إعداد: شانا قاسم
التصوير: هوزان باشو
خاص/ شبكة الجيوستراتيجي للدراسات
يعد **مهرجان كوباني السينمائي الدولي** حدثًا فنيًا بارزًا يسعى إلى تعزيز الفنون السينمائية في المجتمع الكردي وربط السينما الكردية بالعالم. وفي دورته الخامسة، التي أقيمت في **ألمانيا**، واصل المهرجان تعزيز مكانته كمنصة فريدة لصانعي الأفلام الكرد والعالميين. على الرغم من التحديات الكبيرة، بما في ذلك قلة الإمكانيات، استطاع المهرجان أن يحقق إنجازات كبيرة دفعت السينما الكردية نحو الساحة العالمية، مع تسليط الضوء على قضايا إنسانية وثقافية من منظور كردي. كما شهد المهرجان مشاركة فاعلة من **الفنانين السوريين المحسوبين على المعارضة**، مما أضاف بُعدًا سياسيًا وثقافيًا مهمًا.
خلفية المهرجان:
الدورة الأولى / 2020 /: تم إطلاق الدورة الأولى اونلاين 2020 كبداية للمشروع وحققت نجاحاً مميزاً وبمشاركة عدد من الأفلام.
الدورة الثانية/2021/: أقيمت فعاليات الدورة الثانية لمهرجان كوباني السينمائي الدولي يوم 29 أغسطس 2021 في ولاية شمال الراين بألمانيا, ضمن حفل فني حضره نخبة من المخرجيين وصانعي الأفلام والفنانين والمثقفين حيث تم توزيع الجوائز على الفائزين وتم تكريم نخبة والاحتفاء بنخبة من الفنانيين والمخرجي .
الدورة الثالث 2022: كانت أول دورة تسمى باسم المخرج و صانع الافلام الكبير “يلماز غونيه” حيث تم عرض الأفلام المرشحة, ومناقشتها من قبل مخرجين ونقاد سينمائيين وفي الختام تم توزيع الجوائز في أجواء احتفالية رائعة.
الدورة الرابعة 2023: بعد إسدال الستار على الدورة الرابعة من مهرجان كوباني السينمائي الدولي، حيث تميَّزت عن سابقاتها تنظيماً وحضوراً، وجودةً في الأعمال المشاركة؛ حقق المهرجان نتائج مهمة من خلال تسليط الضوء على تلك التجارب والأعمال.
الدورة الخامسة /2024/: شهدت هذه الدورة تطورًا ملحوظًا على كافة الأصعدة، حيث حضور عدد كبير من الفنانين والمهتمين من مختلف أنحاء المنطقة والعالم. تطورت فعاليات المهرجان بشكل لافت من حيث تنوع الفعاليات الثقافية والفنية، بما في ذلك العروض المسرحية والموسيقية والورش الفنية، بالإضافة إلى العروض السينمائية والمعارض التشكيلية.
كان هذا التجمع الفني والثقافي فرصة لتعزيز التفاعل بين الفنانين والجمهور، حيث تم تقديم أعمال فنية تعكس قضايا المجتمع وتاريخه، بالإضافة إلى تبادل الخبرات بين الفنانين المحليين والعالميين. المهرجان ساهم أيضًا في تعزيز الهوية الثقافية لكوباني كمدينة لها تاريخ غني ومكانة خاصة في المشهد الفني الكردي والدولي.
اللجنة المنفذة
النجاح الكبير الذي حققته اللجنة المنفذة لمهرجان كوباني في دورته الخامسة يعكس مدى التفاني والتنظيم العالي الذي عملت به اللجنة. تمكنت اللجنة من تقديم تجربة مميزة وشاملة جمعت بين الفنون المتنوعة، مثل الموسيقى، السينما، المسرح والفن التشكيلي، وهو ما ساهم في جذب جمهور واسع من مختلف الخلفيات الثقافية.
إضافة إلى ذلك، كان للتخطيط الجيد والدقة في تنفيذ البرنامج دور رئيسي في تسيير فعاليات المهرجان بسلاسة وبدون عقبات تذكر. كما أثنى العديد من الحضور والمشاركين على الاحترافية العالية التي أظهرتها اللجنة، بدءًا من استضافة الفنانين وتنظيم الفعاليات وصولاً إلى التغطية الإعلامية. هذا النجاح لم يكن ليحدث لولا الجهود المتواصلة والتنسيق المحكم بين مختلف الجهات المشاركة في تنظيم المهرجان، ما جعل الدورة الخامسة نقطة مضيئة في تاريخ مهرجان كوباني.
