الصراع السوري ونتائج التطورات على الأرض والتوقعات القادمة ( + الخرائط )

komari
0
تسارع الأحداث في الشرق الأوسط توحي بتطورات دراماتيكية، وتؤثر على المشهد السوري من ناحية التحركات العسكرية والتموضعات الجديدة، ومن خلال هذا الإستشراف للأحداث ننقل إلى القراء تصوراتنا وتوقعاتنا من خلال التحليل الإستراتيجي للتطورات في سوريا.
( 1 )
ثلاثية المصالح والإتفاقيات المتوقعة:
حجم الموانع أمام النظام السوري في التقدم بإتجاه مواجهات عسكرية مع قوات سوريا الديمقراطية كبير جداً، ونعتقد إنه غير وارد في الوقت الحالي، بحكم التواجد الأمريكي - الأوروبي الذي يمنع ذلك كلياً ويدع أمام النظام مسار الحوار وفق منهجية أممية من البوابة الأمريكية، لطالما الحضور الإيراني في سوريا جزء من قوة النظام الحربية فإن التحالف الدولي يوفر إستمرارية حضور شرق سوريا وتقلص إتساع المصالح الإيرانية داخل سوريا.  
وفي ذات السياق لا تستطيع روسيا إجراء عمليات عسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطية لأن مناطق هذه القوات جزء من الحضور الأمريكي - الأوروبي، كما إنه ليس من مصلحة روسيا القيام بذلك لطالما لديها علاقات مع قوات سوريا الديمقراطية التي تبسط سيطرتها على المناطق الإقتصادية السورية، في ظل إمكانية تفاهمات أكبر خلال المرحلة القادمة. 
فيما تطرح تركيا في أية إتفاقيات مع النظام السوري فكرة توحيد جميع القوى "الحضور التركي العسكري في سوريا والمجاميع المسلحة للمعارضة وقوات النظام السوري والمجموعات الرديفة لها من إيران والعراق ولبنان" لمحاربة قوات سوريا الديمقراطية. ويظهر لنا هذا التوجه عدم قدرتها قيادة عملية عسكرية جديدة ضد قوات سوريا الديمقراطية، وإن توجهها للتطبيع مع النظام السوري إنما الغرض منه ممارسة الضغوطات على التحالف الدولي، إلى جانب إضفاء شرعية لتحركاتها ضد كرد سوريا، بناء على التفاهمات مع النظام السوري. 
هذه المعضلة لا يمكن حلها إلا من خلال الإستراتيجية التالي: ذهاب النظام السوري للإتفاق مع الأتراك برعاية روسية أمر محسوم تماماً، مقابل عدم الصدام مع قوات سوريا الديمقراطية، وإجراء حوار معها بغرض الإتفاق لنشر قوات النظام على الحدود، وبذلك تنتهي جزئياً المخاوف التركية الحدودية "كما تدعي"، والضامن هنا الجانب الروسي، في ظل عدم الرفض الأمريكي لإجراء أي حوار وإتفاق بين الإدارة الذاتية والنظام السوري.
( 2 )
الإستراتيجية الروسية القادمة
روسيا سوف تزيد تواجدها في مناطق الإدارة الذاتية "الحدودية مع تركيا" وتبدأ ببناء نقاط تحت يافطة " المصالحة الوطنية " التي سوف تتمركز في: ( كوباني - عين العيسى - تل تمر - درباسية - منبج - مناطق الشهباء )، وهي إستراتيجية جديدة تتامشى مع الإتفاقيات القادمة بين النظامين "السوري - التركي" للتعامل مع قوات سوريا الديمقراطية، وبهدف إبعادها عن النقاط التماس مع الحدود التركية، وبما إن النظام السوري لا يستطيع نشر قواته بمفرده على طول الحدود، فإن فكرة الحضور الروسي في هذا المضمار قد يسهل عملية هذا الإنتشار مستقبلاً، إلى جانب تقديم الروس وجودهم كبديل عن الحضور الأمريكي في حال تم إنسحاب القوات الأمريكية أو حدوث أي تطور آخر طارئ تتعرض لها منطقة الإدارة الذاتية. بإعتبار هناك تفاهم أساساً بين روسيا وقوات سوريا الديمقراطية في المناطق الغربية لإقليم الإدارة الذاتية، فإن الطرف الروسي يحاول تقديم الضمانات من خلال هذا التحرك بغية تمرير الإتفاقيات بين الأسد وأردوغان.
ووفق المشهد إن للروس إستراتيجية جديدة للتعامل مع التطورات السورية من بوابة إقليم الإدارة الذاتية، ودفع النظام السوري بالإنفتاح على الإعتراف بالوضع الكردي ثقافياً "على الأقل"، وإذا ما أتخذت الولايات المتحدة خيار الإنسحاب فإن دمج القوتين " قوات النظام - وسوريا الديمقراطية " ممكن في ظل ما سينجم عن الإنسحاب الأمريكي.
هذه الخطوات قد تكون بطيئة بسبب الثقة الغير مكتملة بين الروس وقوات سوريا الديمقراطية، ويستحضر الإدارة الذاتية التي يقودها الكرد الأسباب التي أدت إلى إحتلال عفرين من قبل الجيش التركي والمجموعات المعارضة المسلحة، وذلك بعد الإتفاقيات التي أبرمت بين الروس والأتراك. كما إن الطرف الروسي يدرك تماماً إن قوات سوريا الديمقراطية لن تذهب معها إلى أية تفاهمات دون بناء الثقة بين الطرفين، وهو ما سوف يحاول الروس تكريسه خلال الفترات القادمة من خلال القيام بإجراء الحوارات بين الكرد والنظام السوري. 
هذه المعادلة قد تطرأ عليها التغييرات إذا ما أتخذت الولايات المتحدة وحلفائها آلية البقاء والإستمرار في سوريا، وفرض الإدارة الذاتية المتمثلة بقوات سوريا الديمقراطية على دمشق وأية حوارات قادمة.

