تحليل إستراتيجي .. المتوقع بين الأتراك والأمريكيين والاخرين حول قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية في الشمال السوري (السيناريو الأسوء .. 1)

آدمن الموقع
0


أفكار وتحليل/ فريق التحليل الجيوستراتيجي على الوتس آب
صياغة وتطوير الآراء إلى تحليلات / إبراهيم كابان 

يمكن فهم الحدث السوري وما ترتب عليه مؤخراً من الرؤية التالية: إن القوى التي تتقاسم الوضع السوري بالنفوذ والقوة على الأرض والتي تعتبر نفسها مسؤولة عن إصدار القرارات والتحكم بالأحداث توصلت إلى نتيجة تقسيم المناطق ورسم السياسة المستقبلية والخرائط الجديدة لسوريا وفق مصالحها حتى تكون الحصص حسب نفوذها، وتخرج أوراقها الحقيقية في الوقت المناسب، كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية في إعلان سحب قواتها من الشمال السوري. ومن الواضح إن علاقة روسيا بالنظام السوري وايران إستراتيجية إلى أبعد حدود، كما إن علاقتها بتركيا تكتيكية، كما هو الحال في علاقة الولايات المتحدة الأمريكية مع قوات سوريا الديمقراطية والتي ظهرت بشكل حقيقي على إنها مؤقتة وتكتيكية مقابل علاقاتها الإستراتيجية مع تركيا. 
اذا من المنطق أن يعمل كل قائد فريق للاحتفاظ باللاعب الأساسي وإبعاد الاحتياط ...
أمريكا ستقطع علاقتها مع قوات سوريا الديمقراطية الكرد في روج آفا، وتبني تقوي القديمة الجديدة بتركيا، وسوف ترضي تركيا على حساب الكرد في سوريا.
بينما سترضي روسيا إيران والنظام بتحريض الأتراك، وعن طريق استخبارات النظام للضغط على مشروع الشمال السوري وروج آفا بقيادة وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقارطية. وبذلك تبقي على علاقات تكتيكية مع تركيا مقابل الحفاظ على إيران والنظام كمناطق أساسية للتحرك الروسي الدائم على حساب الكرد وقوات سوريا الديمقراطية، وبالتالي تكون قد حاولت إبقاء الأتراك حليفا مؤقتاً لتمرير الغاز من البحر الأبيض إلى روسيا، ولموقع تركيا الإستراتيجي من حدودها مع التأكيد على الحذر الدائم من التصرفات التركية التي لا يمكن لها ان تبتعد عن حاضنتها الاستراتيجية- الولايات المتحدة والغرب.
من الواضح إن الجميع ضد المشروع الكردي رغم محاولة إعطاءه الطابع الأممي باتخاذ فلسفة الأمة الديمقراطية أساسا لها في الشمال السوري، ولكن لحصول الكرد على بعض حقوقهم في هذا المشروع بدأت القوى المستعمرة لكردستان تتوحد في الرأي على الكرد وتأخذ موافقة أسيادها الأساسيين لإفشال اي مشروع كردي. وفجاءت تتحول كل المسارات لتتحول إلى تهديدات عنيفة ناتجة عن عمق السياسة التركية التي بررت لها الولايات المتحدة بترديدها ( من حق تركيا الخوف على امنها الإستراتيجي ومحاربتها للإرهاب  ) وطبعاً تركيا تعتبر حزب العمال الكردستاني العدو رقم واحد وليس أية حركات أخرى تهدد العالم كـ الدولة الداعشية، وهنا تبرر القوى العالمية المهيمنة التي تنظر إلى العالم من منظور مصلحي لتساوي بين حزب العمال الكردستاني والداعش، رغم إن الأول حارب إلى جانب التحالف الدولي الإرهاب بكل أشكالها وساهمت في القضاء على قوة الداعش وانتشارها، إلا أن طبيعة العلاقات هذه القوى المهيمنة تساوي بين أية قوة وحركات وفق مصالحها الخاصة والفوائد التي تجني منها. ولعلّ تلك التوجهات ظهرت بشكل جلي مع وضع قادة من حزب العمال الكردستاني على قائمة المطلوبين لدى الأمريكيين، كنا وقتها ندرك تماماً إن التوجه الأمريكي أصبح يتضح شيء فشيء لصالح الأنظمة الظلامية في الشرق الأوسط، وإنها وتركيا تتحركان بنفس المنوال، وتلك العلاقات والشرخ بين الأمريكيين والأتراك حول الدعم الأمريكي لوحدات حماية الشعب إنما كان فقط لإنقاع الكرد والإدارة الذاتية إن أمريكا حليفتهم ولن تتخلى عنهم، حتى تم القضاء على الداعش. 
كانت لكلمة الرئيس الفرنسي حول الإنسحاب الأمريكي وطأة كبيرة على الواقع المرير الذي يتم تغيير السياسات الأمريكية عليه، حيث يسهل على الإدارة الأمريكية التخلي عن حلفائها الذين دفعوا ألاف الشهداء دفاعاً عنها مشروعها الشرق الأوسطي، حيث تبين الغدر الأمريكي بشكل احمق دون سابق أنذار في التضحية بشريك محلي قوي لصالح الأتراك. 
فيما ستتحرك روسيا نحو توجيه الكرد إلى النظام كحل لخلاصهم من التهديدات التركية، والنظام بطبيعة الحال لم يتغير في ذهنيته الإستبدادية إتجاه القضية الكردية، وإن رضت ببعض القليل من إعطاء الحقوق الكردية في هذه المرحلة، وبذلك تنجح روسيا بعودة مؤسسات النظام الى مناطق الادارة الذاتية ورفع العلم السوري على الدوائر الحكومية ومعابرر الحدود. وعلى ذلك سوف ينظم النظام السوري دستوراً لن يكون للكرد فيه كما يريدونه من حقوق مشروعة، وإنما ستكون بمثابة مكرمة وصدقة، وسوف يبدأ النظام بإعادة ترتيبات إلى وما قبل 2011 بشكل مبطن، أي ما قبل الثورة السورية.
وهنا تكمن الكارثة الحقيقة بحق الكرد أن لم يكونوا بحجم المعطيات الجديدة على الأرض على المستويين العسكرية والدبلوماسي، لذلك يتطلب تهيئة الظروف من أجل وقوف كافة فئات المجتمع لإعلان نفير عام ودعم المقاومة ضد الإحتلال التركي.
إن الإدارة الذاتية تواجه معضلة صعبة جداً في هذه المرحلة الهامة من تاريخ الأزمة السورية، ويقابل ذلك خطر كبير ومفرزات قد تكون لها نتائج كارثية تلزم إرادة صلبة ومقاومة حقيقة، وقبل كل شيء توحيد الصف الكردي والسوري.

