قراءة جيوسياسية: الولايات المتحدة الأمريكية أكثر القوى الصادقة مع الكرد في سوريا

آدمن الموقع
0


قراءة جيوسياسية/ إبراهيم كابان 

تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا بعد غزو منظمة "الداعش" الإرهابية لمقاطعة كوباني أواسط الشهر العاشر لعام 2014، ومنذ ذاك الوقت ساعدت أمريكا وحدات حماية الشعب YPG الكردية، لتتحول من قوة دفاعية تحمي عدة مدن كردية إلى هجومية، وأصبحت المنطقة الكردية الممتدة من نهر الفرات غرباً إلى نهر دجلة شرقاً، وبخط عرض تجاوز 50- 80 كلم متر، اكثر المناطق أمناً مقارنة مع باقي المحافظات السورية التي شهدت حرب اهلية، ومن ثم شكلت الوحدات برعاية أمريكية " قوات سوريا الديمقراطية" التي ضمت المجموعات من المناطق الجنوبية للشمال السوري الذات الغالبية العربية في " الرقة – منبج - شمال دير الزور"، وعلى أسرها أستطاعت هذه القوات المشتركة تحرير مناطق شاسعة من الشمال لتصل إلى نسبة 30% من الأراضي السورية، بعد هزيمة منظمة " الداعش " المتطرفة، وسيطرت القوات المشتركة على معظم السدود المائية الكبرى، ومنابع النفط والغاز التي تتجاوز 75% من الإنتاج السوري، وكامل محافظة الرقة وشمال دير الزور والحسكة وأجزاء من محافظة حلب، وهي أفضل المناطق التي تسمى سلة الغذاء السوري. مقابل ذلك دعمت الولايات المتحدة تأسيس مجالس مدنية تدير المناطق المحرر، وترعرعت داخل هذه المساحة نواة إقامة فدرالية ديمقراطية جغرافية تمثل جميع المكونات المتعايشة في الشمال السوري، لتصبح معها هذه المنطقة محميةً جوياً من قبل الاسطول الأمريكي، حيث تغطي الدوريات الجوية الأمريكية كافة هذه المناطق إلى جانب إنتشار لقوات المارينز الخاصة سواء لتدريب الجيش في هذه المنطقة أو حمايتها في عدة نقاط على الحدود مع تركيا.  
خلال السنوات الثلاثة الماضية لم تستطع تركيا خلق بؤر مواجهات كبيرة أو القيام بعمليات غزو لمنطقة روجآفا " الجزء المتواجد فيها القوات الأمريكية"، رغم محاولاتها العديدة لتنفيذ ذالك، فقد كانت القوات الأمريكية تساعد الإدارة الذاتية في سد أي هجمات، وبادرت إلى نشر قواتها على الحدود مع تركيا، ورفعت أعلامها على المباني والمؤسسات الحكومة والمنازل في المدن والبلدات المتاخمة للحدود، وفي منبج وخلال الشهرين الماضيين بعد التهديد الصريح للإحتلال التركي في غزو المنطقة، سارعت الولايات المتحدة إلى توزيع جنودها وعتادها الثقيل إلى جانب تسيير دوريات جوية بإستمرار لمنع أي تجاوز من قبل الاحتلال التركي. 
مقابل ذلك تعرض الجزء الغربي من روجآفا - شمال سوريا إلى غزو تركي، والتي تتقاطع برياً مع منبج بمسافة 25 كلم، حيث احتل الأتراك خلال العامين الماضيين المدن الكردية ذات غالبية عربية " جرابلس - أعزاز - الباب، وقسمت مقاطعة عفرين والشهباء عن تواجد قوات سوريا الديمقراطي غربي منطقة منبج، ليكون ذالك سبباً في وضع مقاطعة عفرين تحت الرعاية الروسية، بحكم الظروف التي فرضت من خلالها الروس وجودهم على معظم المناطق خارج الإدارة الذاتية. في الوقت الذي لم تنجح فيها تركيا بإقناع الولايات المتحدة الأمريكية للتنازل عن مصالحها