مستقبل هيئة تحرير الشام في سوريا وتداعيات تحركاتها العسكرية

Site management
0
بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على مدينة حلب، أثار هذا التطور تساؤلات استراتيجية حول مستقبل الهيئة وتحركاتها في بقية المناطق السورية، خاصة في حماه، وحمص، ودمشق، بالإضافة إلى إمكانية مواجهتها لقوات سوريا الديمقراطية ودورها في المشهد السوري العام. لفهم أبعاد هذه التحركات، ينبغي تحليل القوى المؤثرة على الأرض، الأجندات الإقليمية والدولية، واستراتيجيات النظام والمعارضة.

هل ستستمر الهيئة في السيطرة على المناطق السورية الأخرى؟

سيطرة هيئة تحرير الشام على حلب تمثل نقلة نوعية في ميزان القوى، إذ تعزز موقع الهيئة كأقوى فاعل عسكري معارض على الأرض. من المحتمل أن تحاول الهيئة الاستمرار في توسيع نطاق نفوذها في حماه وحمص، إذ يعتبر ذلك جزءاً من استراتيجيتها لفرض نفسها كبديل للنظام في المناطق الشمالية والوسطى. 
تحركات الهيئة تعتمد على عوامل عدة، من أبرزها:
قدرتها العسكرية: تمتلك الهيئة قوة عسكرية منظمة نسبياً مقارنة ببقية الفصائل.
التوازنات الدولية والإقليمية: قد تواجه ضغوطاً من قوى إقليمية ودولية للحد من تقدمها.
المعارضة الشعبية المحلية: سيطرة الهيئة قد تُثير ردود فعل شعبية أو مقاومة من الفصائل الأخرى.

إمكانية المواجهة مع قوات سوريا الديمقراطية

تحركات الهيئة باتجاه مناطق تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) واردة، خاصة أن كلا الطرفين يتبنيان رؤى مختلفة. لكن احتمالية حدوث مواجهة واسعة تعتمد على عدة عوامل:
الدعم الدولي لقسد: التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة يدعم قسد بشكل قوي، ما يجعل أي مواجهة محفوفة بالمخاطر بالنسبة للهيئة.
الأولويات العسكرية للهيئة: الهيئة تركز على المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري أكثر من مواجهة قسد.
التحالفات المحلية: قد تسعى الهيئة لعقد تفاهمات محدودة مع بعض القوى الكردية أو المجموعات المحلية لتجنب استنزاف مواردها في مواجهات إضافية.

من يقف وراء تحركات الهيئة والجولاني؟

تحركات الهيئة بقيادة أبو محمد الجولاني تشير إلى وجود استراتيجيات تتجاوز الحسابات المحلية. هناك عدة أطراف قد تكون لها علاقة بهذه التحركات:
تركيا: قد تستخدم تركيا نفوذها على الهيئة لتحقيق أهداف تكتيكية، مثل الضغط على النظام أو تعزيز نفوذها في الشمال السوري.
قطر: دعم إعلامي وسياسي محتمل لتلميع صورة الهيئة في بعض الأوساط الإقليمية.
أطراف دولية: بعض القوى قد تجد في تحركات الهيئة وسيلة لإضعاف النظام أو تأخير التسوية السياسية.

هل هناك دفع إقليمي أو دولي للجولاني نحو السيطرة على حلب؟

تصاعد دور الهيئة في حلب قد يكون جزءاً من مخطط إقليمي لتشكيل توازن جديد في الصراع السوري. تركيا قد تكون الداعم الرئيسي غير المعلن لتحركات الهيئة، خصوصاً أنها تسعى لضمان مصالحها في شمال سوريا. في المقابل، القوى الغربية قد تغض الطرف عن هذه التحركات ما دامت تُضعف النظام أو تقلم أظافر حلفائه.

هل ستصل الهيئة إلى دمشق؟

الوصول إلى دمشق يبدو أمراً صعباً حالياً، إذ يعتمد على:
قدرة الهيئة على الاستمرار في التوسع: تحتاج الهيئة لموارد عسكرية واستراتيجية هائلة للتوجه نحو العاصمة.
قدرات النظام السوري: رغم الضعف العام للنظام، إلا أنه يركز بشكل كبير على الدفاع عن دمشق كرمز للسيادة.
الدعم الروسي والإيراني: النظام السوري مدعوم من حلفاء أقوياء لن يسمحوا بسقوط دمشق.

هل يستطيع النظام السوري صد هجمات الهيئة؟

النظام السوري يعاني من ضعف شامل في موارده العسكرية والبشرية، لكنه يعتمد بشكل كبير على الدعم الروسي والإيراني. روسيا قد تُكثف من ضرباتها الجوية لمساندة النظام، بينما قد تلعب إيران دوراً في تعبئة ميليشياتها الإقليمية للدفاع عن المناطق الحيوية مثل حمص ودمشق.

هل ستتحرك المعارضة السورية في درعا بالتزامن مع تحركات الهيئة في حماه؟

جنوب سوريا، وخاصة درعا، يمثل نقطة ضعف للنظام، حيث لا يزال هناك بعض الفصائل المعارضة التي قد تتحرك. ومع ذلك، يعتمد ذلك على:
وجود تنسيق بين الفصائل المختلفة: غياب التنسيق قد يقلل من فاعلية أي تحركات.
الدعم الإقليمي: الأردن وبعض الدول الخليجية قد تسعى لتوظيف الوضع لصالحها إذا رأت فرصة لإضعاف النظام.

مستقبل غامض وتحركات مفتوحة على كل الاحتمالات

تُظهر تحركات هيئة تحرير الشام بقيادة الجولاني طموحاتها لتوسيع سيطرتها، لكن الطريق مليء بالتحديات العسكرية والسياسية. القوى الإقليمية والدولية تلعب دوراً خفياً في رسم ملامح المشهد السوري، مما يجعل من الصعب التنبؤ بمسار الأحداث بشكل دقيق. ومع ذلك، يبقى الصراع السوري معقداً ومتعدد الأطراف، حيث تؤثر كل خطوة على توازن القوى الهش في البلاد.

هيئة تحرير الشام وزعيمها الجولاني على قائمة الإرهاب الدولية: ما تزال هيئة تحرير الشام، الفصيل المسلح الذي يسيطر على أجزاء من شمال غرب سوريا، وزعيمها أبو محمد الجولاني، مصنّفين على قوائم الإرهاب من قبل الولايات المتحدة ودول أخرى. وتتهم الهيئة بالارتباط بتنظيم القاعدة سابقاً وارتكاب انتهاكات واسعة. على الرغم من محاولات الجولاني تلميع صورته عبر لقاءات وتصريحات تسوّق لدوره في "مكافحة الإرهاب"، فإن التصنيف لم يتغير، مما يُعيق جهود الهيئة للحصول على اعتراف دولي أو شرعية سياسية.


إعداد المادة: فريق الجيوستراتيجي للدراسات/ قسم "إستشراف الأحداث المستقبلية"

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!