المشهد التركي المضطرب واﻹستفتاء والفوز المقرر للإسﻻماويين والقومويين..

آدمن الموقع
3

إبراهيم كابان
- المقدمة 
- المشهد التركي المضطرب 
- إستخدام الخديعة مع الكرد
- الحلول في إمرالي وقنديل والتهرب التركي المستمر
- تآكل التداخلي للتيار اﻹسﻻماوي في تركيا
- اﻹستفتاء والفوز المقرر ؟
 
  
مرحلة دخول تركيا في النفق المظلم بات الغالب على صيرورة الوضع الداخلي التركي، نتيجة لحالة التزاوج القديم الجديد بين اﻹسﻻماويين والقومويون، ولعل سيطرة هذين التيارين بإمكانياتهم اﻹقتصادية والأمنية والجماهيرية إن فرضت على المشهد التركي ستخرجان بالغلبة على القوى الديمقراطية المتمثلة بحزب الشعوب الديمقراطية، الذي بات تحت التهديد اليومي نتيجة لمحاولة تقلص تحركاتها التي هددت بدورها خﻻل السنوات الخمسة الماضية التيار القوموي والإسﻻماوي معاً في اﻹستمرار بالسيطرة على الوضع الداخلي التركي.
صيغة اﻹرهاب الممارس خﻻل العقود الماضية في تركيا يمكن تسميتها بتقاطع المصالح المستمرة بين التيارين المتزاوجين مؤخراً، ﻻ سيما بعد تخلص أردوغان من الرافضين بالإتفاق مع التيار القوموي الذي يقود الدولة العميقة التركية، وما شاهدناه خﻻل الإنقﻻب اﻷخير في تركيا كانت عملية تصفية مباشرة للدولة الموازية التي كانت سبباً في تطور حزب العدالة والتنمية وإيصاله للحكم في تركيا، إﻻ أن طبيعة الصراع بين هذا التيار والحركة القوموية التركية كان سبباً في الخﻻفات بين أردوغان والقومويين، وبما إن سلطة أردوغان كانت مهددة بالسقوط فإن الحلول الوحيدة التي كانت متبقية أمامه هي التخلص من الكيان الموازي ومن ثم التزاوج مع الحركة القوموية التي تقود الدولة العميقة.

المشهد التركي المضطرب

اﻹقتصاد التركي في تدهور نتيجة عوامل داخلية وخارجية، ولعل خطط حزب العدالة والتنمية في إجبار الناس على الخوف والترهيب ودفعهم بذلك إلى الصمت حيال ما يقوم به من تحوﻻت، إلى جانب دفع المشهد التركي في الصدام الهادئ مع الدول الغربية حتى ﻻ تكون الغرب ورقة ضاغطة على التحوﻻت الداخلية التركية، وذلك بطبيعة الحال يضمن تمرير المخططات اﻹسﻻماوية والقوموية التركية في خلص حالة خﻻف مع الغرب والتضييق علىى الحريات الداخلية، والتخلص من الخصوم، والقيام بأحداث إرهابية داخلية لدفع الناس إلى التشبث بالنظام، وفتح جبهة خارجية ﻹلهاء الشارع التركي في الحرب التي يسميها نظام أردوغان/ تأمين اﻷمن القومي/ ، هذه العوامل المطلوبة لتمرير مشروع أردوغان تم تحقيقها تماماً في الداخل التركي، وطبيعة عﻻقاتها مع الغرب والخارج، وإستخدام روسيا للضغط على أمريكا بعد تقديم الخدمات للروس لتخويف الأمريكيين والغرب.
إﻻ أنها في المقابل نجمت هذه التحوﻻت عن كارثة داخلية وخارجية حول صيرورة الوضع التركي العام ومستقبلها ، حيث رفع مستوى الخﻻف مع الكرد ستكون لها تأثيرات خطيرة على المستوى الداخلي التركي، في ظل صعود العمليات الكردية النوعية، ودخول طبيعة المواجهات في مرحلة متطورة جداً، وتآلف الكرد حول حزب العمال الكردستاني، وزيادة الخﻻفات مع الدول الغربية التي دعمت حزب العدالة والتنمية في ظهور إسﻻم معتدل، فيما إن اﻹسﻻم السياسي بطبيعته يؤدي في المحصلة إلى التطرف الذي يمكن إحتساب نموذج حركة أخوان المسلمين في مصر وما نتج عنه من جماعات متطرفة وآخر صيغها المتطورة منظمة القاعدة والداعش وجبهة النصرة وبوكو حرام. ولعل إلتقاء المصالح بين حزب العدالة والتنمية اﻷخواني التوجه، والجماعات المتطرفة في الشرق اﻷوسط وما تفرع عنه من خﻻيا متحركة ونائمة متواجدة في روسيا أو أوروبا، جميعها تندرج في إطار التحرك العام لمركزها التركي تحت عباءة الإعتدال.
تصدير اﻹرهاب تركياً أصبح الرعب الذي يخشاه الغرب، في الوقت الذي يهدد به أردوغان الغرب علناً، وهو جزء من عملية التحركات الواضحة لنظام أردوغان في تحويل تركيا إلى قالب إسﻻمي سياسي خاص به يكون المركز للحركات والجماعات اﻹسﻻمية.

