إتفاقيات أسيتانا بين الأنظمة الثلاثة ( السوري - التركي - الإيراني ) وبرعاية روسية، ومن المؤكد شكلت هذه الأنظمة غرفة عمليات عسكرية وأمنية مشتركة لإدارة الحرب ضد قوات سوريا الديمقراطية وحليفتها الولايات المتحدة الأمريكية، لأن البقاء الأمريكي ومعها قوات التحالف في سوريا تشكل هاجساً حقيقياً لهذه الأنظمة، وبالتالي يتشارك معهم الروس في ذلك. والمحصلة تفريق المنطقة الكردية من السكان، تدمير الإقتصاد في منطقة الإدارة الذاتية، خلق فتنة بين القبائل العربية وقوات سوريا الديمقراطية، تشكيل خلاية في منطقة الإدارة الذاتية لقيادة عمليات الإغتيالات ونقل المعلومات لغرفة عمليات أسيتانا الأمنية والعسكرية.