أعضاء لجنة التحكيم " الدورة الخامسة"
جوزيف ستيفن: ممثل تعبيري على الساحة السينمائية الهوليودية، أدى أدواراً تعبيرية متقنة في السينما الأمريكية.
أدالت ر. كرمياني: خبير في الشراكات الثقافية الاستراتيجية، المدير المؤسس ل ArtRole، فنان ومخرج سينمائي، كاتب ومشرف وخبير استشاري في دور الفن والثقافة في مناطق الصراع وما بعد الصراع
إدي سانشيز: جندي البحرية السابق وأشتهر كمنتج ومؤلف متعدد المواهب، مما أحدث ضجة في كلا المجالين الأدبي والسينمائي، من خلال الإنجازات البارزة بما في ذلك المشاركة في إنتاج الفيلم الروائي “In Fidelity”.
جانو روجبياني: مخرج أفلام كردي من بلدة زمار في كردستان العراق، فاز بالعديد من الجوائز الدولية ومدرج ضمن أفضل 35 مخرجا عالميا في كتاب "Cineaste Uit De Schaduw" (صانعو الأفلام من الظل) للمصور البلجيكي الشهير كريس دي وايت.
الدورة الخامسة مهداة إلى المخرج الكردي " طه كريمي "
وهو مؤلف وكاتب سينمائي كردي، ولد عام 1978 في مدينة باني شرق كردستان/ إيران. له العديد من الأفلام الوثائقية مثل (حدود زين، الإعصار، رقص اللآلىء، السفوح البيضاء)، إضافة إلى كتابة سيناريو فيلم (سفوح قنديل) وإخراجه لفيلم (أنا مرتزق أبيض). توفي في 1 يونيو 2013 في حادث سير في السليمانية، نُقل جثمانه إلى إيران.
وله أفلام عدة وثائقيّة توثق مظالم الكُرد، وآخرها فيلم "ألف تفاح وتفاح"، الذي حاز على جائزة في مهرجان "جينوسايد" الوئائقي في مدينة السليمانية قبل فاته بشهر.
كما شارك طه كريمي خلال عام 2012، في "مهرجان دبي السينمائي الدولي"، و"مهرجان الخليج السينمائي"، و"مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسحيلية والقصيرة"، بفيلمه الوثائقي الطويل "أنا مرتزق أبيض"، وحاز على جوائز.
الإفتتاحية
بدأ المهرجان بعرض فلم "يك مومك دو مومك" للمخرج الكردي الهوليودي جانو روجبياني، وهو فلم طويل يمثل إضافة مهمة للسينما الكردية، حيث يتناول مظاهر العنف ضد المرأة، وطبيعة الظلم الإجتماعي داخل المجتمع الكردي عبر أسلوب كوميديا السوداء.
فيما جاءت مشاركة المغني الكردي الشهير خيرو عباس عبر آدائه لعدد من أغانيه المميزة، ليعطي لمسة فنية للمهرجان وكبداية لإنطلاقة النسخة الخامسة.
حضور الفعاليات المجتمعية
تميزت هذه الدورة بحضور كثيف لممثلي المجتمع المدني والناشطين في عدة مجالات، إلى جانب الفنانين الكرد المعروفين على الساحة الأوروبية، وعدد من الصحفيين والوسائل الإعلامية الكردية والعربية.
حضور الفنانين السوريين المحسوبين على المعارضة
شهدت الدورة الخامسة حضورًا لافتًا لعدد من الفنانين السوريين المحسوبين على المعارضة، واللذين عبروا عن تضامنهم مع الشعب الكردي وقضاياه. هؤلاء الفنانون استغلوا المهرجان كمنصة للتعبير عن قضايا الحرية والعدالة، وتقديم رؤى فنية تعكس معاناتهم من الصراع السوري. حضور هؤلاء الفنانين أضفى على المهرجان بُعدًا سياسيًا إضافيًا، حيث أن العديد من الأفلام المعروضة ركزت على مواضيع الصراع، اللجوء، والنضال من أجل الحرية، سواء في السياق السوري أو الكردي.
