تحليل: أ. بوزان كرعو
كنتاج طبيعي لما أفضت إليه الظروف السورية في ظل إستمرار النظام بعقلية الحكم الشمولي، أنحازت المناطق الإدارة الذاتية نحو بناء نظام إداري جديد مبني على ألا مركزية وحكم الشعب. وبذلك تميزت طبيعتها الإدارية عن مشهد النظام والمناطق التي تحتلها تركيا.
إلى ذلك، أعلنت الإدارة الذاتية عن إجراء هذه الانتخابات في المناطق التي تسيطر عليها، وذلك لتشكيل مجالس بلدية جديدة وإعادة هيكلة الإدارة المحلية بما يتماشى مع نظام الحكم الذاتي الذي تبنته. ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات في 11 يونيو 2024، بعد أن تم تأجيل الموعد الأولي المحدد في 30 مايو 2024، لضمان الاستعداد الكامل للعملية الانتخابية وتحقيق الشفافية والديمقراطية.
الانتخابات تهدف إلى اختيار رؤساء وأعضاء المجالس البلدية في 121 بلدية موزعة على سبع مقاطعات، بمشاركة حوالي ثلاثة ملايين ناخب من أصل ستة ملايين نسمة في المنطقة. حيث تنظيم الانتخابات وفق قانون جديد للبلديات ، يتضمن تحديد مهام البلديات وصلاحياتها ، والتي تشمل قضايا خدمية وقانونية مثل إنارة الطرقات والإشراف على عقود الإيجار وتحصيل الضرائب وتنظيم عقود الزواج. تُدار البلديات بنظام الرئاسة المشتركة، حيث يشغل كل منصب رئيسان (رجل وامرأة) لضمان المشاركة المتساوية.
الانتخابات البلدية التي تنظمها الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا قوبلت برفض من عدة جهات داخلية وخارجية. يمكن تحليل موقف هذه الأطراف وأسباب معارضتها كما يلي:
داخليًا :
اولا . **المجلس الوطني الكردي (ENKS)**:
المجلس الوطني الكردي يعارض الانتخابات لأنه يعتبر أن الإدارة الذاتية التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) لا تمثل كافة الأطراف الكردية. يعتقد المجلس أن الانتخابات لن تكون حرة ونزيهة، وأنها قد تُستخدم لترسيخ سيطرة حزب واحد على حساب التعددية السياسية وحقوق الأحزاب الأخرى.
ثانيا **المعارضة السورية**:
المعارضة السورية، بما في ذلك الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، تعارض الانتخابات لأنها ترى أن الإدارة الذاتية تسعى لتقسيم البلاد وتعزيز الانفصال. تعتقد المعارضة أن الانتخابات تأتي ضمن إطار خطوات غير شرعية لتعزيز السيطرة المحلية بعيدا عن سلطة الدولة المركزية، مما يزيد من تعقيد الصراع السوري ويعوق جهود الحل السياسي الشامل.
ثالثا **النظام السوري**:
النظام السوري يرفض الانتخابات لأنه يعتبر الإدارة الذاتية كيانًا غير شرعي يهدد وحدة وسيادة سوريا.
النظام يعتبر أن أي انتخابات تتم خارج سيطرة الحكومة المركزية هي محاولة لتفتيت الدولة وتقويض سلطتها. من منظور النظام، هذه الانتخابات هي جزء من مشروع تقسيم البلاد وتكريس الفدرالية المفروضة بالقوة العسكرية
خارجيًا :
المعارض الوحيد خارجيا لهذه الانتخابات هي تركيا التي تحتل عدة مناطق من جغرافية سوريا ، و تأتي رفضها الانتخابات لأنها ترى في الإدارة الذاتية تهديدًا لأمنها القومي، حيث تخشى تركيا أن تقود الانتخابات إلى تعزيز الحكم الذاتي الكردي على حدودها ، مما قد يشجع الكرد داخل تركيا على المطالبة بحقوق مماثلة. بالتالي، تُعتبر الانتخابات تهديدًا مباشرًا لوحدة أراضي تركيا وأمنها الداخلي .
المشتركات بين الأطراف المعارضة للانتخابات البلدية في شمال شرق سوريا يمكن تلخيصها كما يلي:
اولا : **الشرعية والتمثيل السياسي**
جميع الأطراف المعارضة تشكك في شرعية الانتخابات وتعتبرها غير ممثلة لكافة مكونات الشعب السوري أو المجتمع المحلي. يرون أن الإدارة الذاتية ، التي تسيطر على المنطقة ، تفرض هيمنتها بطريقة لا تعكس التعددية السياسية الحقيقية :
- **المجلس الوطني الكردي** يتماشى موقفها مع موقف الائتلاف الوطني السوري المدعوم تركيا ، يتحجج أن الانتخابات تُعزز سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) على حساب القوى السياسية الأخرى رغم انه وجهت لهم دعوة رسمية للمشاركة في هذه الانتخابات و لكن هذا المجلس يعرف سلفا ان لن يحصل على الاصولت بعد شراكته مع الفصائل المرتزقةالتابعة للاحتلال التركي بالاضافة الى ان شركائه في المعارضة لن يسمح له بذلك فاقتصر الطرق و ابدى معارضته للانتخابات
- **المعارضة السورية** تعتبر أن الانتخابات تُعزز من حكم الإدارة الذاتية ككيان منفصل عن الدولة السورية الشرعية رغم تطمينات مسد ان مشروعهم هو ضمن اطار سوريا الموحدة .
- **النظام السوري** يرى في هذه الانتخابات خطوة لتعزيز كيان غير شرعي يهدد وحدة الدولة.
ثانيا : **تهديد وحدة وسلامة الأراضي السورية**
تتفق الأطراف المعارضة على أن الانتخابات تهدد وحدة الأراضي السورية وسلامتها:
- **المعارضة السورية ( ضمناً المجلس الوطني الكردي ) والنظام السوري** يعتبران أن الانتخابات تُعزز من التوجهات الانفصالية في حال ثبت الادارة الكردية اقدامها على الارض رغم ان مشروع الادارة الذاتية لا يلمح الى ذلك
- **تركيا** تخشى أن تُسهم الانتخابات في إقامة كيان كردي مستقل على حدودها، مما يهدد أمنها القومي وسلامة
واخيرا فان معارضة هذه الأطراف تستند إلى مخاوف تتعلق بالخوف من شرعنة مؤسسات الادارة الذاتية ، التمثيل السياسي ، والوحدة الوطنية.
- الناطق الإعلامي لشبكة الجيوستراتيجي للدراسات