هل تستطيع تركيا قيادة عملية عسكرية جديدة واسعة ضد كُرد سوريا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في ضوء التطورات الدراماتيكية الأخيرة؟
أستشراف الأحداث: فريق الجيوستراتيجي للدراسات
المشهد السوري دخل مرحلة إعادة تشكّل عميقة منذ أواخر 2024: هجومٌ تركي/فصائلي واسع غرب الفرات (منبج–تشرين) ثم هدنة متقطّعة، تزامنًا مع بروز قيادةٍ سورية جديدة وعلاقات تركية–سورية آخذة في التحالف العسكري الرسمي، ومع تقليصٍ أمريكي مدروس للوجود شرق الفرات بدل إنهائه الكامل. هذه العناصر مجتمعة تقلّص عتبة المخاطرة لدى أنقرة وتفتح لها نافذة عمليات، ولكنها لا تُسقط الموانع بالكامل.
المشهد السوري دخل مرحلة إعادة تشكّل عميقة منذ أواخر 2024: هجومٌ تركي/فصائلي واسع غرب الفرات (منبج–تشرين) ثم هدنة متقطّعة، تزامنًا مع بروز قيادةٍ سورية جديدة وعلاقات تركية–سورية آخذة في التحالف العسكري الرسمي، ومع تقليصٍ أمريكي مدروس للوجود شرق الفرات بدل إنهائه الكامل. هذه العناصر مجتمعة تقلّص عتبة المخاطرة لدى أنقرة وتفتح لها نافذة عمليات، ولكنها لا تُسقط الموانع بالكامل.
ما الذي تغيّر في ميزان القوى؟
تحوّل العلاقة التركية–السورية: توقيع مذكرة تعاون عسكري شاملة بين أنقرة ودمشق الجديدة (تسليح، تدريب، خبرات) يوحّي بإطار “شرعنة” متبادلة لأي تحرّكات تركية إضافية ضد قسد تحت عنوان “وحدة الأراضي السورية ومكافحة الإرهاب”. هذا التحوّل يُسهل لتركيا العمل عسكريًا ــ وأيضًا سياسيًا ــ داخل الشمال، بما في ذلك تنسيق الأدوار أو تقاسم مناطق.
تبدّل الموقف الأمريكي على الأرض: واشنطن أعلنت تقليصًا منظمًا وانتقالًا إلى تمركز أقل، لكنها لم تُنهِ الحضور نهائيًا، وما يزال الصوت العسكري الأمريكي يحذّر من فراغٍ يُنعش داعش؛ في الوقت نفسه فُعِّلت آلية عمل أمريكية–تركية خاصة بسوريا. هذه الخلطة تقلّص “الردع الصلب” الذي شكّله الوجود الأمريكي سابقًا دون أن تنفيه تمامًا.
سجل عمليات 2024–2025: أظهرت المعارك حول منبج/تشرين قدرة أنقرة على الجمع بين الطائرات المسيّرة، نيران المدفعية، ودفع فصائل “الجيش الوطني” للاختراق السريع، مع استهدافٍ للبُنَى الحيوية (سدّ تشرين) لفرض تكاليف مدنية/لوجستية على قسد. وثّقت منظمات حقوقية ضرباتٍ مميتة بحق مدنيين ومسعفين. هذا النمط يوحي بأن أي جولةٍ جديدة ستبدأ جوية/نيرانية مركّزة قبل أي اندفاعة برية.
تحوّل العلاقة التركية–السورية: توقيع مذكرة تعاون عسكري شاملة بين أنقرة ودمشق الجديدة (تسليح، تدريب، خبرات) يوحّي بإطار “شرعنة” متبادلة لأي تحرّكات تركية إضافية ضد قسد تحت عنوان “وحدة الأراضي السورية ومكافحة الإرهاب”. هذا التحوّل يُسهل لتركيا العمل عسكريًا ــ وأيضًا سياسيًا ــ داخل الشمال، بما في ذلك تنسيق الأدوار أو تقاسم مناطق.