( 3 )
زيادة في الحضور الأمريكي
أسباب عديدة قد تدفع بوزارة الدفاع الأمريكية في زيادة أعداد قواتها داخل إقليم الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، إلى جانب توسيع دائرة القواعد العسكرية وتزويدها هذه بالأسلحة الثقيلة، لغايات تتعلق بحماية الجنود والقواعد الأمريكية والتحالف الدولي في سوريا من أية هجمات إنفعالية لميليشيا إيرانية تتواجد في مواقع قريبة منها " دير الزور - العراق "، إلى جانب التهديدات المحتملة من قبل إيران وأذرعتها في العراق وسوريا لشن هجمات على إسرائيل. وبالتالي، الحاجة إلى زيادة في الحضور والأعمال العسكرية أصبحت ضرورة للقوات الأمريكية وعموم التحالف الدولي.
( 4 )
مسار التفاهمات بين النظامين التركي - السوري
نظرة النظام السوري حول المشهد التركي الداخلي دقيقة، لدرجة إن بشار الاسد يدرك تماماً أهداف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وراء المحاولات الحثيثة لعقد صفقة معه. لأن ذلك ينقذ النظام التركي داخلياً بعد فقدان حزب العدالة والتنمية للغالبية الشعبية، وصعود المعارضة إلى مستويات ممارسة الضغوطات على سياسات أردوغان الداخلية والخارجية، وقد تطيح به خلال الفترة القادمة. فيما المعارضة التركية هي الأقرب للنظام السوري بحكم الروابط المذهبية إلى جانب مواقف المعارضة المؤيدة للنظام السوري منذ بداية الأحداث في سوريا. لذا يحاول النظام السوري كسب مزيد من الوقت لإضعاف أردوغان داخلياً، وفرض نقاط جديدة لغاية جاهزية النظام التركي في تقديم التنازلات لصالح الاسد.
ولحاجة أردوغان إلى هذه الإتفاقية، نتوقع خلال الفترة القادمة تفاهمات بين النظامين على المستوى القيادة، والتحضير لمؤتمر رئاسي كمحصلة لتطبيق الإتفاقيات على الأرض. ولسوف يكون النظام السوري هو الرابح الأكبر من هذه التقاربات.
( 5 )
عودة الداعش
من الواضح هناك تحركات جديدة لمنظمة الداعش في البادية السورية، حيث تتخذ هذه المنظمة الإرهابية البادية الشامية مقرات لتنفيذ هجماتها على قوات سوريا الديمقراطية وقوات النظام السوري. فيما تدار وكر الدواعش بريف دير الزور الجنوبي من قبل الميليشيات الإيرانية التي عقدت صفقات وفق ما تتحدث عنها بعض التقارير بين مجموعات منشقة من القبائل العربية في منطقة الإدارة الذاتية بقيادة المدعو إبراهيم الهفل المدعوم من لواء الباقر المدار من قبل الميليشيات الإيرانية في دير الزور ومتزعمها نواف البشير، حيث عقدت بدورهما إتفاقيات مع خلايا الداعش بدير الزور وبرعاية الحرس الثوري الإيراني والمخابرات السورية لغاية تنفيذ هجمات على قوات سوريا الديمقراطية. 
ونتوقع تبادل الأدوار بين المجموعات المجموعات العشائرية السورية التابعة للميليشيات الإيرانية وعناصر الداعش في تنفيذ العمليات ضد قوات سوريا الديمقراطية، ولسوف نشاهد رفع مستوى العمليات ضد إقليم الإدارة الذاتية تنفذها المجموعتين " الداعش - المجموعات العشائرية السورية " بدعم إيراني والمخابرات السورية ضد قوات سوريا الديمقراطية. وفق إستراتيجية تقديم الداعش لتنفيذ العمليات ومن ثم لتخفيف الضغوطات على الميليشيات الإيرانية والنظام يتم تقديم المجموعات العشائرية، فيما أحتمالية تهدأة الأوضاع لصالح تكريس الخلاية النائمة في بعض الأوقات، بحيث سيعتمد النظام السوري من خلال تلك المجموعات العشائرية المنشقة إلى تمكين الخلاية النائمة في إقليم الإدارة الذاتية خلال الفترة القادمة، والمناطق المتوقعة لبناء هذه الخلاية: 
" ريف الرقة الشرقي والغربي وصولاً مع النهر الفرات إلى باغوز شرقاً، ومناطق شمال دير الزور حتى جنوب الحسكة " العريش ومركدة والهول والصور ، الشدادي وريفها،".

- فريق الجيوستراتيجي للدراسات/ قسم "إستشراف الأحداث المستقبلية"

15 آب/ أغسطس 2024

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!