تقدير موقف: فريق الجيوستراتيجي للدراسات
مقتل حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، سيُحدث تأثيراً عميقاً على المشهد السياسي والأمني في لبنان والمنطقة، نظراً للدور الذي يلعبه في قيادة حزب الله وتحالفاته الإقليمية مع إيران وسوريا. لتحليل السيناريوهات المتوقعة، يمكن تقسيمها إلى ثلاثة محاور رئيسية:
1. التصعيد الأمني والعسكري:
رد فعل: حزب الله ليس مجرد تنظيم سياسي بل هو ميليشيا عسكرية، وقادته يُعتبرون رموزاً لما تسمى بالمقاومة ضد إسرائيل وحلفائها. في حال مقتل نصر الله، من المتوقع أن يقوم الحزب بردود فعل عنيفة، سواء من خلال عمليات عسكرية داخل لبنان أو ضد إسرائيل. كما أن الحزب قد يستخدم هذا الحدث لتوحيد صفوفه وزيادة التأييد الشعبي له، ويصور نفسه كضحية لمحاولات خارجية تستهدف المقاومة.
تصعيد مع إسرائيل: نظراً للعلاقة العدائية بين حزب الله وإسرائيل، فإن احتمال نشوب حرب مع إسرائيل يصبح وارداً بشدة. أي عملية تستهدف نصر الله قد تُفسر على أنها محاولة إسرائيلية، ما قد يؤدي إلى تصعيد عسكري على الحدود اللبنانية الإسرائيلية وربما داخل الأراضي اللبنانية.
الصراع الداخلي اللبناني: قد يؤدي مقتل نصر الله إلى توترات داخلية بين الأحزاب والطوائف في لبنان. حزب الله يمتلك تأثيراً سياسياً وأمنياً كبيراً في لبنان، ويملك حلفاء أقوياء في الداخل مثل "حركة أمل" و"التيار الوطني الحر". غياب نصر الله يمكن أن يفتح المجال أمام صراعات على القيادة داخل الحزب، أو محاولات من قوى أخرى لسد الفراغ السياسي.
2. التدخلات الإقليمية والدولية:
الدور الإيراني: إيران هي الداعم الأساسي لميليشيا حزب الله، وسيكون من غير المرجح أن تقف مكتوفة الأيدي في حال مقتل نصر الله، طبعاً إذا لم تكن هناك مساومات مع القوى الغربية في ملفات تتعلق بالنووي والأزمة الإقتصادية الخانقة التي تعانيها إيران إلى جانب العقوبات الأممية، ونرجح عدم تصرع إيراني في الدخول بمواجهات مباشرة مع إسرائيل. وإحتمالية سعي إيران إلى دعم قيادات جديدة داخل الحزب أو حتى زيادة تدخلها في لبنان للحفاظ على مصالحها ممكن . هذا قد يترافق مع توترات إقليمية أوسع تشمل سوريا، العراق، وربما اليمن.
الدور الدولي: الولايات المتحدة ودول الخليج مثل السعودية تنظر إلى حزب الله كتنظيم إرهابي، وقد تعتبر مقتل نصر الله فرصة لتقويض نفوذ الحزب في لبنان. في المقابل، روسيا، التي لها مصالح في سوريا ولبنان، قد تلعب دوراً في محاولة التهدئة أو حتى إدارة الصراع بطريقة تحافظ على توازن القوى في المنطقة.
فراغ في الساحة الشيعية: حزب الله يمتلك دوراً رئيسياً في تمثيل الطائفة الشيعية في لبنان. مقتل نصر الله قد يخلق فراغاً في القيادة، ما قد يؤدي إلى صعود تيارات شيعية جديدة، سواء معتدلة أو متطرفة.
3. إمكانية السلام أو التسوية السياسية:
فرصة للحوار: على الرغم من السيناريوهات التصعيدية، فإن مقتل نصر الله قد يُنظر إليه من قبل البعض على أنه فرصة لفتح باب الحوار الداخلي في لبنان. بعض الأطراف اللبنانية، سواء كانت سياسية أو دينية، قد تدفع باتجاه تسوية سياسية شاملة تهدف إلى تهدئة الأوضاع وإعادة التوازن بين القوى السياسية.
إضعاف ميليشيا حزب الله سياسياً: قد يستغل البعض غياب نصر الله لإضعاف حزب الله سياسياً، خاصة أن الحزب يعتمد بشكل كبير على شخصية نصر الله الكاريزمية وتاريخه القيادي في المقاومة. في هذه الحالة، قد يتم فتح المجال لتسويات سياسية أو حتى فرض إصلاحات قد تكون مستحيلة في وجود نصر الله.
الدور السعودي والخليجي: دول الخليج، وخاصة السعودية، قد تدفع باتجاه السلام أو الحوار الداخلي إذا رأت أن حزب الله قد أصبح أضعف. مع ذلك، هذا يعتمد على مدى قدرة الفاعلين المحليين على إدارة الأمور وعدم الانجرار نحو صراع داخلي.
الخلاصة:
مقتل حسن نصر الله سيشكل نقطة تحول كبرى في المشهد السياسي اللبناني والإقليمي. السيناريوهات الأكثر احتمالاً تتراوح بين التصعيد العسكري والأمني، والتوترات الداخلية في لبنان، إلى التدخلات الإقليمية والدولية. وعلى الرغم من أن السلام قد يكون خياراً مطروحاً في مرحلة ما بعد نصر الله، إلا أن الطريق لتحقيقه سيكون محفوفاً بالعقبات والتوترات، خاصة في ظل تعقيد الأوضاع الإقليمية والمحلية.