يكتبها للجيوستراتيجي : بوزان كرعو
عُقدت قمة الرياض مؤخرًا لتسليط الضوء على الوضع في سوريا، حيث أكّد المجتمعون على رفض الإرهاب والتزامهم بسيادة سوريا ووحدة أراضيها، وهو موقف مبدئي طالما انتظره الشعب السوري الذي يعاني منذ سنوات ويلات الحرب والتدخلات الخارجية. ورغم أن البيان الختامي شدّد على دعم الشعب السوري ودعا لرفع العقوبات الأحادية المفروضة عليه، إلا أن ما غاب عن البيان كان بنفس أهمية ما ورد فيه، وهو التناقض الصارخ في التعامل مع مختلف القضايا المؤرقة لسوريا وشعبها.
من جهة، عبّر المجتمعون عن قلقهم من التوغل الإسرائيلي داخل المنطقة العازلة على الحدود السورية، معتبرين ذلك انتهاكًا لسيادة سوريا، وهو موقف منطقي ومتوقع. ولكن في المقابل، تغاضى البيان عن الاعتداءات اليومية التي تمارسها تركيا في الجزء الكوردستاني الملحق بالدولة السورية (شمال شرق سوريا)، حيث تحتل أكثر من ثلث الأراضي السورية منذ سنوات، متجاهلةً بذلك القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
إن هذه الازدواجية في المواقف تعكس مشكلة أعمق في تعامل المجتمع الدولي مع الأزمة السورية. فبينما تتم إدانة التوغل الإسرائيلي بشكل مباشر، يتم الصمت المطبق على الاعتداءات التركية التي تستهدف مناطق الجزء الكوردستاني الملحق بالدولة السورية (شمال شرق سوريا)، وهي مناطق يشكل الكورد فيها جزءًا أساسيًا من النسيج الاجتماعي السوري. هذا الشعب الذي دفع ثمنًا باهظًا نتيجة السياسات العدوانية التركية، التي تشمل التهجير القسري، تغيير التركيبة السكانية، والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان.
كيف يمكن الحديث عن دعم خيارات الشعب السوري واحترام إرادته، بينما يتم تجاهل معاناة الكورد، الذين كانوا وما زالوا مكونًا أصيلًا في هذا الشعب؟ ألا يعكس هذا التناقض انحيازًا واضحًا ومؤسفًا في التعامل مع الملف السوري؟
إن قمة الرياض، رغم ما حملته من نقاط إيجابية في دعم الشعب السوري، فشلت في تقديم رؤية شاملة وعادلة للأزمة السورية. فمواجهة الانتهاكات يجب أن تكون مبدئية وغير انتقائية، سواء كان الفاعل هو إسرائيل أو تركيا أو أي جهة أخرى. سيادة سوريا ووحدة أراضيها لا يمكن أن تُجزّأ، وحقوق جميع مكوناتها، بما في ذلك الكورد، يجب أن تكون على رأس الأولويات.
ختامًا، إذا كان المجتمع الدولي يسعى حقًا إلى تحقيق السلام والاستقرار في سوريا، فإن الخطوة الأولى تكون بالتعامل مع جميع الأطراف والملفات بمعايير واحدة، بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة. الشعب السوري، بكل مكوناته، يستحق عدالة حقيقية لا تمييز فيها ولا استثناء.
كاتب وناشط سياسي