الإنتخابات البرلمانية في إقليم كوردستان العراق " التحديات والعوامل الجيوسياسية "

Site management
0
دلدار باشوري/ عضو فريق التحليل في الجيوستراتيجي
تشهد انتخابات إقليم كوردستان العراق حالة من التوتر والمنافسة الشديدة بين الأحزاب الكوردية، خاصةً في ظل تبادل الاتهامات المتعلقة بالفساد وسوء الإدارة، وهو ما يعقد المشهد الانتخابي ويجعل من الصعب التنبؤ بنتائج قاطعة. رغم ذلك، يمكن تقديم تحليل استراتيجي يعتمد على عدة عوامل مؤثرة في الساحة السياسية الكوردية.

1. القوى الرئيسية على الساحة:

الحزب الديمقراطي الكوردستاني (KDP): بزعامة مسعود بارزاني، يظل الحزب الديمقراطي القوة السياسية الأكبر والأكثر نفوذًا، خصوصًا في محافظة أربيل ودهوك. للحزب قاعدة جماهيرية قوية وتحالفات معقدة في المنطقة، ويستفيد من سيطرته على موارد اقتصادية مهمة ومنظومة سياسية متماسكة.
الاتحاد الوطني الكوردستاني (PUK): رغم التحديات الداخلية بعد وفاة جلال طالباني، يبقى الاتحاد الوطني قوة لا يُستهان بها في محافظة السليمانية وكركوك. يعاني الحزب من صراعات داخلية وتراجع في شعبيته نتيجة الانقسامات، إلا أنه يحتفظ بقاعدة شعبية كبيرة خصوصًا في مناطق نفوذه التقليدية.
حركة التغيير (كوران): ورغم ضعفها نسبيًا مقارنةً بالسنوات الماضية، تظل حركة التغيير لاعبًا مهمًا في المعادلة السياسية، خاصة في السليمانية، وتعمل على استقطاب الناخبين الغاضبين من فساد الأحزاب الكبرى.
أحزاب أخرى: مثل الجماعة الإسلامية الكوردستانية والاتحاد الإسلامي الكوردستاني، تساهم في توسيع المشهد الانتخابي، لكنها غالبًا ما تلعب أدوارًا تكميلية أو تحالفية مع الأحزاب الكبرى.

2. التحديات السياسية والأمنية:

الفساد والصراعات الداخلية: الاتهامات المتبادلة بين الأحزاب حول الفساد، وسوء الإدارة، وتردي الخدمات العامة تضعف ثقة الجمهور في المؤسسات السياسية. هذا العامل قد يؤثر سلبًا على مشاركة الناخبين أو توجيههم نحو الأحزاب التي تعلن برامج إصلاحية أو تقدم بديلاً نظيفًا.
الصراع على السلطة بين أربيل والسليمانية: العلاقة المتوترة بين أربيل التي يهيمن عليها الحزب الديمقراطي الكوردستاني والسليمانية التي يسيطر عليها الاتحاد الوطني، تزيد من تعقيد الانتخابات. الانقسام الجغرافي بين الشمال (أربيل ودهوك) والجنوب (السليمانية وحلبجة) يجعل أي محاولة لتوحيد السلطة أمرًا صعبًا، وقد يؤدي إلى نتائج انتخابية متباينة في هذه المناطق.

3. العوامل الاقتصادية والاجتماعية:

التراجع الاقتصادي: المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها إقليم كوردستان، مثل البطالة وتراجع مستوى الخدمات، تمثل نقطة ضغط كبيرة على الناخبين. الأحزاب التي تقدم وعودًا بتحسين الوضع الاقتصادي قد تجذب أصوات الفئات المتضررة.
الانقسامات العائلية والعشائرية: تلعب العلاقات العائلية والعشائرية دورًا مهمًا في توجيه الأصوات في بعض المناطق، حيث يعتمد بعض المرشحين على دعم عشائرهم ومجتمعاتهم المحلية.

4. السيناريوهات المحتملة:

فوز الحزب الديمقراطي الكوردستاني (KDP): من المحتمل أن يحقق الحزب الديمقراطي فوزًا، خاصة في مناطق نفوذه التقليدية، إلا أن هذا الفوز قد لا يكون ساحقًا. إذ قد يواجه مقاومة كبيرة في السليمانية والمناطق التي يسيطر عليها الاتحاد الوطني.
تقدم الاتحاد الوطني الكوردستاني (PUK): رغم الصراعات الداخلية، قد يحتفظ الاتحاد الوطني بقدرته على استقطاب الأصوات في السليمانية وكركوك، خاصة إذا تمكن من تحسين صورته الداخلية وتوحيد صفوفه.
احتمالية التحالفات: نتيجة التقارب النسبي بين الأحزاب المعارضة للحزب الديمقراطي، قد تكون هناك تحالفات بين الاتحاد الوطني، حركة التغيير، وبعض الأحزاب الإسلامية لمواجهة نفوذ الحزب الديمقراطي، خصوصًا إذا شعرت هذه الأحزاب أن الفوز المباشر غير ممكن.
5. دور القوى الإقليمية والدولية:
إيران وتركيا: لكل من إيران وتركيا نفوذ واضح في السياسة الكوردية، خصوصًا عبر دعم بعض الأحزاب على حساب الأخرى. أي تدخل خارجي قد يؤثر على النتائج، سواء من خلال تمويل الحملات أو ممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية.

الخلاصة:

الانتخابات في إقليم كوردستان ستكون على الأرجح تنافسية وصعبة، مع احتمال تحقيق الحزب الديمقراطي الكوردستاني فوزًا مهمًا، خاصة في معاقله التقليدية. مع ذلك، الانقسامات الداخلية في الاتحاد الوطني وضعف حركة التغيير قد تؤدي إلى تشتت الأصوات، مما يصعّب الوصول إلى أغلبية واضحة. التحالفات السياسية ستكون مفتاح تشكيل الحكومة المقبلة، وربما نشهد مشهدًا أكثر تعقيدًا من الانتخابات السابقة، مع تصاعد التوترات بين أربيل والسليمانية.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!