من هو المستفيد من تفجير منبج؟ تحليل للأبعاد والنتائج

Site management
0
خبر وتحليل: فريق الجيوستراتيجي للدراسات
في النزاعات المسلحة، نادرًا ما يكون للأحداث الدامية نتائج عشوائية، بل تكون غالبًا جزءًا من استراتيجية سياسية أو عسكرية تهدف إلى تحقيق مكاسب محددة. تفجير منبج يأتي في سياق إقليمي معقد، حيث تتصارع قوى مختلفة على النفوذ، ما يجعل تحديد المستفيدين من هذا الحدث أمرًا أساسيًا لفهم تداعياته.

السياق السياسي والأمني

منبج، الواقعة شمالي سوريا، تعدّ إحدى أكثر المناطق حساسية استراتيجيًا، نظرًا لموقعها بين مناطق النفوذ التركي، ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والنظام السوري. منذ سيطرة "قسد" على المدينة في عام 2016 بعد طرد تنظيم داعش، لم تتوقف محاولات تركيا والجماعات المسلحة الموالية لها لزعزعة استقرارها.

من المستفيد الأول؟

1- تركيا والجماعات المرتزقة الموالية لها.
تركيا والمجموعات التركمانية المسلحة التي تدعمها، هي المستفيد الأكبر من هذا التفجير، وذلك للأسباب التالية:
زيادة الشرخ بين المكونات الاجتماعية: تركيا تسعى بشكل ممنهج إلى زرع الفتنة بين الأكراد والعرب في المنطقة، وهو ما يخدم استراتيجيتها في السيطرة على مناطق شمال سوريا من خلال تفكيك النسيج الاجتماعي وخلق نزاعات داخلية.
التأثير على الرأي العام ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد): التفجير قد يكون جزءًا من حملة إعلامية تهدف إلى تأليب سكان المنطقة ضد "قسد"، عبر اتهامها بعدم القدرة على ضمان الأمن أو حتى اتهامها بشكل غير مباشر بالتسبب في مثل هذه الحوادث.
التغطية على جرائم الحرب في كوباني: قبل أيام قليلة من التفجير، ارتكبت تركيا جرائم خطيرة في كوباني، بما في ذلك استهداف المدنيين وقصف سد تشرين واستخدام الفوسفور الأبيض. وقوع تفجير كبير في منبج يمكن أن يكون وسيلة لصرف الانتباه عن هذه الجرائم وتحويل النقاش الإعلامي نحو قضية أخرى.
تبرير أي تدخل عسكري جديد: تسعى تركيا دائمًا إلى إيجاد ذرائع جديدة لتبرير تدخلها في شمال سوريا، سواء عبر عمليات عسكرية مباشرة أو عبر دعم الجماعات المسلحة التابعة لها، والتفجيرات تخلق بيئة مناسبة لمثل هذه التدخلات.

تحليل أعمق: المستفيدون الثانويون

بالإضافة إلى تركيا، هناك قوى أخرى قد تستفيد بشكل غير مباشر من التفجير:
1. النظام السوري: على الرغم من خلافه مع تركيا، فإن دمشق ترى في زعزعة استقرار مناطق "قسد" فرصة لاستعادة السيطرة على مزيد من الأراضي، مما يجعلها مستفيدًا غير مباشر من أي تفجيرات تُضعف الإدارة الذاتية.
2. تنظيم داعش أو خلاياه النائمة: رغم الهزائم التي تلقاها، لا يزال التنظيم قادرًا على تنفيذ عمليات إرهابية تهدف إلى إظهار أنه لا يزال يشكل تهديدًا، وبالتالي تعزيز وجوده الإعلامي والسياسي.
النتائج المتوقعة
1. تصاعد التوترات الأمنية في منبج، مما قد يؤدي إلى مزيد من العمليات الانتقامية أو الاستقطابات السياسية.
2. توسيع نطاق التدخل التركي في شمال سوريا، سواء عبر تصعيد عسكري مباشر أو من خلال دعم الجماعات المسلحة المحلية.
3. زيادة الضغط الدولي على "قسد"، خاصة إذا تمكنت تركيا من توجيه أصابع الاتهام إليها بشكل دعائي مؤثر.
4. مزيد من الانقسام بين الأكراد والعرب، مما يعقد أي جهود للتوافق السياسي أو الاجتماعي في المنطقة.

المحصلة

تفجير منبج ليس مجرد حادث عرضي، بل هو حدث يحمل أبعادًا سياسية وأمنية عميقة. المستفيد الأول منه هو الاحتلال التركي والجماعات المسلحة الموالية له، حيث يخدم مصالحهم في زعزعة الاستقرار، وتأليب الرأي العام، وإيجاد مبررات لتدخلاتهم المستمرة. في ظل هذا الواقع، يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن للقوى المحلية والإقليمية مواجهة هذه الاستراتيجيات ومنع استغلال مثل هذه العمليات لتحقيق أجندات خارجية؟

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!