فيما ركزت مداخلاتهم على مساهمة المهرجان في مد جسور المحبة والسلام والتقارب بين الشعوب السورية، إلى جانب تعزيز التعاون الفني بين الكرد وباقي السوريين: حضور الفنانين السوريين المحسوبين على المعارضة يعكس روح التضامن والتعاون بين الشعبين الكردي والعربي في ظل الظروف الصعبة.
التحديات والقيود:
على الرغم من النجاح الذي حققه المهرجان، يواجه تحديات كبيرة، أبرزها:
- **قلة الموارد المالية**: ما يحد من الإمكانيات التقنية والإنتاجية للسينمائيين المشاركين.
- **الوضع السياسي المعقد**: خاصة في مناطق الكرد، والذي يحد من قدرة الفنانين على الوصول إلى المهرجانات الدولية.
- **التنظيم في الخارج**: إقامة المهرجان في ألمانيا كان نتيجة للظروف الصعبة في المنطقة، لكن هذا يفرض تحديات لوجستية إضافية.
الإنجازات:
رغم التحديات، حقق المهرجان عدة إنجازات ملحوظة:
1. **إبراز السينما الكردية عالميًا**: المهرجان وفر منصة للفنانين الكرد لعرض أعمالهم أمام جمهور دولي.
2. **توسيع الشراكات الدولية**: المهرجان، بموقعه في ألمانيا، تمكن من جذب اهتمام أوسع من قبل وسائل الإعلام والجمهور، مما ساهم في رفع مستوى السينما الكردية.
#### تأثير المهرجان على السينما الكردية:
لعب مهرجان كوباني السينمائي الدولي دورًا كبيرًا في تطوير السينما الكردية على عدة مستويات:
- **بناء هوية سينمائية متميزة**: الأفلام الكردية تعكس تجارب الشعب الكردي وتحدياته، وتعزز من هويته الفنية.
- **تعزيز التعاون مع الفنانين السوريين**: التعاون بين السينمائيين الكرد والسوريين خلق فضاء فني مشترك، يعبر عن قضايا مشتركة تتعلق بالحرية والعدالة.
- **إلهام الأجيال الجديدة**: المهرجان يمثل مصدر إلهام للسينمائيين الشباب من الكُرد والسوريين على حد سواء، مؤكدًا على أن الفن قادر على تجاوز الحدود السياسية.
بعض الأفلام المعروضة
الفائزين بجوائز "الدورة الخامسة":
• جائزة أفضل فيلم كوردي
لفيلم: Son
للمخرج Saman Hosseinpuor
• جائزة أفضل فيلم
للفيلم السوري Bitter Sweetness
إخراج Zaher Kusaibati
• جائزة أفضل فيلم وثائقي
للفيلم الكردي Afrat
للمخرج Mikael Rahmani
• جائزة أفضل فيلم أنيمشن
للفيلم الإسباني In Half
لصانعه Jorge Morais Valle
• جائزة أفضل إخراج
للمخرج Armin Keshvari
عن الفيلم الإيراني - Death Anniversary
• جائزة أفضل تمثيل
للممثلة الفرنسية Marie Alexandre
عن الفيلم الفرنسي DIOGÈNE
• جائزة أفضل سيناريو
للكاتب والمخرج Davood Rahmani
عن الفيلم الإيراني The Closet
• جائزة أفضل سينماتوغرافي
للفيلم الإيطالي Fiabexit
للسينماتوغرافر JAB
خاتمة:
يظل **مهرجان كوباني السينمائي الدولي** في دورته الخامسة إنجازًا كبيرًا في مسيرة السينما الكردية نحو العالمية، مع إبراز التحديات التي يواجهها الشعبان الكردي والسوري. إقامة المهرجان في ألمانيا ووجود فنانين سوريين من المعارضة أضاف بعدًا سياسيًا وثقافيًا عميقًا للمهرجان، مما ساعد في توسيع آفاق الحوار الفني. في ظل هذه الإنجازات، يبقى المهرجان منصة فنية هامة تسعى إلى تعزيز الهوية السينمائية الكردية وتوفير فضاء للتعاون والتبادل الثقافي بين مختلف المجتمعات.