في أول لقاء، ترامب يطلب من أحمد الشرع محاربة أبو محمد الجولاني!!

Site management
0
نقطة نظام: فريق الجيوستراتيجي للدراسات
في تطور غير متوقع، طلب الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، من الرئيس السوري السابق خلال المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، أن يتخذ إجراءات فعالة لمكافحة الجماعات المتطرفة في سوريا. جاء هذا الطلب في سياق اللقاءات التي جرت في المملكة العربية السعودية في وقت كان الوضع السوري في حالة من الانقسام والتوتر على مختلف الأصعدة السياسية والعسكرية. إن هذا الطلب يثير العديد من التساؤلات حول دلالاته السياسية والاستراتيجية، خاصة عندما يتناقض مع خلفية أحمد الشرع وانتماءاته الشخصية والجماعات التي يتحالف معها في سوريا. هذا المقال سيحاول تحليل هذا الموقف من خلال تبيان العوامل السياسية والجيوسياسية التي تسببت في هذا التصعيد، كما سيعرض التناقضات في المواقف والمصالح التي قد تنشأ من هذا الطلب.

سياق اللقاء السعودي: تحول السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط

شهدت المنطقة العربية في السنوات الأخيرة تحولات كبيرة في السياسة الأمريكية، خاصة في ظل رئاسة ترامب التي اتسمت بعدم الاستقرار والقرارات المفاجئة، بدءًا من الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وصولاً إلى المواقف المتغيرة تجاه الوضع في سوريا. كانت السعودية، في سياق هذا التحول، تمثل نقطة محورية للسياسات الأمريكية في المنطقة. وفي هذا الإطار، جاء اللقاء الذي جمع بين الرئيس الأمريكي وأحمد الشرع في الرياض، حيث كانت العناوين الرئيسية تدور حول تعزيز التعاون في مواجهة التطرف وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
طلب ترامب من أحمد الشرع، الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس السوري قبل أن يغادر منصبه في بداية الأحداث السورية، أن يعمل على محاربة الجماعات المتطرفة، بما في ذلك جبهة النصرة (المعروفة الآن بهيئة تحرير الشام) و"داعش"، إضافة إلى أي تنظيمات مرتبطة بها. هذا الطلب يكشف عن تحول في استراتيجية الولايات المتحدة تجاه سوريا بعد سنوات من التركيز على مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية.

خلفية أحمد الشرع: التناقض بين الانتماءات والمطالب الأمريكية

أحمد الشرع، على الرغم من كونه جزءًا من النظام السوري، يمتلك خلفية تاريخية سياسية معقدة. خلال فترة عمله في الحكومة السورية، كان الشرع معروفًا بتمسكه بمواقف متوازنة إلى حد ما، حيث سعى إلى تجنب المواجهات العنيفة في بعض الحالات، بينما كان يعبر عن تأييده للنظام السوري في حالات أخرى. بعد استقالته في عام 2012، أصبح الشرع أحد أبرز الشخصيات السياسية في مرحلة ما بعد النظام، حيث أنشأ تحالفات مع بعض الفصائل المعارضة في الخارج.
لكن على الرغم من أن الشرع قد يعلن دعمه للوحدة السورية، إلا أن تحالفاته التي غالبًا ما شملت مجموعات من التيارات الإسلامية المعتدلة والمجموعات المسلحة، تثير تساؤلات حول مدى استجابته للمطالب الأمريكية. في الواقع، هناك تضارب صارخ بين مواقفه السابقة وطلب ترامب الذي يستهدف الجماعات المتطرفة في سوريا.