وبناء على هذه القراءة يمكن توقع السيناريو الأسوء للأحداث وفق الآتي:

- الولايات المتحدة الامريكية ربما لن تتوقف عند التخلي عن قوات سوريا الديمقراطي والإدارة الذاتية، وإنما ستعمل على تمكين تركيا في السيطرة على هذه المناطق لضمان القضاء على الداعش ومنع النفوذ الإيرانية (وطبعاً تركيا لديها علاقات إستراتيجية مع إيران والداعش)، وذلك مقابل القضاء على الادارة الذاتية بشكلها القائم. 
- من المتوقع أن تتوجه ادارة ترامب إلى مفاوضات مكثفة مع تركيا لإبعادها عن روسيا ورفع مستوى الصفقات التجارية معها، وخلق عمق في علاقاتها مع إسرائيل للحفاظ على أمنها، ومسألة سحب القوات الأمريكية خلال فترة شهر أو شهرين إنما لضمان عودة تركيا إلى الحضن الأمريكي وكذلك لتهيئة الأجواء الداخلية الأمريكية والخارجية الأوروبية وكذلك الخليجية العربية - حتى لا تكون هناك ظهور سلبيات كبيرة في عملية تسليمها. 
فرنسا وبريطانيا وألمانيا لا يستطيعون فعل شيء سوى إطلاق التصريحات، لأن طبيعة تواجدهم في حلف الناتو مع تركيا، والميلان الأمريكي لتركيا يجبرهم على عدم إتخاذ مواقف شديدة ضد تركيا، وهم بطبيعة الحال إن كانوا جاديين في دعم قوات سوريا الديمقراطية لأعلنوا عن إجتماع طارئ لمجلس الأمن من اجل الحفاظ على هذه القوات التي حاربت ضد الإرهاب لصالح الغرب والأمريكيين. ومن الواضح إن الجميع يريد ان يضيع الوقت حتى تتربع خطط إدارة ترامب مع تركيا. 
- وحول الأزمة القائمة بين المسؤولين الأمريكين سيتم تخفيفه خلال الأسبوعين القادمين، وخلالهما لن تفعل تركيا شيء حتى لا تثير الرأي العام ضد إدارة ترامب. وبصدد ذلك تقول مجلة " السياسة الخارجية الأمريكية" وهي احدى الروافد السياسة الامريكية:( إن تحركات الرئيس ترامب صحيحة في هذه التوقيت). ومن الواضح إن الرأي الشعبي الأمريكي يؤيد تصرفات ترامب، وإن المسؤولين الذين رفضوا خطط ترامب سوف يستسلمون في نهاية المطاف ، لأن ترامب حقق بذلك لهم مرابح تجارية وعودة تركية إلى شرطي للمصالح الغربية ، وتأمين موارد ومبيعات اسلحة لتركيا، وهذا ما تطلبه أوروبا، وهذه لصالح أوروبا التي تخشى من التقارب التركي الروسي. وعلينا أن ندرك إن الطبقة المتوسطى في الولايات المتحدة الأمريكية معظمها تؤيد قرار ترامب، ومن الواضح إن ترامب سوف يشتري الذين رفضوا خطوته بالمال والمناصب، وسوف يحصل من استقال على كراسي افضل من السابق ,..
- وحول الموقف الفرنسي الرافض للإنسحاب الأمريكي، لن يدوم بهذ المستوى الرافض، لأن أحد الاسباب الرئيسية لذلك هو إن ترامب بهذه التحركات والقرارات أمنت لهم إبعاد تركيا عن إجراء علاقات إستراتيجية مع روسيا، وبذلك ضمن للغرب الإبقاء على حصار حلف الناتو حول المصالح الروسية من خلال تركيا، رغم إن تركيا تخدع الجميع وعلاقاتها مع روسيا أيضاً وصلت إلى حد مخيف. إلا أن طبيعة السياسات الناعمة للدول الأوروبية هي التي تدير المواقف.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!