تبدّل الموقف الأمريكي على الأرض: واشنطن أعلنت تقليصًا منظمًا وانتقالًا إلى تمركز أقل، لكنها لم تُنهِ الحضور نهائيًا، وما يزال الصوت العسكري الأمريكي يحذّر من فراغٍ يُنعش داعش؛ في الوقت نفسه فُعِّلت آلية عمل أمريكية–تركية خاصة بسوريا. هذه الخلطة تقلّص “الردع الصلب” الذي شكّله الوجود الأمريكي سابقًا دون أن تنفيه تمامًا.
سجل عمليات 2024–2025: أظهرت المعارك حول منبج/تشرين قدرة أنقرة على الجمع بين الطائرات المسيّرة، نيران المدفعية، ودفع فصائل “الجيش الوطني” للاختراق السريع، مع استهدافٍ للبُنَى الحيوية (سدّ تشرين) لفرض تكاليف مدنية/لوجستية على قسد. وثّقت منظمات حقوقية ضرباتٍ مميتة بحق مدنيين ومسعفين. هذا النمط يوحي بأن أي جولةٍ جديدة ستبدأ جوية/نيرانية مركّزة قبل أي اندفاعة برية.
دوافع أنقرة لعملية جديدة
أمن الحدود وبناء “عمق 30 كم”: الهدف التركي التاريخي بإبعاد قسد/وحدات حماية الشعب إلى ما وراء شريطٍ بعمق 30 كم ما يزال موجّهًا لخطط العمليات، خاصة على محوري كوباني–عين العرب وعين عيسى/مقطع M4.
فرصة سياسية بعد التقارب مع دمشق: التعاون العلني مع الجيش السوري الجديد يمنح أنقرة غطاءً سياديًا سوريًا ويُضعف سردية “الاحتلال” التي كانت تُحرجها دبلوماسيًا.
بيئة ردعٍ أمريكي أخفّ: التقليص الأمريكي يقلّل احتمال صدام مباشر، مع بقاء خطوط عدم الاشتباك. هذا يشجّع عمليات “قضمٍ تدريجي” بدل اجتياح شامل.
أوراق تفاوضية: توسيع المساحة العازلة يرفع رصيد أنقرة في ملفات اللاجئين، وإدارة المعابر، وترتيبات ما بعد الحرب مع الشركاء الغربيين والإقليميين. (استنتاج مبني على الاتجاهات الموثقة أعلاه.)
الموانع والكوابح
خطر الاحتكاك الأمريكي شرق الخابور/الحسكة ودير الزور، حيث ما يزال وجودٌ أمريكي وقدرة على الضربات، وتحذير عسكري من انتعاش داعش إذا اختُلّ توازن الشراكات الأمنية. هذا يحدّ من أي عملٍ واسع قرب قواعد ومستودعات التحالف.
كلفةٍ إنسانية وإعلامية مرتفعة: التوثيق الحقوقي لأحداث 2025 (قصف عائلة كردية، استهداف إسعاف) يزيد الضغط الغربي على تركيا عند كل جولة تصعيد، ما يقيّد المدى والوتيرة والزمن السياسي المتاح للعملية.
تعقيد السيطرة الحضرية: الدروس من منبج/تشرين تُظهر أن “الفتح السريع” لا يحسم الاستقرار، وأنّ كلفة الإمساك بالمراكز المختلطة إثنيًا وعشائريًا تظل مرتفعة بدون ترتيبات أمن محلية مقبولة
خرائط الاشتباك المرجّحة ومحاور الضغط
محور كوباني–عين العرب: حلقة مفقودة بين منطقتي “درع الفرات/جرابلس” و“نبع السلام/تل أبيض”. أي تقدّم هنا يحقّق وصلًا جغرافيًا يُضعف التواصل الكردي غرب–شرق الفرات. أسلوب العمل المرجّح: قصف دقيق ومسيرات لاستنزاف الدفاع، وضغطٍ بري فصائلي بمظلة نارية.
