عزلة جديدة على عبد الله أوجلان: عقوبة تأديبية أم ردٌّ على رفضه المطالب الحكومية ؟

Site management
0
بقلم: بوزان كرعو
فرضت إدارة سجن إيمرالي عزلة تأديبية جديدة على زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، لمدة ثلاثة أشهر، وذلك بعد أن سمح له بلقاء ابن شقيقه البرلماني عمر أوجلان. جاءت هذه العقوبة في وقت حساس بعد مبادرة طرحها زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهجلي، في أكتوبر الماضي، والتي نصّت على السماح لأوجلان بالقدوم إلى البرلمان لإعلان حل حزب العمال الكردستاني وتسليم السلاح. هذه المبادرة، التي لم تتضمن أي خطوات لمعالجة القضية الكردية، أظهرت توجه الحكومة التركية وحليفها القومي نحو الضغط على أوجلان لإقناع حزبه بالاستسلام، وهو ما يبدو أنه قوبل برفضٍ منه، ما دفع إلى فرض عقوبة العزلة كخطوة إضافية لإحكام السيطرة عليه.

- السياق العام والمبادرة القومية:

تأتي العقوبة الأخيرة في سياق محاولة فاشلة من الحكومة التركية بقيادة حزب العدالة والتنمية وحليفه القومي، حزب الحركة القومية، لإجبار أوجلان على تقديم تنازل جوهري، يتمثل في حل حزبه والتخلي عن السلاح دون التطرق إلى أي حلول سياسية تخص القضية الكردية. فقد أعلن بهجلي صراحةً فيما بعد أنه لا يعترف بوجود قضية كردية في تركيا، معتبرًا أن "المشكلة الحقيقية" هي "الإرهاب" الذي يجب اجتثاثه من جذوره، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني. هذا الموقف الصارم يعكس إصرار القوى القومية في الحكومة التركية على تقليص القضية الكردية إلى مجرد مسألة أمنية، ورفضها الاعتراف بأبعادها الاجتماعية والسياسية.

- دلالات العقوبة التأديبية الجديدة:

إن فرض العزلة على أوجلان بعد لقائه مع ابن شقيقه يشير بوضوح إلى أن الحكومة لم تجد منه تجاوبًا مع مساعيها الأخيرة. إذا كانت المبادرة قد استهدفت إجبار أوجلان على التخلي عن العمل المسلح من دون أي التزام بحل سياسي، فإن الرد الذي جاء بعزله يدل على عدم رضوخه لتلك الشروط. فلو كانت هناك مؤشرات إيجابية لقبول أوجلان بالمبادرة، لكان من المتوقع أن تفتح الحكومة التركية المجال لمزيد من التواصل معه، لا أن تعزله. ومن هنا، يمكن اعتبار هذه العقوبة تأكيدًا على رفضه الإذعان للضغوط، وإشارة إلى تعنت الحكومة التي ترى في أوجلان رمزًا للتمرد يجب عزله.

- بين الحسم الأمني ورفض الحلول السياسية:

تمثل سياسة العزل المتكررة جزءًا من الاستراتيجية الحكومية للتعامل مع أوجلان وحزب العمال الكردستاني عبر استخدام أدوات الضغط الأمني، مع تجاهل أي مسار سياسي حقيقي لمعالجة المسألة الكردية في تركيا. منذ تعليق مفاوضات السلام في 2015، يبدو أن الحكومة، بدعم من حزب الحركة القومية، قد تبنت رؤية قائمة على "إقصاء" أي محاولات تسوية، ما دامت لا تضمن استسلام الحزب وتخليه التام عن السلاح. ويعكس هذا التوجه رغبة الحكومة في إسكات أوجلان وكبح أي تأثير قد يمتلكه داخل الأوساط الكردية، خاصةً مع تصاعد النفوذ القومي في الداخل التركي الذي يرفض أي اعتراف بالقضية الكردية.
و اخيراً يعكس قرار العزلة الجديد بحق عبد الله أوجلان فشل محاولة الضغط عليه لتقديم تنازلات من شأنها إنهاء حزب العمال الكردستاني بدون مقابل سياسي. إن إصرار الحكومة التركية على تجاهل الحقوق السياسية والقومية للكرد، واختزال المسألة إلى قضية أمنية فقط، يعيد تأكيد الاستراتيجية الأمنية المتشددة التي تعتمدها الحكومة في التعامل مع الملف الكردي. ويظل أوجلان، رغم العزلة المفروضة عليه، رمزًا سياسيًا لا يمكن تجاهل تأثيره، ما يجعل التعامل معه عبر الضغوط والعقوبات مسارًا غير مضمون النتائج على المدى البعيد.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!