جماعات المعارضة السورية والتحالفات الدولية

من المهم أن نأخذ في الحسبان التركيبة المعقدة للجماعات المعارضة في سوريا، والتي تتراوح من جماعات معتدلة إلى تلك التي تصنفها الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية كـ "جماعات إرهابية". كان لأحمد الشرع تحالفات مع بعض هذه الجماعات، بما في ذلك بعض الفصائل التي قد تكون متورطة في التعاون مع تنظيمات مثل هيئة تحرير الشام. إن طلب الرئيس الأمريكي من أحمد الشرع محاربة هذه الجماعات لا يتناسب مع تحالفاته السابقة، حيث إن العديد من هذه المجموعات قد تحتفظ بعلاقات تاريخية مع أطراف إقليمية، مثل تركيا وقطر، التي تعتبر بعض فصائلها جزءًا من المعارضة السياسية والعسكرية ضد النظام السوري.
الشرع، الذي قد يفضل دائمًا الحلول السياسية التي تتجنب التصعيد العسكري، يجد نفسه في وضع صعب إذا قرر الالتزام بالمطالب الأمريكية. ذلك لأن الحرب على "الجماعات المتطرفة" في سوريا قد تشمل فصائل من المعارضة التي كانت تسعى لتحقيق تغيير سياسي في البلاد، وهو ما قد يتعارض مع أهدافه الشخصية والسياسية.

السياق الجيوسياسي الإقليمي: التضارب بين السياسات الأمريكية والإيرانية

من الواضح أن الولايات المتحدة تعمل على تحقيق توازن استراتيجي في سوريا ضد نفوذ القوى الإقليمية الأخرى، مثل إيران. مع ذلك، يعزز وجود إيران في سوريا من خلال دعم النظام السوري وحلفائه، بما في ذلك جماعات مثل حزب الله اللبناني، التي ترفض بشكل قاطع أي تدخل أمريكي في سوريا. يضع هذا الأمر أحمد الشرع في وضع معقد بين القوى العظمى، إذ أن محاولة محاربة الجماعات المتطرفة قد تقوده إلى التصادم مع حلفاء إيران في سوريا الذين يشكلون جزءًا من النظام السوري.
أضف إلى ذلك أن السعودية، التي كانت تروج لرؤية مختلفة لمستقبل سوريا بعيدًا عن الهيمنة الإيرانية، تشارك في هذا الضغط على الشرع. لكن هذا الضغط قد يؤدي إلى تصعيد في العلاقة بين الشرع والنظام الإيراني، وهو ما سيخلق توترًا داخل صفوف المعارضة السورية المعتدلة التي كانت تظن أن لديها تحالفًا مع نظام الأسد لمكافحة الإرهاب، وفقًا لرؤيتها الخاصة.

التحديات المستقبلية: محاربة الجماعات المتطرفة في ظل الانقسامات الداخلية

إن محاربة الجماعات المتطرفة في سوريا في ظل الانقسامات الداخلية والصراعات الإقليمية المعقدة ستكون مهمة صعبة. الشرع، الذي ينتمي إلى طبقة من السياسيين الذين سعى معظمهم إلى تحقيق تسوية سلمية بدلاً من المواجهات العسكرية، سيواجه صعوبة في تلبية هذا المطلب الأمريكي. بالإضافة إلى ذلك، سيجد نفسه في مواجهة مع حلفائه المحليين والإقليميين الذين قد يرون في هذا التوجه تهديدًا لأهدافهم الخاصة.
إن محاربة الجماعات المتطرفة في سوريا تتطلب استراتيجيات معقدة، تشمل التعاون مع القوى الإقليمية والدولية التي لديها مصلحة في استقرار المنطقة، لكن في حالة أحمد الشرع، قد يجد أن هناك تعارضًا بين التزاماته السياسية وعلاقاته الدولية.

المحصلة: تحولات استراتيجية وتحديات مستمرة

إن الطلب الأمريكي من أحمد الشرع لمحاربة الجماعات المتطرفة في سوريا يعكس تحولات استراتيجية في السياسة الأمريكية تجاه الأزمة السورية، ويكشف عن تناقضات مع خلفية الشرع السياسية والتحالفات التي تربطه بالجماعات المعارضة. ستظل هذه المطالب تؤثر على التوازنات الداخلية والإقليمية في سوريا، حيث قد يكون من الصعب على الشرع تحقيقها دون مواجهة تحديات كبيرة على الصعيدين السياسي والعسكري.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!