عين عيسى–M4: عقدة مواصلات تربط الرقة–الحسكة–كوباني؛ تعريضها لضرباتٍ متكررة يربك قسد لوجستيًا. (استنتاج مدعوم بنمط استهداف البنى/المحاور خلال 2024–2025).
تل تمر–الخابور: ضغطٌ ناري لاقتطاع حافةٍ جنوبية من خطوط قسد دون الاحتكاك المباشر بمناطق انتشار التحالف. (استنتاج عملياتي عام.)
محيط منبج شرقًا وتشرين: استكمال ما بعد الهجوم الماضي عبر تعميق الحماية حول السد والمعابر، مع استمرار سياسة “الضربات الموضعية”.
محور كوباني–عين العرب: حلقة مفقودة بين منطقتي “درع الفرات/جرابلس” و“نبع السلام/تل أبيض”. أي تقدّم هنا يحقّق وصلًا جغرافيًا يُضعف التواصل الكردي غرب–شرق الفرات. أسلوب العمل المرجّح: قصف دقيق ومسيرات لاستنزاف الدفاع، وضغطٍ بري فصائلي بمظلة نارية.
عين عيسى–M4: عقدة مواصلات تربط الرقة–الحسكة–كوباني؛ تعريضها لضرباتٍ متكررة يربك قسد لوجستيًا. (استنتاج مدعوم بنمط استهداف البنى/المحاور خلال 2024–2025).
تل تمر–الخابور: ضغطٌ ناري لاقتطاع حافةٍ جنوبية من خطوط قسد دون الاحتكاك المباشر بمناطق انتشار التحالف. (استنتاج عملياتي عام.)
محيط منبج شرقًا وتشرين: استكمال ما بعد الهجوم الماضي عبر تعميق الحماية حول السد والمعابر، مع استمرار سياسة “الضربات الموضعية”.
السيناريوهات المحتملة (من الأعلى ترجيحًا إلى الأدنى)
أ) جولة نيرانية/جوّية موسّعة دون اجتياحٍ بريّ واسع (مرجّح)
تكثيف المسيّرات والمدفعية لاستنزاف قسد، ضرب عقد الطاقة/الجسور/العقد المرورية، ثم تقدّم فصائلي محدود لتعديل خطوط التماس كيلومترات معدودة. ينسجم هذا مع سوابق 2024–2025 ومع حاجة أنقرة لتقليل كلفة الاحتكاك الدولي.
أ) جولة نيرانية/جوّية موسّعة دون اجتياحٍ بريّ واسع (مرجّح)
تكثيف المسيّرات والمدفعية لاستنزاف قسد، ضرب عقد الطاقة/الجسور/العقد المرورية، ثم تقدّم فصائلي محدود لتعديل خطوط التماس كيلومترات معدودة. ينسجم هذا مع سوابق 2024–2025 ومع حاجة أنقرة لتقليل كلفة الاحتكاك الدولي.
ب) عملية برية قطاعية لفرض وصلٍ جغرافي محدود (مرجّح جزئيًا)
اندفاعة من محور جرابلس–غرب كوباني لانتزاع شريط يربط مناطق النفوذ التركية، مع امتناع عن التوغّل العميق شرقي الفرات تفاديًا لقرب مناطق التحالف. احتمال متوسط إذا ضمنت أنقرة “غطاءً سوريًا” جديدًا واتفاق عدم اعتراض أمريكي عبر قنوات العمل المشتركة.
ج) صفقة أمنية ثلاثية (تركيا–دمشق–واشنطن) مقابل تفكيك بنيات عسكرية لقسد قرب الحدود (مرجّح سياسيًا دون زحف كبير)
تقدّم فيها دمشق الجديدة ضمانات أمنية وحدودية، مع إعادة هيكلة قوى محلية ودمج عناصر/مجالس ضمن تشكيلات سورية، مقابل تجميد الجبهة. تتكئ على واقع تقارب أنقرة–دمشق وآليات العمل الأمريكية–التركية وملفات مشتركة مثل معتقلي داعش.
