مقارنة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والقوات التركية

Site management
0
إعداد المبحث: فريق الجيوستراتيجي للدراسات
في هذا المبحث وخلال المقارنة نسلط الضوء على نشأة قوات سوريا الديمقراطية والجيش التركي، أهدافهما، وقدراتهما العسكرية، والتحالفات التي تدعمهما، بالإضافة إلى التداعيات الإقليمية لوجودهما.

المدخل

منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011، ظهر العديد من القوى المسلحة في الصراع، ومن بينها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والجيش التركي. وعلى الرغم من اختلاف الأهداف والأدوار التي تؤديها هاتان القوتان، إلا أن الصراع بينهما كان له تأثير كبير على الوضع الأمني والسياسي في شمال سوريا.

1. نشأة وتشكيل كل من القوتين

أ. قوات سوريا الديمقراطية (قسد)
تأسست قوات سوريا الديمقراطية في عام 2015، وهي تحالف عسكري متنوع يضم وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) كأحد المكونات الرئيسية، إلى جانب وحدات حماية المرأة (YPJ) ومجموعات عربية وسريانية وآشورية. تشكلت قسد بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وتهدف قسد إلى تحقيق حكم ذاتي للمناطق التي تسيطر عليها، خاصةً في شمال وشرق سوريا.

ب. القوات التركية
الجيش التركي هو قوة عسكرية نظامية تأسست منذ قرون ويعد من أقوى الجيوش في المنطقة، ويرتبط بالحكومة التركية ويتبع مباشرةً لقيادة الدولة. بدأ التدخل التركي في سوريا بشكل مباشر منذ عام 2016 عبر سلسلة من العمليات العسكرية مثل درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام. الهدف المعلن من التدخل التركي هو منع التهديدات الأمنية على الحدود التركية ومكافحة التنظيمات الإرهابية، بحسب وجهة النظر التركية، بما في ذلك الوحدات الكردية التي تعتبرها تركيا امتداداً لحزب العمال الكردستاني (PKK).

2. الأهداف والغايات

أ. قوات سوريا الديمقراطية
مكافحة داعش: تأسست قسد بشكل رئيسي لمحاربة تنظيم داعش، وحققت نجاحات كبيرة في دحر التنظيم من عدة مناطق.
الاستقلال الذاتي: تهدف قسد إلى تحقيق نوع من الحكم الذاتي في المناطق الكردية، وهو ما تعتبره خطوة نحو حماية حقوق الأقليات.
التحالفات الدولية: تسعى قسد للحفاظ على دعم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، لضمان استمرار دعمها العسكري واللوجستي.

ب. القوات التركية
حماية الأمن القومي: تضع تركيا حماية حدودها من أي تهديد في مقدمة أهدافها، وترى أن قسد المرتبطة بوحدات حماية الشعب تشكل تهديداً لأمنها.
منع إقامة كيان كردي مستقل: تخشى تركيا من أن يؤدي نجاح مشروع قسد إلى تحفيز الأكراد في تركيا للمطالبة بالاستقلال أو الحكم الذاتي.
السيطرة على المناطق الحدودية: تركز تركيا على إنشاء منطقة آمنة على الحدود لإبعاد المجموعات الكردية، ولإعادة توطين بعض اللاجئين السوريين.

3. القوة العسكرية والتسليح

أ. قوات سوريا الديمقراطية
التعداد والتدريب: تتكون قسد من حوالي 50,000 إلى 60,000 مقاتل من مختلف الفئات. يحصلون على التدريب والدعم من التحالف الدولي.
التسليح: تعتمد قسد بشكل كبير على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة التي يتم توفيرها من قبل الولايات المتحدة، إضافةً إلى بعض الأسلحة الثقيلة والمركبات المدرعة المحدودة.
التكتيكات: تركز قسد على تكتيكات حرب العصابات، وهو ما ظهر في معاركها ضد داعش.

ب. القوات التركية
التعداد: الجيش التركي هو أحد أقوى جيوش المنطقة ويضم أكثر من 400,000 جندي محترف.
التسليح: يتمتع الجيش التركي بتجهيزات متقدمة تشمل الطائرات القتالية، الطائرات بدون طيار، الدبابات، والمدفعية، إضافة إلى تكنولوجيا حديثة.
الخبرة القتالية: شارك الجيش التركي في العديد من العمليات خارج حدود تركيا، ويمتلك خبرة واسعة في المواجهات العسكرية التقليدية وحرب العصابات.

4. التحالفات والداعمين

أ. قوات سوريا الديمقراطية
تعد الولايات المتحدة أبرز حلفاء قسد، حيث قدمت دعماً عسكرياً ومادياً كبيراً لها في الحرب ضد داعش. ورغم التوترات السياسية، ما زالت الولايات المتحدة تدعم قسد إلى حد كبير من خلال التحالف الدولي.

ب. القوات التركية
تعتبر تركيا عضواً في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ما يوفر لها مكانة استراتيجية وتعاوناً عسكرياً مع الدول الغربية. كما تسعى تركيا لبناء علاقات مع روسيا رغم الاختلافات في بعض المواقف تجاه سوريا، وأحياناً يتم التنسيق في إدارة الأوضاع الميدانية في شمال سوريا.

5. تداعيات الصراع الإقليمي

يؤثر الصراع بين قسد والقوات التركية على الاستقرار في المنطقة بشكل كبير:
الأزمة الإنسانية: عمليات النزوح القسري للسكان المحليين بسبب العمليات العسكرية.
التوترات الدولية: تتصاعد التوترات بين تركيا والولايات المتحدة بشأن دعم قسد، وبين تركيا وروسيا حول مناطق النفوذ في سوريا.
التداعيات على الصراع السوري: تعقد الصراع بين الأطراف المختلفة، ما يعرقل فرص الوصول إلى حل سياسي مستدام.

خاتمة
يعكس الصراع بين قوات سوريا الديمقراطية والقوات التركية تداخلاً عميقاً بين المصالح المحلية والدولية. ففي حين تسعى قسد لتعزيز حقوقها وتحقيق حكم ذاتي، ترى تركيا في ذلك تهديداً لأمنها القومي. يبقى الوضع الحالي مرشحاً لمزيد من التعقيد، خاصةً مع تداخل المصالح الإقليمية والدولية، وصعوبة التوصل إلى حلول توافقية بين الأطراف المتصارعة.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!