يكتبها للجيوستراتيجي: أ. بوزان كرعو
في مقالكم المنشور بموقع "ولاتي مه " ، والذي وجهتم فيه نقدًا لنداء منظمات حقوق الإنسان للإدارة الأمريكية بشأن الإبقاء على القوات الأمريكية في شمال شرق سوري ا، وردت مغالطات وتحليلات بعيدة عن الواقع. لهذا نرى من واجبنا الرد على نقاطكم بما يلي :
أولًا: فهم قاصر لدور منظمات حقوق الإنسان :
الزعم بأن منظمات حقوق الإنسان "لا دخل لها " بمسألة بقاء أو انسحاب القوات الأمريكية يعكس رؤية ضيقة لدور هذه المنظمات ، لان حماية المدنيين ، منع الانتهاكات ، وتوثيق الجرائم التي يمكن أن تتفاقم في حال انسحاب القوات الأجنبية هي مسائل تقع في صلب عمل تلك المنظمات. أي انسحاب غير مدروس قد يترك فراغًا أمنيًا تستغله القوى التي تنتهك حقوق الإنسان، وهذا يجعل للنداء أهمية قصوى.
ثانيًا : تبرير مضلل لمفهوم الاحتلال :
مقارنتكم بين القوات الأمريكية وقوات الاحتلال الأخرى (روسيا، إيران، تركيا) تغفل حقائق أساسية:
• الوجود الأمريكي جاء بموجب تحالف دولي لمواجهة الإرهاب ، بينما جاءت قوات روسيا وإيران وتركيا بدوافع احتلالية صريحة وتدميرٍ ممنهج للمجتمعات المحلية.
• القوات الأمريكية لم تسعَ لتغيير ديموغرافي أو اضطهاد السكان ، بعكس القوى الأخرى التي قمعت الشعوب الكردية والعربية والسريانية على حد سواء.
ثالثًا : تجاهل واضح لواقع الانتهاكات :
تصوير القوات الأمريكية كعامل احتلال وحصر دورها في بناء قواعد عسكرية ومطارات هو تبسيط مخل لان وجودها هو عامل استقرار في منطقة تواجه خطرًا مستمرًا من أطراف مثل داعش وتركيا ، التي تمارس عدوانًا سافرًا عبر استهداف المدنيين وتهجيرهم قسريًا ، و ذلك لان منظمات حقوق الإنسان التي تطالب بالإبقاء على هذا الوجود تدرك جيدًا أن البديل هو مزيد من الفوضى والدمار.
رابعًا : ازدواجية المعايير :
إذا كنتم تعتبرون وجود القوات الأمريكية احتلالًا ، فلماذا لم نسمع لكم صوتًا قويًا بنفس الحدة ضد الاحتلال التركي لمدينة عفرين وسري كانيه و كري ؟
هذا الصمت المريب يفقد موقفكم مصداقيته ، ويشير إلى ازدواجية واضحة في التعامل مع قضايا الاحتلال والانتهاكات.
خامسًا : تجاهل رغبات السكان المحليين :
النداء يعبر عن مخاوف حقيقية لأبناء المنطقة ، الذين عانوا من حروب وحشية وتخلٍ دولي متكررو رفضكم لهذا النداء هو تجاهل لإرادة السكان المحليين ، الذين يفضلون وجود قوات دولية تضمن أمنهم على تركهم في مواجهة مصير مظلم أمام القوى المعتدية.
ختامًا، إن انتقادكم الموجه لهذه المنظمات يتسم بانحيازٍ أيديولوجي واضح ، ويتجاهل الحقائق على الأرض. كان الأجدر بكم دعم مطالب حماية المدنيين وتعزيز الاستقرار بدلًا من الانخراط في هجوم غير مبرر على منظمات تسعى لتحقيق العدالة والإنصاف في منطقة تئن تحت وطأة الصراعات والاحتلالات المتعددة.