د) اجتياح شامل من القامشلي إلى دير الزور (ضعيف الاحتمال)
يتعارض مع بقايا الردع الأمريكي ومع كلفةٍ بشرية وسياسية هائلة، ويخاطر بتحلل أمني يستفيد منه داعش.
سادسًا: التداعيات على قسد والمجتمع الكُردي
ضغطٌ متزايد على العقد الحيوية (طاقة، جسور، طرق إمداد)، ما يضاعف هشاشة الخدمات ويزيد النزوح، كما ظهر في الهجمات على سدّ تشرين وتبعاتها. يلزم قسد تحصين الأهداف الحرجة ونثر المخزون والمرونة التشغيلية.
زيادة وتيرة الاغتيالات بالطائرات المسيّرة ضد القيادات والمقرّات، وهو ما يُضعف ترابط القيادة والسيطرة ويستنزف الكوادر. (استنتاج معزَّز بسجل الضربات الموثقة حقوقيًا).
نافذة تفاوض صعبة: التقارب التركي–السوري قد يدفع باتجاه عروض “إعادة تموضع/دمج” لقوى محلية تحت عباءة مؤسسات دمشق، مقابل وقف النار. قبول ذلك أو رفضه سيرسم شكل الحضور الكردي في الشمال على المدى المتوسط.
ضغطٌ متزايد على العقد الحيوية (طاقة، جسور، طرق إمداد)، ما يضاعف هشاشة الخدمات ويزيد النزوح، كما ظهر في الهجمات على سدّ تشرين وتبعاتها. يلزم قسد تحصين الأهداف الحرجة ونثر المخزون والمرونة التشغيلية.
زيادة وتيرة الاغتيالات بالطائرات المسيّرة ضد القيادات والمقرّات، وهو ما يُضعف ترابط القيادة والسيطرة ويستنزف الكوادر. (استنتاج معزَّز بسجل الضربات الموثقة حقوقيًا).
نافذة تفاوض صعبة: التقارب التركي–السوري قد يدفع باتجاه عروض “إعادة تموضع/دمج” لقوى محلية تحت عباءة مؤسسات دمشق، مقابل وقف النار. قبول ذلك أو رفضه سيرسم شكل الحضور الكردي في الشمال على المدى المتوسط.
مؤشرات إنذار مبكر على اقتراب عملية جديدة:
- ارتفاعٌ ملحوظ في طلعات المسيّرات التركية وتوسّع بنك الأهداف ليشمل الجسور الفرعية والهوائيات ومحطات الوقود/الكهرباء.
- تحشيد فصائلي سريع على محاور جرابلس–شمال كوباني أو غرب عين عيسى مع تكثيف قصف تمهيدي.
- تسريبات/تصريحات تركية عن “فشل ترتيبات” أو “عدم التزام قسد” متزامنة مع اجتماعات أمريكية–تركية حول سوريا.
- تحرّكات تنسيق علنية/ضمنية مع وحدات من الجيش السوري الجديد قرب خطوط التماس، بما يوفّر غطاءً سياديًا للحركة.
- خلاصة تقديرية (احتمالات خلال 6–12 أسبوعًا)
- تصعيد جوّي/نيراني موسَّع مع قضمٍ محدود: مرتفع (≈ 60–70%).
- عملية برية قطاعية لفرض وصلٍ جغرافي غرب/حول كوباني أو جزء من عين عيسى: متوسط (≈ 35–45%).
- صفقة أمنية تُجمّد الجبهة مقابل ترتيبات محلية على الحدود: متوسط (≈ 30–40%) وقد تتزامن مع القضم المحدود.
- اجتياح شامل شرق الفرات: منخفض (< 15%) بسبب بقايا الردع الأمريكي والكلفة السياسية/الإنسانية.