إستخدام الخديعة مع الكرد

الصراع مع الكرد يستمر بطرق وأساليب مختلفة خﻻل العقود اﻷربعة التي دخلت فيها حركة التحرر الكردية في تركيا مرحلة النضال المتطور والنوعي، حيث فهم طرق المواجهة التي يبديها العقل العمليات الكردي بات يتطور بشكل نوعي في عملية الصدام مع التيار اﻹسﻻماوي والقوموي التركي الذين طورا من طبيعة مواجهتهم وإستخدام آلياتهم العملية الفظيعة في مواجهة التطور الكردي، ويمكن مﻻحظة طبيعة الخطط التركية من خﻻل طرح صيغة الحلول المؤقتة مع الكرد وذلك لتخفيف الضغط وتمرير الخطط التي من شأنها إمتصاص التحرك الكردي الشعبي الذي بات بدوره يتطور بشكل كبير في عملية تكريس الخيار السلمي والحياة الديمقراطية الطبيعية التي هي إحدى الصيغ لكشف حقيقة وزيف اﻷتراك حول تطوير تركيا.
أعتمد أردوغان خﻻل العقدين تكتيك القبول بحلول السلمية، وعندما تجاوز نظام العدالة والتنمية المشاكل والضغوطات الداخلية والخارجية يعود فوراً إلى الخطوط الخلفية في إستخدام القوى لكبح التطور الكردي السلمي، وهذا ما شاهدنها خﻻل العام المنصرم في إخراج ثالث أكبر حزب / الشعوب الديمقراطية/ من العملية السياسية الواسعة، ودك قادتها في المعتقﻻت، وتهديد أنصار وأعضاء وقادة الحزب بالمحاكمات والتهديد بالتصفية على يد الدولة العميقة التي بدورها تزاوجت مع حزب العدالة والتنمية.


الحلول في إمرالي وقنديل والتهرب التركي المستمر

اﻹلتفاف التركي على الحقائق والحلول المطلوبة ﻹنهاء الصراع المرير مع الكرد هو جزء من المآرب السيئة التي تحملها التحركات التركية حيال القضية الكردية ككل في المنطقة وليست تركيا فحسب، ﻷن التطورات القضية الكردية في سوريا وتفرع التحرك الكردي العسكري والسياسي داخل تركيا جعلت الدولة العميقة والتيار اﻹسﻻماوي تصعيد طبيعة العنف إلى مستويات خطيرة للغاية، لدرجة إعادة تكرار اﻹغتياﻻت والتصفية العرقية وتدمير المدن والقضاء على جيل شبابي كامل سواء من خﻻل اﻹعتقاﻻت أو التصفية الجسدية أو من خﻻل دفعه إلى التهجير الخارجي أو اللجوء إلى المنفى الداخلية، مرفقة بذلك التضييق الكبير على نشاطات حزب الشعوب الديمقراطية وإعادة قصف مناطق سيطرة حزب العمال داخل تركيا وإقليم كردستان العراق، مما يوحي لنا المشهد بالعودة التركية إلى قبل عام 2000 والتي قضيت فيها اﻷتراك على آمال السﻻم والطروحات التي تقدم بها حزب العمال الكردستاني.
عمليات وقف المواجهات من طرف واحد ونداءات وطروحات المفكر والقائد الكردي عبد الله أوجﻻن من معتقله، والتحرك السلمي للكرد في الداخل التركي ﻹشاعة الديمقراطية وتوجيه تركيا نحو دمقرطة البﻻد، جميع هذه الحلول والمحاوﻻت الكردية فشلت بسبب توحيد القوى السياسية التركية ضد إيجاد حلول للقضية الكردية، وهذا يعني هناك من يدفع بتركيا إلى إعادة تكرار النموذج الدولة القوموية اﻹسﻻماوية المتطرفة تفقد فيها السلم والعدل والحريات العامة، وهذا يعني بطبيعة الحال دخول تركيا مجدداً في النفق المظلم الذي لن يخرج منه مجدداً امام التطورا الشرق اﻷوسطة والعالمية.

تآكل التداخلي للتيار اﻹسﻻماوي في تركيا

الدهليز الذي تتوجه لها تركيا لن يمر على خير في ظل إحتدام حالة المواجهات بين الكرد واﻷتراك من جانب، ومن جانب آخر حالة صدام بين الكيان الموازي اﻹسﻻمي ومحور اﻹسﻻماوي القوموي، مرفقة بذلك الضغط الغربي واﻷوروبي ، وتوجه جيران تركيا نحو عملية إنفكاك ينجم عن تطور للحالة الكردية العسكرية والسياسية، وهي عوامل بطبيعتها ستنعكس على الداخل التركي بشكل مباشر، في ظل توجه الغرب نحو التخلص من التجربة اﻹسﻻماوية التركية الفاشلة وإن كان ذلك بشكل بطيء كما هو العادة في التحركات الغربية حيال القضاية الشرق اﻷوسطية.

اﻹستفتاء والفوز المقرر ؟

جميع هذه العوامل تظهر لنا مدى الخطط واﻹمكانيات التي يملكه نظام أردوغان وحليفه الحركة القوموية التركية، وطبيعة التزاوج واﻹتفاقيات التي تدفع بالمشهد التركي إلى النفق المظلم، وتوضيح طبيعة المشهد القادم وما سيتم من نجاح أردوغان ونظامه في تمرير خططهم عبر اﻹستفتاء. نعم سيخلق أردوغان ظروف فوزه في اﻻستفتاء بحكم اﻹمكانيات والظروف التي هيئتها حزب العدالة والتنمية والدولة العميقة التركية التي يمثله القوميون اﻷتراك .

----------------------------------------------------
- رئيس تحرير الجيوستراتيجي

إرسال تعليق

3تعليقات

إرسال تعليق

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!