في روجآفا، مقابل إغراءات عديدة قدموها لإقناع الأمريكيين، بينما نجحت تركيا في جذب الروس وعقد صفقات معهم على حساب المجموعات المسلحة للمعارضة بشقيها العسكري والسياسي بحكم تواجد هذه المجاميع تحت النفوذ والهيمنة الإستخباراتية التركية، وبموجب تلك الصفقات مع الإيرانيين والنظام السوري برعاية روسيا دفعت تركيا معظم المجموعات المسلحة والمتطرفة للمعارضة إلى تسليم مناطقها للنظام السوري مقابل السماح لها بغزو عفرين، وقد فعلت روسيا ذلك ونفذت تلك المخططات، ورغم مقاومة الكرد في عفرين لقرابة شهرين إلا أن إستخدام الأتراك لكافة أنواع الاسلحة ومنها المحرمة دولياً، وتوفير التغطية الروسية إقليمياً ودولياً لهذا الغزو، وأمام الصمت الرهيب الذي أبداه مجلس الأمن وحلف الناتو، أستطاعت تركيا من إحتلال عفرين وإطلاق يد المجموعات المتطرفة للمعارضة السورية في إرتكاب التغيير الديمغرافي من خلال توطين العرب والتركمان وتنفيذ أعمال إرهابية بحق المدنيين إلى جانب سرقة كافة محتويات الإقتصادية والمحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية وتدمير البنية التحتية للمنطقة. في الوقت الذي ظلت الولايات المتحدة الأمريكية ترفض أي صفقة مع الأتراك على حساب المنطقة الكردية والشمال السورية " منطقة نفوذها ".
- أقامت الولايات المتحدة الأمريكية مطارات وقواعد عسكرية في معظم مناطق روجآفا وشمال سوريا، وخاصة المواقع الحساسة.  
- زودت الولايات المتحدة الأمريكية قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب بالاسلحة الثقيلة دون توقف.
- منعت الولايات المتحدة أي تجاوز للنظام السوري والكتائب الإيرانية الموالية لها والقوات الروسية وطائراتها في إحتلال أي منطقة من الإدارة الذاتية، وقد نفذت الطائرات الأمريكية هجمات متعددة على أي تحرك.
- منعت الولايات المتحدة أي تحرك تركي بإتجاه هذه المناطق، وهددت تركيا في عدة مناسبات بالرد على أي تحرك للجيش التركي.
- قدمت الولايات المتحدة كافة أنواع المساعدة لمناطق روجآفا وشمال سوريا.
- فتحت الولايات المتحدة الأمريكية المجال للقوات الفرنسية لكي تكون متواجدة في روجآفا، وهذا يؤكد بقاء التحالف الدولي لحماية مناطق الإدارة الذاتية.
وإن كانت لم تعترف بشكل رسمي بالإدارة الذاتية، إلا ان ذالك لا ينفي حماية الولايات المتحدة لمناطق الإدارة في روجآفا وشمال سوريا.

الأطراف الأخرى والطرق المغلقة

خلال التطورات الوضع لم يقدم النظام السوري أية مبادرة لحل القضية الكردية حتى يتم فتح الباب معها لإجراء حوار، بل أعلنت في الكثير من المناسبات عدائها المباشر لقوات سوريا الديمقراطية والكرد، حتى في مقاطعة عفرين لم يقدم النظام ما هو مطلوب منها كنظام يستوجب عليها حماية حدود البلاد، وهذا ينطلي على الدور الإيراني أيضاً، الذي لعب بنفس المنوال في عقد صفقات مع الأتراك برعاية روسية ضد الوجود الكردي في مقاطعة عفرين.

وبذلك فإن أكثر الأطراف الموجودة في سوريا قدمت المساعدة للإدارة الذاتية وخاصة في الجانب العسكري هي الولايات المتحدة الأمريكية.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!